إن دمعة الحزن لله ترفع صاحبها إلى درجة المجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، قال الله عز وجل يستثني الباكين الذين منعهم الفقر من المشاركة في الجهاد: “ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم (91) ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون (92) (التوبة) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر “زر القبور تذكر بها الآخرة، واغسل الموتى؛ فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة، وصلِّ على الجنائز لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله يوم القيامة”. (رواه الحاكم، ووافقه الذهبي على صحته). وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عليكم بالحزن؛ فإنه مفتاح القلب”، قالوا: يا رسول الله، وكيف الحزن؟ قال: “أجيعوا أنفسكم بالجوع، وأظمئوها” (رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عباس). إن رقة القلب ولينه من ذكر الله وسماع آيات الله هدى وعبادة، وقسوة القلب وتحجر العين وجفافها من الدمع ضلال مبين، ولقد.. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان”. (من حديث رواه الطبراني عن هند بن هالة) عميق التأثر بذكر الرحيم الرحمن، كما يليق بالرحمة المهداة، عين الهداية. روي عن مطرف بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء. (رواه أحمد وأبو داود وهو حسن). والمرجل: القِدر. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حزنه في قلبه وبِشره على وجهه، وكذلك كان أصحابه رضي الله عنهم يبكون ويحزنون، وتشق الدموع على خدودهم أخاديد، فهذا عمر رضي الله هنه كان يبكي على حال نفسه كثيراً، وكان على وجهه خطان أسودان من أثر الدمع.. وغير ذلك كثير من أحوال الصحابة رضي الله عنهم.