الغديوي: الجزائر ما تزال معقلا للثوار    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    جبهة المستقبل تحذّر من تكالب متزايد ومتواصل:"أبواق التاريخ الأليم لفرنسا يحاولون المساس بتاريخ وحاضر الجزائر"    الجزائر تحتضن الدورة الأولى ليوم الريف : جمهورية الريف تحوز الشرعية والمشروعية لاستعادة ما سلب منها    المحترف للتزييف وقع في شر أعماله : مسرحية فرنسية شريرة… وصنصال دمية مناسبة    تلمسان: تتويج فنانين من الجزائر وباكستان في المسابقة الدولية للمنمنمات وفن الزخرفة    مذكرات اعتقال مسؤولين صهاينة: هيومن رايتس ووتش تدعو المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    قرار الجنائية الدولية سيعزل نتنياهو وغالانت دوليا    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي محمد إسماعين    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    الجزائر محطة مهمة في كفاح ياسر عرفات من أجل فلسطين    الجزائر مستهدفة نتيجة مواقفها الثابتة    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    47 قتيلا و246 جريح خلال أسبوع    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    تعزيز روح المبادرة لدى الشباب لتجسيد مشاريع استثمارية    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    البطولة العربية للكانوي كاياك والباراكانوي: ابراهيم قندوز يمنح الجزائر الميدالية الذهبية التاسعة    4 أفلام جزائرية في الدورة 35    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    السلطات تتحرّك لزيادة الصّادرات    بورصة الجزائر : إطلاق بوابة الكترونية ونافذة للسوق المالي في الجزائر    إلغاء رحلتين نحو باريس    البُنّ متوفر بكمّيات كافية.. وبالسعر المسقّف    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    مجلس حقوق الإنسان يُثمّن التزام الجزائر    مشاريع تنموية لفائدة دائرتي الشهبونية وعين بوسيف    اللواء فضيل قائداً للناحية الثالثة    المحكمة الدستورية تقول كلمتها..    المغرب: لوبي الفساد يتجه نحو تسييج المجتمع بالخوف ويسعى لفرض الامر الواقع    الأمين العام لوزارة الفلاحة : التمور الجزائرية تصدر نحو أزيد من 90 بلدا عبر القارات    دعوى قضائية ضد كمال داود    تيسمسيلت..اختتام فعاليات الطبعة الثالثة للمنتدى الوطني للريشة الذهبي    الخضر مُطالبون بالفوز على تونس    الشباب يهزم المولودية    سباق الأبطال البليدة-الشريعة: مشاركة أكثر من 600 متسابق من 27 ولاية ومن دول اجنبية    وزيرة التضامن ترافق الفرق المختصة في البحث والتكفل بالأشخاص دون مأوى    النعامة: ملتقى حول "دور المؤسسات ذات الاختصاص في النهوض باللغة العربية"    العدوان الصهيوني: الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوء والكارثة تجاوزت التوقعات    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 أيام في مخاض ثورة الياسمين على صوت الخرطوش
مشاهدات عائد من تونس
نشر في الفجر يوم 19 - 01 - 2011

من المتعارف عليه أن تعريف الصحفي في نظام تونس زين العابدين وسائر الأنظمة الدكتاتورية بأنه جاسوس وخطر على الأمن، هذا في الحالات العادية، فما بالك بصحفي دخل تونس عبر بوابتها الرسمية 52 ساعة قبل فرار زين العابدين ليغطي ثورة الياسمين الشعبية ومخاضها
وإن كانت تونس قد تخلصت من دكتاتورية الزين والطرابلسية فإن كابوس تقاليد الحزب الواحد ومظاهرها مازالت بادية للعيان.
