ها هو محمود جبريل، الناطق باسم المجلس الانتقالي الليبي، يستجيب لشرط الاعتراف الجزائري، المتمثل في ضرورة تشكيل حكومة ليبية تضم كل الجهات، حيث أعلن أخيرا أن حكومة مؤقتة سيتم تشكيلها خلال أسبوع إلى عشرة أيام على الأكثر. وها هو السؤال المربك يعود من جديد: هل ستعترف الجزائر مباشرة بهذه الحكومة مثلما قال وزير الخارجية مراد مدلسي، خاصة وأن هناك اتصالا مباشرا بين عناصر الحكم في ليبيا والسلطات الجزائرية، ولم نعد في حاجة إلى وساطة فرنسية أو خليجية ؟ أم أن الجزائر قبل أن تفعل ذلك ستلزم الحكومة الليبية المقبلة ببعض المبادئ، كأن تدين مثلا الحكومة الليبية الجديدة اعتداء شرشال التي قالت القاعدة في بيانها عقب الحادثة الشنيعة، إنها عاقبت من خلالها الجزائر لأنها لم تعترف بالمجلس الانتقالي. مسألة أخرى لابد على هذه الحكومة المفترضة اتخاذ موقف منها بوضوح، وهي قضية الحرب على الإرهاب، ومن عناصر القاعدة الذين تغلغلوا وسط الثوار الليبيين، واستحوذوا على السلاح وصاروا يشكلون خطرا ليس على ليبيا وحدها، بل على المنطقة كلها، فعلى النظام الليبي المقبل أن يتعهد بمكافحة الإرهاب، ليس للجزائر فحسب، بل لكل العالم، ويباشر من الآن عملية جمع السلاح المتداول في ليبيا، خاصة في المناطق التي لم تعد تلقى فيها مقاومة من عناصر القذافي مثل العاصمة طرابلس. مسألة هامة أيضا لابد أن تتأكد منها الجزائر قبل الإسراع بالاعتراف، وهي ألا تضم الحكومة عناصر إرهابية على شاكلة عبد الحكيم بلحاج وغيره من الأسماء التي تورطت في الحركة الجهادية سواء في صفوف القاعدة أو في صفوف الجماعة الليبية المقاتلة، ولاشك أن الجزائر من منظور خبرتها في الحرب على الارهاب تعرف هؤلاء جيدا ويمكنها أن تؤشر عليهم بالاسم، لأنه ليس من المعقول أن نحارب الإرهاب في الجزائر ونعترف بشرعيته في ليبيا! وعلى ليبيا من جهتها أن تعمل بنصيحة الجزائر في هذا الشأن لأنها لا يمكن أن تدير للجزائر ظهرها، ولا يمكن أن تناصبها العداء وقد جربت في مواقف المجلس الانتقالي الذي لم يجن من عدائه للجزائر غير المقاطعة وغلق الحدود، فليبيا المستقبل في حاجة إلى الجزائر لبناء أمنها الداخلي، وفي حاجة إلى جار أمين توثق معه العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية والأخوية. أقول هذا من باب أن الحكومة الليبية التي سترى النور سيحدد سياستها الليبيون، لا الناتو ولا فرنسا ولا أمريكا.