بعد أيام من تجرعنا المرارة بسبب تعثرات الدبلوماسية الجزائرية في الجامعة العربية، ها هي أولى الأخبار التي تعيد لنا شيئا من الأمل.. التقارب الجزائري - المغربي، الذي حصل في الرباط على هامش اجتماع وزراء الخارجية بالجامعة العربية. أتمنى أن تكون توفرت النية الحقيقية لبناء مغرب موحد، ولن أقول مغربا عربيا، لأني ورغم الانتقادات اللاذعة التي تلقيتها بسبب مقالي الذي تمنيت فيه أن نؤسس لاتحاد بلدان شمال إفريقيا ذات الأصول الأمازيغية، مازلت أصر على هذه الأمنية بعيدا عن كل عنصرية وعصبية، خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يتسم بتآمر دول الخليج على باقي البلدان العربية ومحاولتهم اليائسة سلخ المغرب من فضائه الطبيعي وإلحاقه بمجلس تعاون الخليج، لا لشيء إلا لإغاضة الجزائر والتشويش على البناء المغاربي الذي تعثر لسنوات، ولم يتحقق حلم شعوب المنطقة في بناء اتحاد قوي، يجنبهم أطماع الخارج، اتحاد يرتكز على حكومات ديمقراطية تحمي مغربهم من أنظمة متجبرة ترهن ثروات البلدان من أجل الاستمرار في الكرسي. ومن يقول إن الربيع العربي هو الذي عجّل بالتقارب بين البلدين، فهذا فيه تجن على الجزائر خاصة، فرغم أن الجزائر مازالت ترفض فتح الحدود بين بلدينا، إلا أننا نعرف جميعا أن هكذا قرر لا يمكن أن يطول، والدليل أن الطريق السيار شرق-غرب توقف عند الحدود المغربية في انتظار انتهاء المغرب من جهتها من مشروعها للطريق السيار الذي سيشكل جزءا من الطريق السيار المغاربي الذي سيصل حتى ليبيا، فمن الغباء أن تمد طريقا كهذا ولا يستثمر في ترقية العلاقة بين الشعبين، اللذين يكنان لبعضهما وبعيدا عن الخلاف السياسي مودة. من مصلحة البلدين أن يفضا كل الخلافات التي عطلت بناء الاتحاد المغاربي، وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية التي رفعها في كل مرة المغرب الشقيق كحاجز أمام التقارب، خاصة وأن القضية مطروحة أمام الأممالمتحدة كقضية تصفية استعمار، وقد لا تكون في حاجة إلى العودة إلى الهيئة الأممية لحل المشكلة، مادام الهدف الأسمى من التقارب هو اتحاد دول المنطقة، وبالتالي ستكون الصحراء مغاربية، لا مغربية ولا غربية، ويضمد هذا الجرح نهائيا، جرح أضر بشعب وأهانه طوال سنوات، ليتسنى للأشقاء الصحراويين الاهتمام بمستقبل أبنائهم بعيدا عن العداوة والاستنفار والخوف من تآمر القوى على قضيتهم لتمر إلى التعمير والتشييد وبناء ديمقراطية مغاربية قائمة على شعوب مطمئنة تعيش في رفاهية وآمنة على مستقبلها، واعية بالتحديات التي تواجهها، ولننتهي من التسابق للتسلح. لنبن مغرب العلماء، مغرب أمنيتنا أن يزور أشقاؤنا المغاربة شعب شقيق آخر عزيز على قلوبنا، الشعب التونسي، عبر الطريق السيار، مرورا بجزائر آمنة مطمئنة ولم لا تتحقق هذه الأمنية مطلع السنة المقبلة ولتتوقف علينا حرب المخدرات التي تشن علينا من حدودنا الغربية نهائيا، لأننا لا يمكن أن نبني مغربا قويا بشباب يغرق في آفة الإدمان.