وقف الصحافيون في ساحة حرية الصحافة.. كانوا بالفعل حاضرين في ساحة حرية الصحافة.. ولكن الحرية كانت هي الغائب الأكبر! سألني أحد الصحافيين الشباب عن رأيي في حرية الصحافة في عيد حرية الصحافة فقلت له مساحة الحرية المتاحة في الصحافة الجزائرية تعادل أو تقل عن مساحة ساحة الحرية التي نقف فيها الآن! يحتفل الصحافيون بعيد حرية الصحافة ويطالبون مع السلطة بتغيير قانون الإعلام والحال أن المطلوب هو أن يطالب الصحافيون بتطبيق قانون الإعلام وليس إصلاحه أو تغييره! لأن حجم الحرية الموجودة في قانون الإعلام لعام 1990 لا يمكن أن يحلم به الصحافيون بعد تعديله في المستقبل! السلطة الآن تتحدث عن إنشاء سلطة الضبط.. والواقع أن قانون 1990 قد مدد هذه السلطة والمتمثلة في المجلس الأعلى للإعلام الذي جمد بقانون الطوارئ.. وهذا المجلس الذي يتشكل جله من ممثلين عن الصحافيين ينتخبون من طرف الصحافيين بالاقتراع السري هو الذي ينظم المهنة وهو سلطة الضبط ويشكل لجنة تسمى لجنة أخلاقيات المهنة، ويصدر البطاقة الوطنية للصحافي.. لهذا فإن الحدث الآن عن إنشاء سلطة الضبط هو بمثابة مصادرة حق الصحافيين في تسيير المهنة.. كما أن الحديث عن إصدار مرسوم لإنشاء بطاقة الصحافي هو أيضا التفاف على حق الصحافيين في تسيير هذه القضية من خلال المجلس. لماذا لا يفعّل الآن قانون الإعلام لعام 1990 فيما يتعلق بتكوين المجلس الأعلى للإعلام كسلطة ضبط؟! بعد أن رفعت حالة الطوارئ التي جمدت نشاط هذا المجلس؟! وهل يمكن أن يلغى قانون الإعلام ويعوض بمرسوم أو مراسيم! إن دولة القانون تبدأ من هنا من أن لا يعتدى على قانون بواسطة مراسيم! صحيح أن قانون الإعلام لعام 1990 في حاجة إلى إثراء في جوانب تنظيم الإشهار والسمعي البصري والأنترنت التي كانت ناقصة في قانون 1990 لكن لا ينبغي أن يمس المجلس الأعلى للإعلام كهيئة ضبط أو تمس الطريقة التي أقرها القانون لإنشاء الصحف! ينبغي أن يكرس القانون الجديد حق الأمة في أن تكون مؤسسات الإعلام العام ملكا للشعب وليست ملكا للحكومة كما هو الحال الآن. إنني شخصيا أتوجس خيفة من التوجه الجديد للتراجع عن إيجابيات قانون 1990 لصالح تضييقات جديدة جاءت بها حالة الطوارئ وأصبحت شبه مكتسبات للسلطة وتريد تكريسها في قانون الإعلام الجديد.. ولهذا نرفض أن تقنن السلطة الفساد الحاصل الآن في تسيير القطاع بما تعتقد أنه إصلاحات!؟