للحج حكم عميقة وأسرار عجيبة يجدر بالحاج أن يتأملها ويقف عندها، وأن يستشعرها وهو يؤدي هذه الفريضة المباركة. ومن حكم الحج وأسراره التي قد يغفل عنها الكثيرون: * تربية المسلم على تقوى الله وتعظيم شعائره، قال سبحانه وتعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 32} (الحج). * التربية على العبودية والاستسلام والانقياد لشرع الله تعالى، فكثير من أعمال الحج قد تكون غير واضحة في ذهن المسلم، كالتجرد من الملابس والزينة، وكالطواف والسعي والوقوف بعرفة في وقت معين، وكذلك الرجم والمبيت في منى.. إلخ. * الأخوة الإيمانية، فالحجاج يلتقون في مكان واحد، وهيئة واحدة، من بقاع شتى، غايتهم واحدة، وهمومهم مشتركة، وهذا كله يدعم أواصر الأخوة. * تذكر الآخرة وأهوالها، لما في الحج من تزاحم وتلاطم وارتفاع في الأصوات وخوف وبكاء ووجل ودعاء، وتجرد من الزينة واللباس ومشقة وتعب وانتظار لرحمة الله تعالى. * ذكر الله تعالى، فالذكر هو المقصود الأعظم للعبادات كلها، وعكسه الغفلة، وهي ما يقع فيه كثير من الحجاج الذين يؤدون الحج كنسك ظاهرة فقط، بل ربما يتبرمون من بعض المشقة، فيعودون من حجهم، ولم يزدادوا بالله إيماناً، ولا إلى الله قرباً. السنة التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع كانت في السنة العاشرة من الهجرة، قال القرطبي في تفسيره عند قول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً}. المائدة 3. الصحيح أنها أنزلت في يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة على ناقته العضباء.