قامت المصالح المختصة بباتنة، مؤخرا، بعملية جرد للمناطق التي يستعمل فلاحوها المياه القذرة في السقي، بعد استفحال الظاهرة في كثير من البلديات التي تشهد نشاطا فلاحيا معتبرا وتغطي منتجاتها الولاية والمناطق المجاورة لها. في هذا الشأن وضعت 23 بلدية من أصل 61 في خانة المناطق الأكثر تضررا وانتشارا لظاهرة السقي بالمياه القذرة، منها بلدية فسديس التي تعد الأولى ولائيا في دعم وحدة الحليب بباتنة نظرا لثروتها الحيوانية الكبيرة وتواجد العشرات من رؤوس الأبقار الحلوب التي ثبت أنها تأكل من كلأ مسقي بمياه قذرة، ما يسبب خطرا حقيقيا على مستهلكي حليبها، حسب المختصين من البياطرة والأطباء. فيما ذهب كثير من المواطنون إلى تفسير ظاهرة ارتفاع وتيرة الإصابات بالسرطان عبر الولاية إلى سقي الخضر بمياه الصرف الصحي، ففي منطقة بلزمة مثلا يعمد فلاحون إلى وضع مضخات لجلب المياه القذرة واستعمالها في السقي، وقد لجأت الجهات المختصة، مؤخرا، إلى مقاضاة من ثبت قيامهم بهذا الفعل. وتعد الأراضي الرعوية بإشمول أكثر تعرضا للظاهرة لوقوعها بالقرب من مجاري المياه الآسنة، بالإضافة إلى مساحات زراعية شاسعة تقع بالقرب من القناة الجامعة للمياه القذرة ببلدية فم الطوب. وتزحف الظاهرة، حسب مصادر من مديرية الفلاحة، إلى أراض بسريانة وعين جربوع ومنطقة راس لعيون وكثير من المزارع النموذجية والمستثمرات الفلاحية لإنتاج الحليب بالمعذر، وعدد من الآبار ببلدية الشمرة ومستثمرة ببولهيلات ومنطقة الدرناني ببريكة. وتعتزم المصالح المعنية تفعيل الإجراءات الردعية في حق الفلاحين المتورطين، نظرا لخطورة هذا الفعل وكونه سببا أوليا في الإصابة بالتيفوئيد والأوبئة المتنقلة عن طريق المياه. ويذكر أن الكثير من الفلاحين يلجأون إلى المياه القذرة تجنبا للتكلفة التي يفرضها استعمال المياه الصالحة للسقي، غير مكترثين بصحة المستهلكين. وقد دعا المواطنون المتخوفون من الظاهرة بباتنة إلى تكثيف الرقابة على المناطق والمحيطات الفلاحية للوقوف على مطابقتها للشروط الصحية.