حلت الفرقة الليبية للموسيقى الأندلسية، سهرة أول أمس، بقاعة قصر الثقافة ”إمامة” بتلمسان ضيفة على جمهور عاصمة الزيانيين الذي حضر بقوة والتواق لأن يكتشف ما يبدعه فنانو الشقيقة ليبيا في الفن الأندلسي، حيث قدمت أوركسترا الزاوية المكونة من 13 فردا بين عازف على آلة القانون والبيانو وضارب على الدربوكة بقيادة المايسترو عبد الخالق مصطفى يربوع باقة متنوعة من التراث الليبي الذي يدخل ضمن فنون الموسيقى الأندلسية التي تعبر بشكل بليغ عن أصالة وتاريخ المنطقة التي تأثرت بالهجرة العكسية إليها بعد سقوط آخر معاقل المسلمين بغرناطة ببلاد الأندلس، مثلها في ذلك في الجزائر وتونس والمغرب. استطاع الفن الليبي في هذه السهرة أن يجمع الأشقاء على التواصل، الحب والأخوة تحت سقف واحد، فعادت الفرقة تحت أجنحة اللحن الجميل والموضوع الهادف إلى تقديم جملة من الابتهالات والموشحات والخواطر من نوبة المالوف لحنها الفنان محمد رزق الله تتحدث عن النبي الكريم والسيرة النبوية الشريفة، قدمت في شكل مديح ديني استطاعت من خلالها أن تضفي على المكان جوا من السكينة والهدوء، سافرت بالجمهور الحاضر إلى عالم روحاني وديني تتخله الأدعية والمناجاة على غرار ابتهال ”يا ذا العطاء يا ذا الوفاء اسقي العطاش”، وقصيدة ”صلوا على الزين”، بالإضافة إلى مقطع من قصيدة ”يا رب لا تخزهم لسوئهم”. كما تنقلت الفرقة بين أرجاء الفن بسلاسة تامة مداعبة أنامل فنانيها الأوتار ومطلقة العنان لحناجرها الرقيقة التي تحمل التميز في الأداء والتغني الجميل باللحن والصوت خلال ما أدته لوصلة غنائية جميلة عنوانها ”يا زمان الوصل” التي أطربت بها مسامع الحضور من العائلات والشباب، فيما قدم المنشد الليبي سيراج عبد الكريم مدائح وأناشيد دينية غاية في الروعة، مزج فيها بين الموسيقى الخفيفة لآلاتي القانون والڤيتارة، مختتما بها اللقاء المغاربي في جو من الحميمة والإخاء. وبدوره، صنع الجوق الموسيقي الذي رافق النجم نصر الدين شاولي الحدث حين غنى مجموعة من الأغاني التي كانت تصور تارة الجمال الطبيعي للجزائر بمختلف ربوعها وكذا العشق الفتان لأبنائها على غرار أغنية ”في وهران ساكنة غزالي” و ”شوف جبال الصحرا” وتتحدث تارة أخرى عن العشق والحب كوصلة ”في النهار نخمم في اللي يحرم نعاسي”، ”أنا مولوع بالهوى” التي استمتع بها الحاضرون وصفقوا لها طويلا داخل مدرجات القاعة، بالاضافة إلى بعض الأغاني الأخرى التي اشتهر بها في الجزائر في الطابع العاصمي والأندلسي التي عرفت نوعا من التجاوب والتفاعل معها نتيجة الأداء المميز والتحكم الجيد في الموسيقى التي ظهر عليها الانسجام والتوافق الكبير بين الكلمات واللحن معا، ودّع بها جمهور عاصمة الزيانيين على أمل لقاء فني آخر.