نشط الإعلامي والكاتب حميد ڤرين، سهرة أول أمس، لقاء أدبيا جمعه بثلة من المهتمين بالأدب والمثقفين وكذا الأسرة الإعلامية، تناول خلاله إشكالية النقد في الجزائر ومكانة المثقف في مجتمعنا وكذا علاقة الكتاب بالقراء والمقروئية هذه الأخيرة التي وصفها أنها لا ترقى إلى المستويات المطلوبة، مرجعا السبب إلى غياب اللقاءات الأدبية التي تفتح المجال للنقاش والتواصل دعما للمجال الأدبي، متجنبا الخوض في تفاصيل عالم الاتصالات والإشهار. السهرة الأدبية التي احتضنتها مكتبة العالم الثالث جمعت أهل الأدب في ليلة رمضانية مميزة، فاسحة مجال الحوار الواسع أمام الحضور، ليشمل النقاش عديد المحاور تعلقت كلها بالأدب وابتعدت قدر الإمكان عن الخوض في تفاصيل الاتصالات والأمور التجارية. حيث استهل اللقاء بالحديث عن إبداعات الكاتب انطلاقا من عمله كصحفي وصولا إلى آخر رواياته "عطر المراراة" الصادر شهر أكتوبر من السنة الماضية. وفي رده على أسئلة الحضور تفادى الروائي الحديث عن الإشهار وعن مؤسسة الاتصالات "جازي"، على اعتبار أن السهرة أدبية. وفي سياق ذلك وردا على سؤال أحد الحضور المتعلق بالاهتمام الكبير الذي توليه الوسائل الإعلامية لكتاباته انطلاقا من مركزه المهني في مؤسسة اتصالات الجزائر "جازي"، قال منشط السهرة إنه لا علاقة للمنصب الذي يشغله بتناول الوسائل الإعلامية لنشاطاته الأدبية، مستشهدا بالمبيعات الكبيرة التي حققها أول مولود أدبي له، والتي بلغت 20 ألف نسخة، ولم يكن وقتها يشغل المنصب الحالي المنسوب إليه نجاح الكاتب، مشيرا إلى أن معظم كتبه تحقق مبيعات في المستوى. واستطرد حميد ڤرين قائلا إن العاملين الأساسيين لنجاح أي كاتب هما القارئ والمكتبات ولا علاقة للتناول الإعلامي بالأمر، وهذا لا ينقص من قيمة الأسرة الإعلامية "لأنني ابنها قبل أن أكون كاتبا". وتوسع النقاش ليتناول غياب الفضاءات الأدبية التي تعنى بشؤون الثقافة خاصة الإبداع الأدبي نقاشا وتحليلا، كما عرج الحضور على إشكالية النقد في الجزائ،ر والتي قال الروائي إنها مبنية على عدم الدراية في أغلب الأحيان وأن معظم النقاد يتوجهون إلى النقد من أجل النقد لا غير. وأضاف أن كل من انتقد رواياته لم يطلع حتى على ما دونته صفحاتها، غير أن هذا لا يعني أنه لا يتقبل النقد، بل يشترط أن يكون نقدا ايجابيا مبنيا على الدراية والتناول الجدي للإنتاج الثقافي بشكل عام. كما عرج الروائي على واقع المقروئية في مجتمعنا التي تبقى بعيدة عن المستويات المطلوبة، وأضاف أنه لا مجال لمقارنة مؤشراتها في الجزائر مع غيرها في الدول العربية فما بالك بالغربية. كما تناول اللقاء الأدب أيضا مشكلة اللغة لدى شباب اليوم، هذا الأخير الذي وجد نفسه ضائعا بين اللغتين العربية والفرنسية فلم يتقن لا اللغة الأم ولا لغة الإفرنج، وهو ما فرضته طبيعة التكوين في الجزائر، وكذا الخطوط الحمراء أو الطابوهات التي لا تزال بعيدة عن التناول الأدبي والروائي في الجزائر وقال إنها أولى العراقيل التي تقف حجر عثرة في وجه الإبداع الثقافي في الجزائر، رغم بعض المحاولات الجريئة على غرار ما تناوله في كتابه "آخر صلاة"، لكن هذا غير كاف لمعالجة مشاكل المجتمع، وهو ما خلق فجوة بين المجتمع والإنتاج الأدبي، ما جعل هذا الأخير لا يحاكي الواقع الحقيقي للمجتمع الجزائري.