طرح حديث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في خطابه الأخير عن محاربة الفساد والرشوة بكل صرامة وإصرار، أكثر من تساؤل حول حقيقة تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية على أرض الواقع خلية حماية المال العام تدرس ملفات فساد تتعلق بصفقات وعمليات تزوير وعن طبيعة الخلل الموجود في مكافحة الفساد لحد يجعل الرئيس تقريبا في كل خطاب يتحدث عن ضرورة محاربة الآفة دون تسجيل نتائج “مرضية” إن صح القول على أرض الواقع، وذلك رغم توفر الآليات القانونية المطلوبة لإنجاح محاربة الرشوة والفساد. اعتبر رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، أن محاربة الفساد في الجزائر لا تعدو أن تكون “خطاب نوايا” وتصريحات لمسؤولين حكوميين من هنا وهناك، بينما “لا توجد قراءات جادة ولا إرادة كافية لتحقيق ذلك”، واستدل المصدر في تصريح أمس ل”الفجر” بأن جل قضايا الفساد التي حققت فيها السلطات القضائية هي قضايا “فاحت رائحتها” لم يكن للسلطات أن تتجاهلها، وتساءل عن حقيقة تطبيق قرارات الرئيس على أرض الواقع، وقال إن ما يحدث يبين أن الرئيس في واد والجهاز التنفيذي في واد آخر، وأنه “لا يوجد أناس يطبقون قرارات رئيس الجمهورية فيما يتعلق بمكافحة الفساد”،لأن المطلوب من آليات قانونية متوفر، لكن سياسة اللاعقاب وعدم إقالة الوزراء أو المسؤولين المتخاذلين في تطبيق هذه القرارات يدفع الكل إلى العمل بطريقته، “ومنه وصلنا إلى درجة الشلل في المجتمع”، ولخص القول بأنه “إذا كانت للرئيس نية في محاربة الرشوة والفساد، فمن حوله لا يطبقون قراراته” في هذا الشأن، وأضاف أن “القوانين كافية، لكن للأسف الأمر لا يتعدى خطاب النوايا”. ولفت المصدر إلى أن قصور القانون المتعلق بمحاربة الفساد في حماية المبلغين عن الفساد، وهو ما يدفع بالمواطن إلى الإحجام إلى الانخراط في معركة محاربة الرشوة، وأشار بوجمعة غشير، إلى تعرض نقابيين بلغوا عن ملفات فساد إلى الطرد من العمل وآخرين متابعين قضائيا. وهو نفس ما أكده منسق خلية حماية المال العام ومكافحة الرشوة على مستوى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، عطوي مصطفى، أمس، في تصريح ل”الفجر”، حيث أكد المصدر تعرض مبلغين عن الفساد للسجن، وكشف عن تلقي الخلية التي انطلقت في العمل مؤخرا، عددا من ملفات الفساد على مستوى وطني وولائي، ويتعلق الأمر ببعض الصفقات وعمليات تزوير، تسعى الخلية إلى الاطلاع على الأدلة المتعلقة بها قبل الاجتماع لاتخاذ قرار بشأن خطوة إبلاغ النائب العام. وأشار مصطفى عطوي، إلى عدم وجود الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد، مؤكدا عمل الخلية على دفع المشرع إلى تعديل عدد من القوانين من أجل توفير هذه الحماية وتشجيع المواطن على المشاركة في الحرب ضد الفساد والرشوة، وأوضح أنه تمت دراسة ثلاثة ملفات فساد من ضمن مجموعة الملفات التي تلقتها الخلية. كما انتقد المتحدث عدم “تمتيع” الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد بصلاحية تحريك الدعوى العمومية وإبقاء عملها ناقصا بسبب رفع ملفات الفساد لوزير العدل بدلا من تحريك الدعوى العمومية بشكل مباشر. أما رئيس النقابة الوطنية لقضاة مجلس المحاسبة، زين الدين حارش، فيرى أن محاربة الفساد على الميدان تسير على ما يرام وأن الترسانة القانونية كافية، ونفى زين الدين حارش، أمس، في تصريح ل”الفجر”، وجود خلل في مكافحة الرشوة أو نقص يدفع برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى إثارة الموضوع في خطاباته.