مرت أمس سنتان كاملتان على ملحمة أم درمان الشهيرة التي حولت منتخبنا من مغمور إلى مشهور، فقبلها كان الخضر منتخبا عاديا لكنه بعدها بلغ درجة الامتياز، خاصة وأن التأهل جاء على حساب منتخب قوي وهو المنتخب المصري الذي لم يصدق أن التأهل خطف منه لصالح الجزائر، التي لم تكن تحلم قبل انطلاق التصفيات سوى بالتأهل لنهائيات كأس إفريقيا. هدف أسطوري لعنتر يحيى لم ينل حقه بالعودة إلى مجريات المباراة فقد حسمت بهدف أقل ما يقال عنه هدف أسطوري وقعه ابن سدراتة عنتر يحيى بطريقة تشبه أروع هدف لأحسن هداف للطواحين الهولندية ماركو فان باستن في نهائي كأس أوروبا 1988 في مرمى السوفياتي داسياف، ورغم أن عنتر احتفل بطريقته بالهدف في نهاية المباراة على طريقة "ضربناها وين يسكن الشيطان..." إلا أن هذا الهدف لم ينل حقه بعد البلبلة المصرية الحاقدة. سعدان أبكى الرجال والنساء الفوز الباهر ل"الخضر" بفضل إرادة أبناء الجزائر أخرج 35 مليون جزائري للاحتفال في الشارع بهذا النصر التاريخي والكل يثني وقتها على المدرب سعدان الذي عرف بدهائه كيف يعبد طريق المونديال للمنتخب الوطني للمرة الثالثة، وبعد ربع قرن من الغياب عن النخبة العالمية. سيناريوهات مصرية لإفساد الفرحة الجزائرية لم يجد الفراعنة ما يغطوا به على خسارتهم سوى اختراع أكذوبة تهجم الجمهور الجزائري الشيطاني على جمهورهم الملائكي وغير القادر على الدفاع عن نفسه، فادعوا أن الكثير منهم تعرض للقتل وأنهم قد تم محاصرتهم وكل هذا كذب وافتراء في منتهى الغباء، لأن المنظمين وقتها أبقوا على الجزائريين في الملعب للاحتفال مع منتخبهم بالتأهل وسارعوا بإخراج المصريين وإيصالهم للمطار ليعودوا من حيث أتوا. الفيفا أوضحت كل شيء لم تكتف مصر بالإكثار من القيل والقال كما فعلت قبل المباراة، بل حاولت بطريقة ساذجة أن تؤثر على الفيفا بكون المباراة جرت كما قالوا في ظروف غير طبيعية، وسط اعتداءات جزائريين على كل ما هو مصري، ليأتي الرد من الفيفا بأن المباراة جرت في الميدان وليس في المدرجات التي لم يحدث فيها ما يستحق التهويل، وأن اللباس الفاضح للفنانات المصريات بالخصوص جعلهن عرضة لمعاكسات الجزائريين لم تصل لدرجة الاعتداء وعليه فلا عقوبة على الجزائر. ماذا بقي من أم درمان؟ طويت صفحة أم درمان وسط إجماع المتتبعين على أننا لم نحسن استثمارها بالشكل الصحيح لكون منتحبنا بعد تلك المباراة فقد الكثير من ميزاته، وأهمها الروح القتالية، مما جعله يتيه في التصفيات الأخيرة ويعجز عن التأهل للعرس القاري وهو وضع لم يهضمه أحد لكون منتخبنا بعد أن اكتسح كل القلوب بالوصول لكأس العالم عجز عن التأهل للكان وهو سقوط فظيع وشنيع. منتخب مونديالي يخرج من الباب الضيق قبل دخول تصفيات أمم إفريقيا بغينيا الاستوائية والغابون كان الجميع يجزم بأن الفريق الوطني سيمر بسرعة البرق ولن يضيع الحضور الثاني على التوالي إلى الأمم الإفريقية ولم لا الفوز باللقب؟ لكن المفاجأة كانت أن تنزانيا فرضت التعادل على الموندياليين بمعقل الانتصارات تشاكر، وبدأ الشك يدخل النفوس بمدى قدرة الفريق على المرور إلى النهائيات. وجاءت بعدها هزيمة إفريقيا الوسطى، لكن الفوز أمام المغرب أدخل الجميع في متاهة الحسابات التي لم ننجح فيها لأن نكسة مراكش عجلت بفقدان الأمل رغم التعادل في تنزانيا الذي كان بطعم الفوز وانتصار لرفع المعنويات أمام إفريقيا الوسطى. التصفيات بثلاثة مدربين لأول مرة تخوض الجزائر تصفيات أمم افريقيا بتداول ثلاثة مدربين، قد يكون الأمر صدفة، لكن البداية كانت مع سعدان أمام تنزانيا الذي استقال وفضل مغادرة العارضة الفنية، وحينها قال البعض بأنه خير ما فعل وآخرون قالوا بأن الرجل حسم أموره وعليه الركون إلى الراحة أو التقاعد، رغم أن الجميع كان مستعدا لإقامة تمثال للرجل بعد