تخفي المساحة الجمالية التي أعطاها المسؤولون لواجهة مدينة المدية وبعض مدن الولاية، الكثير من المآسي عبر مختلف الأحياء الشعبية التي غابت فيها أبسط مقومات المدينة العصرية، بعد أن حرمت من أبسط المرافق الضرورية، وأصبحت عبارة عن “ڤيتوهات” اجتمعت فيها الآفات الاجتماعية، على غرار الحي القصدير بعين العرايس. استقرت أكثر من 500 عائلة بمرتفعات عين العرائس، المنطقة الفاصلة بين عاصمة الولاية المدية وذراع السمار، في بيوت قصديرية أقامها أفرادها منذ 15 سنة، بعد أن فروا من جحيم الجماعات الإرهابية التي دمرت بيوتهم. وتعيش تلك العائلات في فقر مدقع بسبب حرمانهم من أدنى متطلبات الحياة الكريمة، رغم كون هذه المنطقة ضمن المحيط العمراني لبلدية ذراع السمار، إلا أن حالتها و وضعية سكانها لا توحي بذلك، بل يخيل لك وأنت تدخل إلى الحي القصديري بأعالي عين العرايس أنك في منطقة نائية، حيث تضطر للمرور عبر مسالك ترابية صعبة للوصول إلى مجمع من البيوت المبنية بالطوب والقصدير، إذ مايزال أغلب سكان الحي يجلبون ماء الشرب من المناطق المجاورة على ظهور الحيوانات، في حين يلجأ البعض الآخر إلى حفر خنادق لصرف فضلاتهم التي تصب بين البيوت، مكونة بركا قذرة تشكل خطرا على صحتهم. وما زاد من تدني المستوى المعيشي لتلك العائلات، أنها فقدت كل ما تملكه، كمهنة الفلاحة التي استغنت عنها يوم غادرت مناطقها الأصلية في التسعينيات من مختلف بلديات الولاية، حيث عجزوا عن العودة إلى مناطقهم الأصلية، وأصبحت عودتهم مع مرور الوقت تكاد تكون مستحيلة، يقول سكان الحي، الذي بلغ تعداد سكانه حسب آخر الإحصائيات أكثر من 1000 نسمة، أنهم لم يستفيدوا من أي مشاريع فيما يخص التهيئة على غرار باقي الأحياء الموجودة بوسط المدينة، فلا أرصفة ولا مجاري المياه ولا إنارة عمومية، ما ساعد على انتشار الحيوانات الضالة بكل أنواعها، والتي أصبحت هي الأخرى تشكل خطرا على حياتهم.