ماذا ستغير نتيجة الانتخابات في المغرب الأقصى؟ وفيما سيكون تأثيرها على العلاقة بين بلدينا، الجزائر والمغرب؟ قد تكون الفرحة بفوز الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية في المغرب مجرد طلقات ”بارود عراس”، على حد التعبير الشعبي عندنا، مادامت السلطات الحقيقية في يد أمير المؤمنين، مولاهم محمد السادس، الذي احتفظ لنفسه بمقاليد الجيش، وبالسلطة الدينية. فالخطاب الديني في المغرب سيبقى خطاب الملك بدون منازع، وبالتالي فلن يعرف المغرب التغيير الذي يفتقده بعض المتفائلين من التيار الإسلاموي، سوى أن الحكومة الإسلامية ستضرب رأسها في حائط الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعانيه المغرب، وبالتالي ستنطفئ شعلة الإسلام السياسي عندما تصطدم بحقيقة تجربة ممارسة الحكم القاسية، وقد يكون هذا ما راهن عليه الملك الذي انحنى أمام العاصفة ريثما تمر... لكن السؤال الآخر المهم أيضا، هو: ماذا سيأتي به هذا الفوز من جديد على العلاقة بين بلدينا؟ هل ستنجح الحكومة التي ستفرزها صناديق الاقتراع في المصالحة بين شعبينا وبلدينا؟ وما النظرة الجديدة التي ستنظر بها إلى مستقبل المنطقة؟ هل ستعمل على تفعيل بناء المغرب، سواء كان ذلك تحت مسمى المغرب العربي، أو المغرب الإسلامي أو تحت أي مسمى كان، لأنه إذا ما حمل المنتصرون في الاقتراع المغربي جديدا يذيب جليد العلاقة بين بلدينا، فإن هذا يعني أنهم مستقلون حقا عن الملك، وإلا فسيبقون مجرد امتداد للعرش يؤتمرون بأوامر ”مولانا” لا غير... ويبقى اختبار نيتهم في بناء الاتحاد المغربي من هذا المنطق، فإن هم اختاروا وجهة الجزائر مثلما فعل الغنوشي، الذي قال إنه زار الجزائر لأخذ المشورة، بحثا له عن امتداد جغرافي ووجداني وبحثا عن شراكة اقتصادية بين بلدينا، أو مثلما فعل وزير خارجية مصر، الذي زار مؤخرا بلادنا لأخذ المشورة هو الآخر في كيفية التعامل مع الوضع الداخلي المصري بحكم أن للجزائر تجربة عريقة في التعامل مع التيارات المعارضة، وأحسنت حتى الآن التعامل مع ما بات يعرف مؤخرا بالتيار الإسلامي المعتدل، لأن هذا التيار ممثل في البرلمان وشريك في الحكومة منذ أزيد من عشرية، وشريك في التحالف الرئاسي، حتى وإن سال لعاب رئيسه بوجرة سلطاني طمعا، وهو طمع مشروع في اعتلاء الحكم متشجعا بما يجري في الشارع العربي من تطورات، منتهزا فرصة دعم أمريكا لهذا التيار لمساعدته للوصول إلى الحكم. ثم إن الجزائر ليست محاصرة ولا تخنقها التيارات الإسلاموية من كل جانب مثلما يحلو للبعض اجتراره، فنحن عرفنا أسوأ تجارب الإسلام السياسي، واستخلصنا التجربة والعبرة، وأبو جرة وأمثاله لا يخيفوننا، فهم يستمدون خوفهم من قربهم من السلطة، ولولا السلطة لسقط أبو جرة مثلما سقط قبله عبد الله جاب الله، بل لالتهم التيار السلفي التيار الإخواني منذ سنوات، فحتى في عهد المرحوم محفوظ نحناح، كان هذا التيار يحتمي بالسلطة من جماعة الحزب المحل التي استهدفت العديد من الأسماء الإخوانية في جنونها الإرهابي سنوات التسعينيات.