كانت رحلة “الفجر” إلى تونس لتغطية الثورة الشعبية المنددة بنظام زين العابدين وفساد عائلة الطرابلسي، أشقاء حرم الرئيس الفار، ليلى زين العابدين، غير مدروسة مسبقا، كان من المفروض أن تتم إجراءات السفر يوم الأربعاء ولتضارب أنباء حول لجوء نظام العابدين إلى غلق الحدود مع الجزائر تريثت السفرية إلى يوم الخميس، وبعد إتمام إجراءات السفر بصورة استعجالية، توجهنا إلى مطار هواري بومدين، حيث كانت أول الصورة الدالة على قساوة ما يحدث في تونس في مكتب تسجيلات المسافرين لرحلة تونس، تراجع كبير في عدد الجزائريين القاصدين تونس رغم إجراءات التخفيض الخاص بثمن التذكرة التي طبقتها الجوية الجزائرية، حيث لم يكن في الرحلة التي انطلقت في حدود الرابعة مساءً سوى 45 مسافرا أغلبهم من الجزائريين القاصدين تونس لأغراض تنحصر بين الدراسة والاستشفاء وهو حال كثيرين، منهم عبد الله التيارتي، زهرة، فوزية وعماد وآخرون.
كابوس بدأ من السماء
وكانت الرحلة حسب ما رصدته “الفجر” محفوفة بأحاسيس الرعب والخوف، نظرا لتلك الصور الإعلامية متعددة الوسائط التي كانت تنشرها وسائل الإعلام حول الأوضاع في تونس، حيث لم تخل الرحلة طيلة ساعة و10 دقائق من أسئلة المسافرين فيما بينهم عن أسباب التوجه نحو تونس واستفسارات حول تطورات الأوضاع. ومازاد الوضع رعبا وإحباطا في نفسية المسافرين الصور التي كانت تتناقل هنا وهناك من نوافذ الطائرة وهي تقترب تدريجيا في الهبوط نحو مطار قرطاج الدولي، ومن الصور المرعبة “دبابات الجيش التونسي، لهيب النيران ومظاهرات” وهي صور كانت كافية للتعبير عن وضعية بلد يعيش ظروفا غير عادية.
مضايقات النظام ل “الفجر” 52 ساعة قبل انهياره
حطت الطائرة التي كانت تقل “الفجر” أرضية قرطاج في حدود الساعة الخامسة و10 دقائق، ومازاد من رعب المسافرين هو الأجواء غير العادية لمطار قرطاج، خاصة لأولئك الذين اعتادوا زيارة تونس لسبب أو لآخر، فقد كان بهو المطار خال من حركة السياح من الوفود الأجنبية المتعددة، ضف إلى ذلك غلق شبه كلي للمتاجر ومكاتب البنوك وباقي الخدمات.
ولم يكن لهذه المظاهر أي أثر على المسافرين الذين ختم البوليس على جوازاتهم وغادروا نقطة المرور باستثنائي، حيث سحب جواز سفري وطلب مني الانتظار وبقيت في البهو لمدة تفوق الساعة وأعين البوليس تراقبني باستمرار، شعرت بخوف وانتابني إحساس غريب، قبل أن اقتاد الى مكتب خاص ويواجهني البوليس بوابل من الأسئلة، أولها ماهو سبب حضورك إلى تونس في هذا الظرف ؟ وماهي الجهات التي أوفدتك ؟ ومن الأسئلة الأكثر غرابة: ماهي قراءتكم لما يحدث بتونس ؟ إلى جانب أسئلة أخرى خاصة بتوجهات الجريدة ومن يقف وراءها، وكان في حديث الضابط الذي كان يسألني وسط اثنان من أفراد الشرطة شبه إلمام بجريدة “الفجر”. فاقت مدة الحجز عند هذه المصالح ساعتين من الزمن قبل أن يخلي سبيلي بعد تهديد بعدم نشر ونقل أخبار مسيئة إلى دولة تونس، وسط ظلام دامس ودقائق قبل بداية حظر التجوال الذي كان مقررا يوم الخميس ابتداء من الثامنة مساء، خرجت المطار ولم يكن به وسائل النقل وسط تواجد أمني مكثف.
كان وصول “الفجر” إلى فندق “خير الدين باشا” في حدود الساعة الثامنة والنصف ليلا وسط صمت رهيب بالشوارع على مسافة 5 كيلومترات، تزامن والخطاب الأخير للرئيس زين العابدين بن علي ، وهو الخطاب الذي اعترف فيه بأخطائه على مدار 23 سنة من قبضته الحديدية ، وما أن أنهى الرئيس خطابه حتى امتلأ الشارع المحاذي للفندق عن آخره بالجموع التي قيل إنها من تنظيم مناضلين من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي أرادوا كسر غضب ثائري الياسمين.
