لم يهضم بعد سكان مدينة مستغانم ونواحيها تحول مدينتهم من قرية كولونيالية صغيرة إلى مدينة تضم قرابة 200 ألف نسمة، بحيث أضحى البحث عن مكان للنزهة مهمة مستحيلة بالنظر إلى توافد آلاف السياح من الولايات الداخلية القريبة، خصوصا بعد الإفطار إلى الساعات الأولى من الصباح ما أدى إلى احتلال بعض العائلات للشوارع ومفترقات الطرق بعد أن فقدت شواطئ المدينة بريقها بفعل انتشار السرقة وانعدام فضاءات عائلية مريحة، في انتظار استكمال مشروع حديقة التسلية في منطقة خروبة. تفضل العديد من العائلات المستغانمية احتلال الشوارع أو مفترقات الطرق الدورانية بما يشكل ظاهرة جديدة بمدينة مستغانم، ترسخت مع دخول شهر رمضان، خصوصا في حي تيجديت وصلامندر، بعد تهيئة مفترقات الطرق بتغطيتها بمحيط عشبي وغرس بعض الأشجار ونباتات الزينة، وتتوافد عشرات العائلات بعد الإفطار في شكل أفواج يفترش أفرادها العشب ويتبادلون أطراف الحديث إلى ساعة متأخرة من الليل، مستفيدين من وجود الإضاءة اللازمة وتزايد حركة المرور على طول الطريق الساحلي بعد زوال بريق شواطئ المدينة. وفي هذا الإطار، لم يعد شاطئ صابلات الذي يبعد بأقل من 4 كلم عن وسط المدينة وجهة مفضلة للعائلات المستغانمية، مع احتلاله من طرف مراهقين وشباب يطلقون العنان لأهازيجهم، كما يعرف الشاطئ تزايد حالات السرقة والعنف، ما جعل من عدد العائلات يتناقص بشكل لافت رغم توافد شرائح أخرى من المجتمع أغلبهم شباب، وإن حافظ المكان على بعض تقاليده كبيع الشاي والحلويات الشامية على قارعة الطريق. وغير بعيد عن شاطئ صابلات، يعاني شاطئ صلامندر من تأخر أشغال تهيئة كورنيش مستغانم بحيث تحول إلى مشروع مفتوح لم يقف حائلا أمام بعض العائلات للتمتع بنسمات البحر مع تزايد درجات الحرارة حتى خلال ليالي رمضان، في انتظار استكمال المشروع الذي ينتظر منه تغيير شكل الواجهة البحرية الغربية للمدينة والذي تحول إلى أطنان من الصخور وأصبح أشبه بالأطلال التاريخية بعد أكثر من سنة من بداية إنجازه. أما في الجهة الشرقية فلا يزال شاطئ سيدي المجدوب يحافظ على شيء من بريقه رغم اهتراء الطريق الرئيسية، إلا أن وجود بعض المقاهي واجتهاد أصحابها في رص الطاولات بإحكام والتنافس، جعل من الشاطئ وجهة مفضلة لبعض العائلات التي يمكن أن تقضي بهدوء سهرات رمضان إذا لم تقترب من الشاطئ حتى تجتنب ما لا تحمد عقباه، في الوقت الذي لا تزال أسواق المدينة ومحلاتها القبلة المفضلة للنساء بحيث تمكنهن من الاطلاع على آخر المنتجات وأسعارها عوض البحث عن مكان للراحة أضحى إيجاده مهمة مستحيلة، في مدينة مستغانم التي لم تعد قرية كولونيالية هادئة كما كانت قبل عقود.