اكتشف المتتبعون للمشاورات الخاصة بالإصلاحات السياسية، غياب الجامعيين من الباحثين والمختصين الضالعين في الشؤون السياسية والاجتماعية، عن اللقاءات التي تعكف عليها هيئة بن صالح منذ السبت الفارط. وشككت جهات مطلعة أن تكون قائمة المدعوين قد تضمنت أي أسماء لخبراء جامعيين سواء كهيئة أو كشخصيات منفردة. وأشار بعض المثقفين إلى أنه كان أولى بالهيئة الساهرة على هذه المشاورات إشراك هؤلاء أولا على اعتبار أنهم يمثلون طليعة النخبة وهم بالتالي في هذه العملية يعدون بمثابة الخميرة من العجين. ما يعيبه هؤلاء على هذه الهيئة هو إغفالها لأعلام البحث الجامعي في الفكر السياسي وحرصها على استدعاء بعض الأشخاص الذين لم يصنعوا في تاريخهم ومساراتهم السياسية أي إنجازات حقيقية، ولم يقدموا أي برامج موضوعية ناجعة لحل المشكلات التي يزايدون بها. وأجمع أغلب رجالات الإعلام الذين استقصينا آراءهم، على أن الجامعيين كنخبة يتصدرون الطليعة الاجتماعية من حيث هم المؤشر العملي لطبيعة الفهم الحقيقي لبنية المجتمع والسلطة السياسية، وبالتالي فهم مطالبون أدبيا وأخلاقيا بالدفاع عن المكاسب الاجتماعية وإثرائها. وفي هذا السياق، أكد الدكتور السعيد قاسمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أن “الجامعيين على هذا المستوى من التنظير الاجتماعي هم أكثر الفعاليات الاجتماعية المؤهلة للإبداع علميا ومنهجيا في مسعى المشاورات السياسية وإثرائها لإطلاعهم الواعي بخروم الوضع، وأن تغييبهم يعد سببا كافيا للاعتقاد بانعدام نية أو إرادة حقيقية لإنجاح هذا المسعى علما أن بعض الأسماء من المخابر الجامعية مشهود لها بالكفاءة وقد دأبت السلطات على استشارتها في العديد من المناسبات، فلماذا يهمشون في هذا الظرف ؟” و ذكر بعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر : الأستاذة سكينة دامية والبروفيسور بن عبد العزيز والأستاذ الدكتور محند برقوق وغيرهم كثير. الدكتور عمار طالبي، من جهته كمثقف أكد على أن هذه المشاورات وإن كانت عامة ينبغي أن تشمل كافة المستويات، غير أنه يجب التركيز، حسبه، على إسهامات الخبراء والمختصين والمثقفين الضالعين في الشؤون السياسية والاجتماعية، لأنها ستكون أكثر نجاعة، مضيفا “دعونا نفترض أن هؤلاء الكفاءات الذين نذكرهم قد انخرطوا في تحديد معالم التنظير الاجتماعي منذ بداية التسعينيات، هل كان هذا الانفلات وهذا الانسداد السياسي سيحصل؟” مثل هذه القضايا، يضيف هذا الأخير، وعلى هذا المستوى من الجدل الاجتماعي لا نتصورها متحققة إلا في إطار المخابر الجامعية التي تشكل بؤرة لكل التنظيرات الاجتماعية على اعتبار أنها المؤسسة المؤهلة للاضطلاع بالإبداع في هذا المجال وذلك من خلال تعاملها الواعي مع كل المستجدات والتطورات الحاصلة لضبط المنظومة الاجتماعية بما يتناسب مع التطلعات.