كلف “البحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الإدارة الأمريكية خسائر مالية وبشرية أمريكية كبيرة كما سقط ملايين الضحايا المدنيين في غزوها للعراق واحتلالها لأفغنستان، لكن وبعد صعوبة تحكمها في الوضع في أفغانستان رغم مرور سنوات على الحرب، مازالت القوات الأمريكية تتلقى ضربات موجعة، ما اضطرها إلى البحث عن مخرج يؤمن لها صورة المنتصر بإعلان قتلها لبن لادن. فهل انتهت فعلا حجة الوجود الأمريكي في أفغانستان بعد مقتل بن لادن أم أن هناك أهدافا أخرى تسعى الإدارة الأمريكية لتحقيقها بعيدا عن بن لادن والقاعدة وفي هذا السياق، رأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية أنيس النقاش في تصريحات صحفية حول خروج أمريكا من الشرق الأوسط بعد مقتل بن لادن “أن أمريكا كانت تتذرع بوجود بن لادن وتستخدمه كحجة للدخول إلى الشرق الأوسط وشن الحروب على الدول التي تريدها”، مشيراً إلى أن “عدم خروجها اليوم من الشرق الأوسط سيبرهن زيف ادعاءاتها، ويظهر بأنها لم تكن ترغب بالتخلص من بن لادن، بل كانت تستخدمه كمظلة وحجة للوصول إلى أهدافها، مؤكدا أنه لو كان هدف أمريكا في الشرق الأوسط هو أسامة بن لادن، فإن مبرر وجودها في أفغانستان والعراق يكون قد انتهى إذاً، وعليها حينئذ الخروج من الدول التي احتلتها تحت عنوان “الحرب على الإرهاب”، وإلا فإنها ستثبت مجدداً أن مشروعها في الشرق الأوسط أكبر من وجود بن لادن، ويمتد إلى السيطرة على الثروات ومحاربة المقاومات الموجودة”. وأكد النقاش أن “أمريكا ستستخدم تنظيم القاعدة كحجة للإبقاء على وجودها في الشرق الأوسط بعد مقتل بن لادن، وأن مقتل بن لادن لا يعني انتهاء تنظيم القاعدة، وبالتالي ستجد مبررا لها لعدم الخروج من أفغانستان والعراق، وهذا ما أكدته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في تعقيبها على مقتل أسامة بن لادن”. وخلص النقاش إلى أنه “بعد عشر سنوات سنقرأ في الكتب، أن واشنطن تذرعت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بالحرب على الإرهاب على أفغانستان والعراق، وأن نتيجة هذه الحروب كانت الفشل الذريع، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالولاياتالمتحدةالأمريكية، لافتا إلى أنه “بمقتل بن لادن يظهر أن الضربة الاستراتيجية وقعت، وهي جر أمريكا إلى حروب مثل الحرب الفيتنامية، ومشيراً إلى أنه “إذا أرادت أمريكا الخروج من الشرق الأوسط ومن أفغانستان على وجه الخصوص فإن ذلك سيكون بالاتفاق مع الجميع لاسيما مع حركة طالبان، وهذا لا يشكل عظمة وانتصاراً لأمريكا”. وحول الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط بعد مقتل بن لادن، قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمريكية الدكتور غسان العزّي أيضا في تصريحات إعلامية، إن “وجود أمريكا في أفغانستان والعراق (الشرق الأوسط) ليس له أي مبرر أصلاً، لا بوجود بن لادن ولا من دونه، ولو بقي بن لادن حيا أو حتى قُتل فإنه لن يؤثر على الوجود الأمريكي”، مؤكداً أن “أمريكا في عهد أوباما تبحث فعلا عن الخروج من مأزق أفغانستان والعراق، ولكن بخروج يحفظ بالحد الأدنى ماء الوجه”. وأوضح العزّي في معرض حديثه أن “أمريكا اعترفت بأن حرب أفغانستان خاسرة، معتبرا أن “هناك نية أمريكية بالانسحاب من هذا البلد من دون أن يُتهم أوباما بالخسارة، أو أن تترك أمريكا البلد في حالة حرب أهلية”، مشيراً إلى أن “الأمريكيين سينسحبون من خلال توقيع اتفاقيات مثل ما حصل في العراق”، لافتا إلى أن “انسحابهم سيوفر عليهم خسائر مالية وبشرية، كما أن انسحابهم سيكون مُجدياً لهم أكثر من وجودهم”. وأضاف العزّي أن “مقتل بن لادن قد يعتبر مجرد انتصار رمزي، لكنه لا يؤدّي إلى شيء في ميزان القوى، ولا يعتبر انتصارا من الناحية العملية، وذلك لأن تنظيم القاعدة لا يشكل قوة عظمى بوجه الولاياتالمتحدة كما يتم تصويره في وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن “تنظيم القاعدة لا يشكل أي خطر ولا يشكل أي مبرر لوجود أمريكي أو ذريعة لأهداف أمريكية”.