تناشد عائلة “تيت” المكوّنة من أب وزوجة وبنتين، المقيمة بمقبرة سيدي يحيى التابعة لبلديّة الشفة بالبليدة من السّلطات المحليّة والولائيّة النظر في وضعيتها وانتشالها من معاناتها التي تكابدها، بعد أن اتخذت من غرفة الصلاة على الموتى سكنا لها منذ عامين عندما سدّت كلّ الأبواب في وجه عائلةٍ لم تقوَ على تسديد تكاليف إيجار سكن بعيد عن الأموات تروي الزوجة كيف قادها القدر وبناتها لمجاورة الموتى بعد سنوات من رحلة البحث عن شقّة تتناسب ودخلهم المالي الزهيد، قبل أن تزيد معاناتهم بعد تسريح الزوج من عمله بسبب الغيابات المتكرّرة، فالعائلة هربت من جحيم حياةٍ كانت تعيشها ببيت إحدى أقاربها لتستأنس بمجاورة قبور الموتى في ظلّ مكابدتها براثن الفقر المدقع لغياب أي مورد مالي سوى صدقات المحسنين، لكنّها - تضيف العائلة - تدفع ضريبة العيش أضعافا، “فحياتهم تلوّنت بالسّواد وامتزجت بنكهة الموت”، وهو ما وقفت عليه “الفجر” في تلك الغرفة الموحشة والتي ارتفعت بها نسبة الرطوبة وغابت عنها الإنارة ودورة المياه لتزيد من كآبة المنظر، حيث تتوفّر الغرفة على كل الشروط الواجب توفرها من أجل جلب كل أنواع الحشرات والقوارض وحتى الأفاعي في وسط الظلمة الحالكة التي طغت على ضوء الشموع. تسرد العائلة المنحدرة من بلدية موزاية أوّل يوم لها قضته داخل قبّة تضمّ 12 ضريحا قبل أن تنتقل إلى غرفة الصلاة على الموتى، حيث روت لنا الزوجة وهي تتحسّر على فلذات كبدها اللواتي يقضين طفولتهن وسنوات عمرهن الأولى في الحياة بين الأموات “إنّنا نقضي ليال بيضاء أيّام هبوب الريح وهطول الأمطار الرّعديّة” مصوّرة لنا “مشهد حلكة الظلام مع بياض القبور”. ليبقى حلم هذه الأسرة الصغيرة مسكنا فقط، مسكنا قالت الزوجة إنه سيكون بمثابة قبر للدنيا التي ضاقت بهم وألقت بهم بين الأموات.