حقق المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة الذي احتضنته الجزائر في طبعته الخامسة نجاحا ملموسا من خلال مشاركة نخبة هامة من الموسيقيين والفنانيين الأندلسيين الذين قدموا من تونس والمغرب وسوريا والهند والصين وكذا إسبانيا وإيطاليا والبرتغال إضافة إلى حضور بعض الشخصيات الثقافية والفنية الأخرى من الجزائر، حيث نظم هذا المهرجان بهدف تثمين وتشجيع الفنانين وكذا إبراز الموسيقى الأندلسية الجزائرية العريقة المنبثقة من تاريخ الشعب الجزائري وثقافته الواسعة. وقد كرّم هذا المهرجان في طبعته الخامسة الفنان دحمان بن عاشور عميد الأغنية الأندلسية وصاحب أشهر الموشحات الموسيقية الناجحة حيث قدم تلميذه اسماعيل حاكم رئيس الجوق الفني عدة وصلات أندلسية ومقاطع من التراث الأندلسي التي نالت إعجاب الجمهور الذي توافد بكثرة على قاعة إبن زيدون بالعاصمة كما شارك العديد من الجمعيات لهذا المهرجان الدولي على غرار جمعية »مقام« بقسنطينة وهي الجمعية الفائزة بجائزة المهرجان الوطني لموسيقى المالوف إضافة إلى جمعية أحباب العربي بن صاري الفائزة بجائزة المهرجان الوطني لموسيقى الحوزي وجمعية مصطفى خوجة لوهران، لتتواصل التكريمات بهذه التظاهرة الفنية الجميلة التي كرّمت الأستاذ العربي غزال من قسنطينة والأستاذ توفيق تواتي. أما فيما يخص المشاركة الدولية فقد كانت الهند حاضرة بقوة في هذا المهرجان من خلال الثنائي الموسيقي »شرين« و»راناجيت« اللذان قدما عرضا جميلا بالعزف على آلة الڤيتار والدربوكة وأتحف الجمهور بإيقاعات موسيقية راقية عرّفت عن الفن الهندي القديم ومزاياه في السينما البوليودية سواء على المستوى الإيقاعي أو النغمي، كما قدم الثنائي الهندي مقاطع أخرى من الموسيقى الكلاسيكية الهندية القديمة مبرزان جمالية العراقة الفنية للهند التي أعجب بها الجمهور وتجاوب معها من خلال التصفيق تارة والرقص تارة أخرى. وقد لعب التنويع في العروض الفنية المبرمجة التي قدمتها الوفود المشاركة دورا كبيرا في نجاح هذه الطبعة من المهرجان التي لقي إقبالا جماهيريا غير مسبوق مقارنة بالسنوات الماضية مما جعله ينجح في تحقيقه لأهدافه المتمثلة في تقريب الثقافة الأندلسية لملمواطن الجزائري والتأسيس لفعل ثقافي صحيح بالمجتمع الجزائري، علما أن القاعة التي احتضنت التظاهرة قد اتسعت لحوالي 1500 شخص استمتعوا جميعهم بأكثر من 20 عرض موسيقي امتزجت بين الطابع الأندلسي وتراث البلدان الأخرى مثل الصين وكولومبيا وغيرهم من الدول المشاركة التي استفادت من امتيازات عديدة كالإحتكاك الفني بين الموسيقيين وتبادل الثقافات والأفكار لتحقيق التواصل. والجدير بالمركز المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والعتيقة ينظم سنويا خلال شهر ديسمبر وقد عرفت هذه الطبعة لأول مرة مشاركة حوالي 14 بلدا وخمس فرق من الجزائر تمثل المدارس المختلفة للموسيقى الأندلسية كما شهدت هذه الطبعة العديد من السهرات التي نشطتها فرق أجنبية على غرار »أريسيلو دولين« التي تجمع بين العديد من الموسيقيين من إسبانيا وتركيا في مزج جميل بين الموسيقى التركية العريقة وموسيقى الغجر الإسبانية بالإضافة إلى فرقة »بيدرو زوالا« البرتغالية وكذا فرقة »أورنينا« للعازف السوري »قادري أبو دلال« وفرقة »كرينساديلو« من إيطاليا التي تمزج الموسيقى الإيطالية الأصيلة بنوتات حديثة. ومن جهة أخرى فإن المهرجان لم يكتف فقط بالسهرات الفنية بل نظم العديد من الندوات الفكرية والمحاضرات التي تناولت مواضيع لها صلة بالفن الأندلسي والموسيقى العتيقة ناهيك عن الأمسيات التكريمية التي حظيت بها بعض الوجوه الفنية الجزائرية عرفانا لهم عما قدموه من أعمار لترقية الفن الأندلسي وتطويره بإيداعاتهم وغيرتهمه على التراث الجزائري.