لأول مرة، يطرح سياسي مغربي قضية العلاقة مع الجزائر دون ربطها بالقضية الصحراوية، بل يرى أن تسوية مشكلة الحدود مع الجزائر ستؤدي حتما إلى حل القضية الصحراوية. والقول هو لبن كيران، رئيس الحزب الإسلامي الفائز في الانتخابات البرلمانية في المغرب. فعندما يدعو مسؤول من هذا الحجم إلى تغيير نظرة بلاده إلى الجزائر ويجعل بناء المغرب من أولى أولياته، فإن الأمر يدعو إلى التفاؤل، شرط ألا يربط كلامه هذا بأن يتم هذا مع حكومة إسلامية في الجزائر، لأننا منذ فترة عودنا المغرب على التهريج عبر كل المنابر للمطالبة بفتح الحدود بين بلدينا، ولا يترك فرصة إلا واشتكانا للقوى العظمى لتضغط على الجزائر وتلين للمطلب المغربي. وعندما يقول بن كيران إن أولى أولوياته التقارب مع الجزائر، فهو يدرك أن هناك عوائق أخرى تحول دون هذا التقارب غير الصحراء الغربية التي يستعملها النظام الملكي في كل مرة مطية لتبرير فشل الاتحاد، فهناك الحملات الإعلامية المعادية للجزائر التي لا تتوقف يوميا عبر الصحف المغربية، وهناك التطلع إلى اقتطاع أراض جزائرية يدعي المغرب أنها ملكه، وهناك مطالبة محتشمة "بحق" المغرب في النفط الجزائري، وهناك التجريح والتشكيك في الهوية وفي التاريخ الجزائري، والتفاخر بأصول المغاربة الشريفة، وأصولنا الهجينة وأننا أبناء فرنسا، وكأن مصيبة الاستعمار التي تعرضت لها بلداننا شتيمة. عندما يرى بن كيران أن بناء مغرب الشعوب هو الأولوية، فهو مطالب بالعمل لتحقيق هذا المطلب الشعبي الذي تتطلع إليه كل الشعوب المغاربية، ولنبدأ بالتزاور وبالتقارب الفعلي، ولتتبع خطوة زيارة وزيري الفلاحة زيارات أخرى من العيار الثقيل مثلما زار وزير خارجيتنا المغرب، فليأتي وزيري الخارجية والداخلية لتقريب وجهات النظر وحل المشاكل الأمنية العالقة، لنتبادل زيارات ثقافية وفكرية وليأتي أصدقاؤنا الصحفيين إلينا ونذهب إليهم، فنحن الأقرب بين أندادنا في المنطقة العربية، ونتواعد في كل لقاء في الملتقيات الدولية بالتزاور ودفع بناء الاتحاد، ثم ما نلبث أن ننسى ونحن نواجه مشاكل بلداننا الداخلية، فمنذ متى لم ينظم مهرجان الأغنية المغاربية؟ ما قاله بن كيران يبعث على التفاؤل ويقرب الحلم المغاربي ليصبح حقيقة.