أكد الاقتصادي والخبير في الموارد البشرية، عبد الحق لعميري، على الحاجة الملحة لانشاء هيئة إستراتيجية للتخطيط تضم نخبة الخبراء في مجالات مختلفة، وتكون تابعة لرئاسة الجمهورية، وتكلف بوضع مخططات لمعالجة الملفات ذات الطابع الاستعجالي، وأخرى للمدى المتوسط والطويل، وهو ما لا تستطيع القيام به وزارة الاستشراف والإحصائيات الجديدة ولا الوزارات التي تخطط كل منها على حدة، مع فتح حوار متعدد الأطراف يجمع الساسة والنقابيين وممثلي المجتمع المدني للخروج بقرارات سليمة لمعالجة مواطن الخلل بن حبيلس تطالب بمجلس أعلى للشباب لمنع استغلال مأساته الاجتماعية فصل، أمس، الدكتور عبد الحق لعميري، خلال ندوة جريدة “الشعب”، في أسباب التهميش وارتفاع نسبة البطالة وسط الشباب، منهم الجامعيون، والتي ترتكز أساسا على عدم التنسيق بين التكوين ومتطلبات سوق العمل، وإهمال جانب التكوين النوعي للموارد البشرية وتأهيل الشباب الجامعي لجعلهم في مستوى تولي مهمة معينة، وأضاف المتحدث أن الدول الناجحة اقتصاديا وضعت قاعدة الاستثمار في الذكاء البشري وتطويره باستمرار، وخصصت معاهد إستراتيجية تضم خبراء يقومون بالتخطيط، وهو ما تفتقر إليه الجزائر التي خصصت أموالا طائلة دون الاهتمام بالتكوين النوعي للموارد البشرية أو التخطيط على المدى المتوسط والطويل، ولا لتأهيل الشباب الجامعي الذي يعاني من البطالة. وانتقد المصدر اللجوء إلى سن قوانين دون تحضير الأرضية المناسبة لتطبيقها أو دراسة عواقبها، كمحاولة القضاء على الاقتصاد الموازي في وقت مايزال الاقتصاد الرسمي ضعيفا وهشا ولا يحقق نسبا مقبولة من التنمية، مقارنة بالطاقات التي تتوفر عليها الجزائر. ودعا الدكتور عبد الحق لعميري إلى إنشاء صندوق لإعادة الهيكلة مثلما هو معمول به في عدد من الدول التي تعاني أقل نسبة من المشاكل الاقتصادية والبطالة، يساهم في حل عدد من المشاكل، منها تكوين الأشخاص ودمجهم في المؤسسات. وفي ذات السياق، عبر لعميري، الذي تحفظ عن الخوض في الجانب السياسي من مشكل تهميش الشباب، عن رفضه لجوء الدولة إلى صرف الملايير على مؤسسات عمومية فاشلة بدلا من إعلان إفلاسها، الذي حتى وأن يحيل عددا من العمال على البطالة فإنه يمكن آخرين من شراء معدات وخلق عشرات المؤسسات في أربع سنوات قد توظف الآلاف من العمال، مع التكفل بالعمال المسرحين وتكوينهم لدمجهم في مؤسسات أخرى . وحسب الشروحات التي قدمها الدكتور لعميري، أمس، فإن الخلل ليس في معدل البطالة فحسب، وإنما المشكل يمتد إلى أبعد من ذلك، وهو التكوين بدءا من التربية في الطور الابتدائي إلى التعليم العالي والتكوين، وأشار إلى انعدام التناسق بين التكوين وسوق الشغل، حيث يتم تكوين آلاف الشباب في مجالات تحتاج إلى عدد أقل مما تم تكوينه، داعيا إلى التركيز على منح الأولوية لتكوين عال لعدد محدود من الموارد البشرية في تخصص ما، بدلا من تكوين الآلاف الذين قد يحالون على البطالة ويكونون عبئا على الدولة، وقال إن “ تكوين عشرة مهندسين تكوينا عاليا أفضل من حيث النتائج من تكوين عشرة آلاف قد يحالون على البطالة”. وأضاف المصدر أن التكوين يحتاجه الجميع من رئيس بلدية إلى وزير، وهو ما فعلته الدول التي تعد حاليا من أقوى الاقتصاديات منها الصين، التي ركزت على التسيير بإدارة الأهداف، أي وضع كل واحد لهدف نصب عينيه يحققه في مدة معينة أو الاستغناء عنه، و قال إن التهميش يأتي من انعدام ميكانيزمات صحيحة للتسيير، وهو لب المشاكل التي تتخبط فيها الجزائر. وفي السياق ذاته، شدد المصدر على أهمية فتح حوار مع القوى الفاعلة من أحزاب سياسية ونقابات والمجتمع المدني لوضع تخطيط جيد لتصحيح مواطن الخلل، وفي نفس الاتجاه سارت الوزيرة السابقة سعيدة بن حبيلس، التي طالبت بمجلس أعلى للشباب يكون فضاء لمناقشة مشاكلهم وانشغالاتهم، ويكون الشباب طرفا فاعلا فيه بدلا من “التفكير بدلا عنه”، و محاولة استغلال مأساتهم الاجتماعية.