جمعة سوداء
كانت الساعات الأولى لنهار الجمعة هادئة وسط غياب كلي لمظاهر الحياة، حتى في بهو الفندق، فلا مقاه ولا جرائد ولا محلات ولا وسائل نقل واتصال. وفي حدود الساعة العاشرة بدأت وفود كبيرة من الشباب والنساء والمحامين تتوجه إلى شارع لحبيب بورقيبة أمام مبنى وزارة الداخلية وهي الوزارة التي يتنفس بها نظام بن علي سابقا، حيث حولت هذه الجمعة اللون الأخضر لتونس الى سواد، زادته عتمة نيران الغازات المسيلة للدموع والطلقات النارية التي لم تثن من عزيمة الثائرين في وجه نظام بن علي، وتحولت موسيقى الشوارع الى دوي الرصاص، ولم تتوقف مضايقات الأمن التونسي ل”الفجر”، بل طالتها الى محل الاتصالات التي أرسلت منه أوراق الفاكس، وهو المحل الذي قالت لي صاحبته “أنت ترسل تقريرا وهذا ممنوع”، ماجعلها تنادي عناصر الشرطة الذين اقتادوني إلى مقر مخفي تبيّن لي لاحقا أنه مقر أمن. وبعد تفتيشي وإعادة طرح وابل من الأسئلة تصب في نفس سياق الأسئلة الأولى أطلقا سبيلي وسط تهديدات بعقوبات أندم عليها، حسب تعبير أحد عناصر الأمن، إن أرسلت أي موضوع يسيء الى تونس.
طوارئ ورصاص بعد انتشار خبر فرار زين العابدين
كان انتشار خبر فرار الرئيس زين العابدين إلى خارج البلاد الأثر البالغ في نفسية الشعب التونسي الذي خرج إلى الشوارع باتجاه طريق مطار قرطاج رغم حالة الطوارئ القصوى التي قلصت حظر التجول الى حدود الخامسة والنصف، ومازاد الطين بلة هو تلك الطلقات النارية التي كانت تطال المدنيين من جهات لم يتم التعرف عليها، وكذا حالات الاعتداءات على المواطنين قبل أن يتضح أن هؤلاء هم من عصابات وميليشيات الرئيس الفار من الحزب الحاكم ومن أفراد الأمن الرئاسي.. وباقتراب الساعات فقدت تونس ثقة شعبها، حيث كانت طلقات الرصاص تتواصل من سيارات الإسعاف وسيارة التأجير ...الخ، وهي الاعمال التي قابلها الشعب بتخريب ممتلكات الحزب الحاكم وزوجة الرئيس وأشقائها.
صورة للتضامن الجزائري في عز محنتهم
وكانت لصور تضامن الجزائريين سواء في الشوارع والطرقات، لاسيما طريق شارع عنابة وسط العاصمة، الذي كان يضم عشرات من العائلات جاءت لذويها في السجون أو بالفنادق ومقر القنصلية العامة وسط شارع النيجر، استثناء، من خلال صور تقاسم الطعام والشراب حتى وان كان نادرا في تونس بالإضافة الى صور وفود الجزائريين الذين كانوا يحجون الى بيت الشهيد المرغيني لأداء واجب التعزية بحي الكرم الغربي على بعد 9 كيلومترات من العاصمة تونس وهو البيت الذي صنع جوا جزائريا خالصا، هذه الصور جعلت من الجزائريين يلقنون التونسين قاموس الجود والكرم وهو ماجعل الحاجة مريم تستدعي عشرات الجزائريين الى بيتها وتجمعهم على طاولة “البركوكس” و”اللبلابي” الأكلة التونسية الشعبية الشهيرة.
ترسبّات نظام
وحتى وإن كانت تونس وشعبها تخلص من عقدة اسمها القبضة الحديدة لزين العابدين، إلا أن بعض فعاليات الشعب التونسي لاتزال لم تتخلص بعد من عقدة الدكتاتورية، وهو ما توقفت عنده “الفجر” طيلة 4 أيام من احتكاكها بمختلف فعاليات الشعب التونسي الذين لايزال البعض منهم يرفض الإجابة عن الأسئلة التي تدور حول أسرار الرئيس بن علي وزوجته ليلى بالإضافة الى حاشيته وباقي أفراد أسرته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.