في سوريا رفع المحتجون شعار: "لا دراسة لا تدريس حتى يسقط الرئيس.."! تماما نفس الشعار الذي رفعه الفيس في إضراب جوان 1991 بعد انتصاره في الانتخابات البلدية التي جرت في جوان 1990. والشعار هذا الذي رفعه السوريون.. رفع في ساحة أول ماي في الجزائر في جوان 1991 إلى جانب "مسمار جحا لازم يتنحى"! المصريون هم أيضا يقومون بتقليد الجزائريين بمسيرة ينظمها الشباب الثائر في مصر نحو وزارة الدفاع لإقلاق المجلس العسكري.. تماما مثلما فعل الفيس في 1991 حين قاد بلحاج مسيرة إلى وزارة الد فاع وهو يرتدي الزي العسكري! واضطر وزير الدفاع أن يتفاوض معه في قصر الحكومة لإقناعه بسحب مسيرته من أمام وزارة الدفاع. الفيسيون في الجزائر نظموا مسيرة إلى وزارة الدفاع آنذاك للمطالبة باسترجاع الجيش والذهاب به إلى الحرب في العراق! والمصريون اليوم أيضا ينضمون مسيرة نحو المجلس العسكري للمطالبة باسترجاع ما يسمونه بالثورة من العسكر إلى الشباب الثائر! علاقة الجيش المصري بالإخوان المسلمين تشبه إلى حد بعيد علاقة ناصر بالإخوان المسلمين بعد ثورة 23 يوليو 1952 حيث تحالف ناصر مع الإخوان في بداية الثورة ثم فعل بهم ما فعل هارون الرشيد بالبرامكة في بغداد! ونفس العلاقة أقامها عمر البشير في السودان مع الإسلاميين بقيادة الترابي ثم ملأ منهم سجون الخرطوم لسنوات! وفي الجزائر كان في بداية الأحداث التي تلت 5 أكتوبر 1988 شبه تحالف بين المؤسسة العسكرية والإسلاميين.. وشبه اتفاق على إنهاء حكم الحزب الواحد جبهة التحرير.. لكن الإسلاميين أخطأوا الحساب حين ظنوا أن الطلاق بين الجيش والجبهة في الجزائر يمكن أن يؤدي لوصولهم إلى الحكم على أشلاء الجبهة والجيش معا.. ولهذا أخطأوا التقدير وتسرعوا فوقع الصدام الدموي الذي هم الآن يقضمون أظفارهم ندما بشأنه! الجيش المصري وضعه الآن مع الإخوان لا يختلف عن وضع الحالات السابقة الذكر في السودان والجزائر ومصر عبد الناصر.. فالجيش المصري يريد قوة الإخوان للحكم بها كما فعل البشير.. والإخوان يريدون الجيش أداة لإيصالهم إلى الحكم.. والصدام بين الانتهازية والطمع آت لا محالة.. وكل ما نتمناه أن لا تتكرر مأساة الجزائر والسودان في مصر.. فقد دخلت الجزائر في حرب أهلية مدمرة أخرتها ربع قرن عن العالم.. وأصبح السودان الشقيق دولتين بفعل انقضاء زواج المتعة بين الإسلاميين والعسكر. المظاهرات التي يقوم بها من يسمون بشباب الثورة في مصر لاسترداد الثورة من الجيش تشبه إلى حد بعيد المظاهرات التي كان يقوم بها التيار اليساري في الجزائر للمطالبة بالطلاق بين الإسلاميين والمؤسسة العسكرية في بداية التسعينيات؟! الجيش في مصر استخدم شباب الثورة لإزاحة مبارك وحكمه ولا يمكن أن يسمح بخروج الحكم من يده..لأن سبب إزاحة مبارك من الحكم من طرف الجيش ليس الثورة على النظام الفاسد.. بل السبب هو إقدام مبارك على توريث ابنه حكمه وبمؤسسة الشرطة والإدارة وليس بالمؤسسة العسكرية.. هذا هو السبب ولا شيء غيره.