في الوقت الذي تعرف فيه ولاية سطيف رخاء تحرك العجلة التنموية بعد البرامج المالية الضخمة التي أعقبت مختلف البرامج التنموية، إذا بفضيحة تهتز لها الولاية من العيار الثقيل أبطالها سماسرة عاثوا في الأراضي الفلاحية فسادا. الفضيحة الجديدة تأتي لتكملة مسلسل الاختراق الفاضح في حق العقار سنوات التسعينيات والتي لاتزال آثارها شاهدة إلى يومنا هذا، كان أبطالها مسؤولون تركوا لدى سكان سطيف ذكريات سيئة بعد الذي فعلوه بهذه الولاية. هذه المجموعة من المافيا أجبرت الوالي السابق على اتخاذ قرار تجميد العقار كأول خطوة له مباشرة عقب تنصيبه على رأس الولاية وبقي العقار مجمدا إلى يومنا هذا، إلا أن هنالك البعض ممن يستغلون الفراغات لتحقيق مآربهم. وعلى الرغم من كل هذا إلا أن الأمر مازالت تعترضه انحرافات بعد ظهور مافيا جديدة تشترك في نفس القواسم مع مافيا التسعينيات، غير أن أوجه الاختلاف تكمن في طبيعة التجارة، فمافيا التسعينيات عبثت بالعقار بوسط المدن الكبرى لاسيما عاصمة الولاية، لكن مافيا هذا الزمان جعلت صوب أعينها الأراضي الفلاحية كهدف لها. وفي هذا الإطار تحصلت ''الحوار'' على نسخة من ملف حامل في طياته وثائق وأدلة على فضيحة عقارية جديدة، ففي رسالة ممضاة من قبل مجموعة من المواطنين ببلدية قجال من ضحايا هذه المجموعة، معنونة بتقرير خطير عن مجموعة تمارس النصب والاحتيال على المواطنين بالتواطؤ مع موثق ورئيس بلدية، يؤكدون فيها أنهم قاموا بشراء قطع أرضية من قبل أشخاص على أساس أنها مخصصة للبناء بمبالغ مالية تتراوح ما بين 200 و300 مليون سنتيم للقطعة الواحدة حسب المساحة في إجراءات تبدو في الوهلة الأولى قانونية بالنظر إلى طبيعة الوثائق المستعملة بالتنسيق مع أحد الموثقين الكائن مكتبه بإحدى بلديات سطيف بالجهة الجنوبية للولاية، لكن ما كان يجهله الضحايا من المواطنين المشتكين بعد إتمام جميع الإجراءات اصطدامهم في آخر المطاف بحاجز رخصة البناء التي تسلم من طرف المصالح التقنية للبلدية التي تعد الوثيقة الرئيسية والأساسية لمباشرة عملية البناءات، ما جعلهم معلقين بين السماء والأرض وبدأت بهذه الخطوة تتضح معالم الخدعة المرسومة. وعن رد المحافظة العقارية للولاية فقد أكد مسؤولوها وجود مثل هذه التلاعبات منذ سنوات، حيث تلجأ هذه المجموعة بتجزئة الأراضي ذات الاستغلال الفلاحي على شكل قطع سكنية وتغيير طبيعتها القانونية متحديين القوانين والنصوص، وأمام هذا الوضع لم تبق المحافظة مكتوفة الأيدي بل لجأت في بداية الأمر إلى معارضة العملية لمدة تزيد عن السنة بعدم تسليم الدفتر العقاري ومراسلة المسؤولين على مستوى المركزية. وتضيف مصادرنا أن هذه المجموعات من السماسرة تلجأ إلى النصب على البعض من زبائنها فيما أن البعض الآخر من الزبائن على دراية تامة بعدم قانونية المعاملة التجارية، وأن الدولة لا محالة ستقوم بتسوية الوضعية آجلا أم عاجلا كما حدث بالنسبة للأحياء الفوضوية التي تمت تسويتها بعد صدور القانون 85/10 الرامي إلى تسوية البناءات الفوضوية بعدما تبين أن أصحابها تحصلوا في آخر المطاف على الغاز، الكهرباء والماء.. ولقطع دبر هذه المافيا، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أكد المحافظ العقاري السيد بضياف ضرورة تحرك الجميع من المسؤول الأول إلى باقي الهيئات بما فيها الموثقون وشرطة العمران بالإضافة إلى إصدار نصوص قانونية واضحة تمنع عملية البيع في الشيوع. وحسب الوثائق المتحصل عليها فانه تمت عملية بيع قطعة أرض شائعة مساحتها الإجمالية 3870 م2 تؤخذ على الشيوع في قطعة أرض طبيعتها فلاحية تقليدية بالمكان المسمى لقصاصبة بتراب بلدية قجال تبلغ مساحتها 1 هكتار 2 أر و50 سنتآر.. هذه القطعة تبين أنها جزئت إلى قطع للبناء بمساحات متباينة بيعت لمواطنين أوهموهم بالتواطؤ مع الموثق الذي يؤكد للزبائن سلامة العملية. وكما كان الحال أجريت جميع عمليات البيع لدى نفس الموثق إضافة الى مخطط لقطعة أرض فلاحية تقع بالحشايشية بالقرب من مطار سطيف مقابل مفرزة الحرس البلدي، تم تجزئتها إلى77 قطعة بيعت أغلبيتها، حيث أكدت لنا مصادرنا أن عملية الاكتتاب جارية لدى نفس الموثق الذي يكون وراء جميع العمليات. ويطالب المشتكون من السلطات الولائية بالتدخل في أسرع وقت لإجهاض العملية قبل حصول المافيا على الدفتر العقاري. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن القضية لا تتوقف عند بلدية قجال الفلاحية وحسب وإنما تطال عدة مناطق أخرى كعين موس بالقرب من مقبرة سيدي حيدر هي الأخرى قيد التجزئة بعدما بيعت قطع عديدة منها.