إنجاز أم درمان وحينها تهاطلت عليه التكريمات من جهة. لكن الرجل كان يعرف ما ينتظره وهو الخبير بشؤون المنتخب الوطني ففضل الاستقالة. تنصيب بن شيخة الذي لقب ب"الجنرال" ورأى فيه الشارع الرياضي والإعلام أنه منقذ الخضر والقادر على بث الروح فيه، لقي مصيرا "مذلا" بالنظر لما عرفته مسيرته، أولا بفوز ضئيل أمام المغرب بعنابة وخسارة قاسية أمام أسود الأطلس بمراكش جعلت الكل ينقم على الرجل ويطالب بإبعاده رغم المديح الذي حظي به عقب تنصيبه. وفضل بن شيخة الانسحاب والابتعاد عن محيط المنتخب وأصبح خيار الأجنبي الأكثر تداولا لتعلن الفاف عن اسم البوسني وحيد حليلوزيتش الذي ربما كان محظوظا، إذ لم ينهزم في التصفيات، حيث سجل تعادلا بطعم الفوز بتنزانيا وانتصارا أمام جمهورية إفريقيا الوسطى بالجزائر، ما جعل الكل يرى فيه المدرب الخبير والقادر على التغيير. هل يصلح الكوتش فاهيد ما أفسده الدهر؟ تعلق الجزائر كل آمالها الكروية على الكوتش فاهيد الذي حقق لحد الآن نجاحا في بداية إعادة الهيبة للخضر من خلال استراتيجيته الواضحة المعالم والتي استحسنها الجميع، ليبقى الكل ينتظر دخوله المواعيد الرسمية على أمل أن يصلح هذا البوسني ما أفسده الدهر... من رواندا وإلى رواندا عاد تفاؤل الجمهور الجزائري لتحقيق حلم التأهل للمونديال بعد انتهاء مواجهات الدور التمهيدي والذي شهد تأهل رواندا على حساب إرتيريا، والمعلوم أن رحلة التأهل لمونديال جنوب إفريقيا كانت في دورها الحاسم قد انطلقت أمام رواندا ولأن باكورة مباريات تصفيات المونديال القادم ستكون أمام ذات المنتخب فهو ما جعل الكثير يحلم بتكرار الإنجاز. الركائز قد تتحول إلى عجائز في أم درمان أو حتى قبلها بقليل كان المنتخب الوطني يتشكل من مجموعة من اللاعبين الذين وصفوا بالنجوم لكنهم حاليا يعانون الأمرين لسبب أو لآخر، ومع قدوم المدرب وحيد حليلوزيتش فإن الكثير منهم أضحت مكانته مهددة. وكان الناخب الوطني قد شرع في هذه الحملة بإبعاده لمن كانوا أساسيين فوق العادة عن بعض التربصات، والأكيد أن قائمته التي سيضبطها شهر جانفي القادم ستشهد مفاجآت مدوية وستعصف ببعض نجوم ملحمة أم درمان. شاوشي من عملاق إلى قزم عندما نقول 18 نوفمبر 2009 فإننا نذكر أول مباراة رسمية للحارس شاوشي فوزي الذي أمتعنا، ولا يوجد أي جزائري لم يتفاعل معه أو يطمئن لتواجده بين الخشبات الثلاث ل"الخضر". لقد كان يومها مصدرا للأمان، لكن اليوم تحول أو حول من ملاك إلى شيطان حيث أضحى عرضة لاستهجان الكثير من الأطراف التي نجحت في مخططها في إبعاده عن الخضر وتخطط حاليا لشطب اسمه من عالم الكرة ككل. لكن التاريخ سيذكر أن شاوشي هو الذي حرس عرين الخضر في أم درمان وساهم في التأهل إلى المونديال بعد غياب طويل، وهو ما لا يمكن لأي كان أن يمحوه، لأن هذا التاريخ يسجل كل شيء كبيرا أو صغيرا كان. فيغولي، بوشوك ودوخة... الجديد في الفريق أضحت القائمة التي يضمها الخضر غنية بالأسماء التي بإمكانها تعويض المرشحين للإبعاد. اليوم لدينا فيغولي من المحترفين لاعب ينتظره الجمهور الرياضي كثيرا ويترقب مردوده اليوم قبل الغد مع الفريق الوطني، خاصة وأنه يمتع مع فالنسيا الإسباني. لكن لحد اليوم لم تتح له الفرصة ويبقى أمامه شهر فيفري ربما في لقاء ودي حسب تاريخ الفيفا. فاللاعب لقي الثناء من المختص وغير المختص ويبدو أن مكانه مضمون ضمنيا. لاعب آخر يبقى يلقى الإعجاب هو المحلي سعيد بوشوك لاعب شباب باتنة، الذي يملك لياقة جيدة وبحاجة إلى صقل فنياته وعيون حليلوزيتش تراقبه، وقد يكون في المستقبل ضمن القائمة. أما الحارس دوخة فإنه يصارع من أجل مكان بين مبولحي وزماموش رغم أن هذا الثنائي لم يثبت مستوى مستقرا في أعقاب التصفيات المؤهلة للكان وحتى المدرب البوسني لم يتوقف كثيرا عند منصب حارس المرمى