يستغل العشرات من السكان عبارة “السلطات تمارس التهدئة الاجتماعية” مطية لاحتلال مساحات عقارية شاسعة ملك للدولة، ولعل ما يحدث في بلديات الجهة الشرقية لولاية المسيلة يدعو للدهشة والغرابة في ظل تنامٍ خطير لهذه الظاهرة التي يحركها - حسب المتتبعين - أصحاب الأموال الذين تعمّدوا رفع أسعار العقار إلى مستويات تضاهي المتداولة في المدن الكبرى وفي سياق متصل، تم بيع قطعة أرض بعقد عرفي مساحتها 800 متر مربع بمليار و200 مليون سنتيم، حيث ازدهرت تجارة بيع العقار بأسعار خيالية على مستوى القطع الأرضية المتواجدة في موقع مميز على قارعة الطريقين الوطنيين 40 و28، حيث يحدث مزاد سري بين السماسرة والبارونات ليتحول إلى علني تتداوله الألسن، وهي طريقة إشهارية يلجأ إليها عادة هؤلاء التجار حتى تصل الأسعار إلى مبالغ خيالية. ولم يتوقف سماسرة العقار عند هذا الحد؛ بل لجأوا إلى مساحات أخرى كانت بالأمس القريب جنّات خضراء تنتج أجود أنواع الحبوب كالقمح والشعير، وهي الأراضي المعروفة لدى العامة ب” العروشية “ التي ورثها أصحابها أبا عن جد، دون حيازتهم على وثائق الملكية، حيث تباع هي الأخرى بأسعار مختلفة أسالت لعاب الكثيرين، حيث بيعت عشرات الهكتارات في سابقة قلّما شهدتها المنطقة. ويؤكد المتتبعون لهذا الملف أن أصحاب الأموال دخلوا في سباق مع الزمن لتبييض أموال طائلة مباشرة بعد صدور القانون الذي يحدد حركة سير الأموال قبل إلغائه مؤخرا، في حين يشير آخرون إلى أن إعلان إنجاز سد سوبلة كان سببا في فتح شهية هؤلاء لشراء أكبر وأجود المساحات، وهو ما يفنّده مصدر مطّلع، الذي أكد أن ممتهني شراء العقار بهذه الجهة لا يفقهون شيئا في ممارسة الفلاحة، وهم معروفون بماضيهم الأسود في ممارسة كل أنواع المحرمات والمحظورات، بالإضافة إلى أن غالبيتهم مدانون لدى البنوك بأموال طائلة ويلجأون إلى شراء الأراضي وتمليكها عن طريق عقود استصلاحها في إطار الاستثمار الفلاحي، ثم رهنها لدى البنوك لاقتراض الملايير وممارسة تجارتهم المعروفة لدى العام والخاص. واستفحلت بشكل ملفت ظاهرة البناءات الفوضوية، حيث تم تشييد عشرات المساكن بطرق غير قانونية تواطأ فيها رؤساء عدة بلديات، حيث تشير مصادرنا إلى إصدار العديد من قرارات الهدم، غير أن تنفيذها على أرض الواقع بات مستحيلا في الوقت الراهن، لأن السلطات تمارس التهدئة، وهي العبارة التي أصبحت شائعة وتتداولها الألسن على نطاق واسع، رغم انتهاك القانون. ولعل أبرز عينة صادفتنا أثناء قيامنا بجولة عبر عدد من هذه البلديات، ما حدث في بلدية بلعايبة، حيث قام مواطنون في وضح النهار بالاستحواذ على أرض بجانب الطريق الوطني رقم 28 ويقام عليها السوق الأسبوعي، حيث يمكن الجزم أن الأجهزة غائبة تماما عن هذه البلدية التي انفردت بالاستثناء في كل شيء وتحوّلت إلى شارع رئيسي تمتزج فيه الفوضى بكل أشكالها. ولا عجب أن تجد مواطنا يغلق الشارع الفرعي أو يشيد بناء بالقرب من الوادي، وغيرها من المظاهر السلبية التي حوّلت شبه المدينة إلى مركز ريفي يغرق في الفوضى رغم إمضاء عشرات القرارات بالهدم من قبل السلطات التي لم تستطع إلى يومنا هذا تنفيذها على أرض الواقع ببلديات الجهة الشرقية عموما وبمقرة وبلعايبة، رغم أن والي الولاية سبق وأن توعّد بإقالة كل رئيس بلدية لا يحارب ظاهرة البناءات الفوضوية.