أكد رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح، أمس أن الجزائر تبقى متشبثة بالأهداف السامية الداعية إلى إقامة مغرب عربي قوي موحد نشيط، مغرب يعتبر نفسه جزء لا يتجزأ من العالم العربي ومن إفريقيا، فيما أبرز رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري أن البناء المغاربي أكثر من خيار بالنسبة للجزائر بل هو ضرورة وحتمية إستراتيجية بالغة الأهمي. وصبت مداخلات الجانب الجزائري في افتتاح أشغال الدورة السابعة العادية لمجلس الشورى لاتحاد المغرب العربي، المنعقد بقصر الأمم نادي الصنوبر، في بوتقة واحدة تؤكد رغبة الجزائر وسعيها الدائم لبناء اتحاد مغاربي يعكس تطلعات الشعوب المغاربية في العيش في فضاء مشترك يسوده السلم، الأمن والازدهار. وأقر رئيس مجلس الأمة في كلمة ألقاها بالمناسبة، أن الطريق لا يزال طويلا وفي كثير من الأحيان شاقا، لكن لا يجب ألا يحول دون مواصلة العمل والإصرار على تحقيق النتيجة، مشددا في هذا السياق على ضرورة الابتعاد عن كل نظرة تشاؤمية قد تكون الصعوبات الظرفية مصدرها مبرزا أن بالعمل والمثابرة وقوة الإيمان بالهدف المشترك يمكن تقوية الأمل فينا وفي الأجيال الصاعدة التي تتطلع إلى العيش في فضاء مغاربي مشترك يسوده الأمن والسلام، وهو الهدف الذي ينبغي أن يعمل كل واحد لأجل تحقيقه . وإن أكد أن هناك أشياء كثيرة تتحقق وجهودا متعددة تبذل إلا أنه اعتبر هذا الجهد غير كافي وينبغي مضاعفة وتيرته لتدارك التأخر المسجل لاسيما في التحديات المشتركة التي تعترض مسيرة البلدان المغاربية كتلك المتعلقة بمشاكل الشباب، الأمن، الإرهاب، والجريمة المنظمة، والهجرة، التغيرات المناخية، الأمن الغذائي وغيرها . وأكد السيد بن صالح في هذا السياق أن المحافظة على مصالح بلدان المغرب العربي يحتم عليها التحرك معا في إطار منسجم ومتكامل في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي و المجموعات الجهوية الأخرى، موضحا أن سيرنا بصفوف متفرقة في إطار مناطق التبادل الحر على المستوى الاورو متوسطي و في علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي و المجموعات الجهوية الأخرى من شأنه أن يضعف موقفنا التفاوضي و يحرمنا من استعمال الأوراق الرابحة المتوفرة لدينا في هذه المفاوضات. وأمام هذه الوضعية يضيف رئيس مجلس الأمة الواجب يقتضينا كبرلمانيين التدخل الفاعل والعمل الجاد من اجل دعم كافة الجهود الرامية إلى تقوية العمل المغاربي المشترك لتطوير بلداننا والدفاع عن مصالحها العليا، كما يتوجب العمل على ترجمة هذه التوجهات إلى واقع خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع التنموية القاعدية التي تسمح بتعزيز وتقوية شبكات المواصلات والطاقة و الاتصال. ولدى تقييمه لمسيرة بناء الصرح المغاربي أكد رئيس مجلس الأمة أنه على الرغم من كل ما يقال فان الاتحاد المغاربي هو اليوم واقع ملموس وهو يعمل عاديا وآلياته تتحرك وتتخذ القرارات، ففي المجال الاقتصادي ما فتئ التكامل المغاربي يتدعم مشيرا إلى أن البنك المغاربي للاستثمار و التجارة سيعقد اجتماعه التأسيسي في تونس قبل نهاية العام كما أن الدراسة الخاصة بإنشاء المجموعة الاقتصادية المغاربية توشك على الانتهاءب. ويعزز هذا التوجه التطور الوضاح الذي حققته مجموعة العمل المكلفة بإقامة منطقة التبادل الحر المغاربية يضيف السيد بن صالح الذي ابرز «الجهد الكبير» الرامي إلى تقوية نشاط قطاعات المجتمع المدني وتعزيز دوره في مسار البناء المغاربي النقابات ومنظمات أرباب العمل والشباب والنساء والباحثين وإن كان تحرك فعاليات المجتمع المدني كما قال لا يمكنه أن يحل محل عمل الفاعلين السياسيين. بدوره، وفي كلمة له بالمناسبة أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري أن البناء المغاربي يعد بالنسبة للجزائر ضرورة وحتمية إستراتيجية بالغة الأهمية، مضيفا أنه على الرغم من كل العراقيل والصعوبات التي نواجهها في المرحلة الحالية نحن على يقين أن مستقبل بلداننا هو بالدرجة الأولى مغاربي قبل أن يكون أورو متوسطيا أو غيره. وأشار السيد زياري إلى انه رغم كل العوائق و الترددات يبقى المشروع المغاربي نابع من عوامل موضوعية دائمة ذات البعد التاريخي والعمق العقائدي لا يمكن تجاهلها أو تهميشها. وفي تقييمه لفترة رئاسة الجزائر للاتحاد المغاربي وذلك من عام 1995 إلى 2003 أبرز السيد زياري أن الجزائر خلال هذه الفترة واصلت عملية بناء صرح المغرب العربي و تعزيزه مذكرا انه في هذا الصدد جاءت مبادرة الجزائر سنة 2001 لتقديم مشروع إصلاح يهدف إلى تحسين أداء مؤسسات اتحاد المغرب العربي وهو المسار الذي تواصل مع الليبيين في نهاية 2003 لتبقى الرغبة بمواصلته قائمة من خلال مبادرات تهدف إلى تكييف مؤسساته وهياكله. على الصعيد الاقتصادي أوضح رئيس المجلس الشعبي الوطني أن من بين أبرز مقترحاتنا مشروع إنشاء مجموعة اقتصادية مغاربية، داعيا إلى ايلاء لها كل الاهتمام ودراستها بكثير من التفتح والعمق فتحديات العولمة المفروضة تفرض على بلدان الاتحاد التفكير في مبادرات أوسع تتغلب فيها المصلحة المشتركة على المصالح الذاتية. وعقب توليه مهامه كرئيس جديد لمجلس شورى اتحاد المغرب العربي خلفا للتونسي الصحبي القروي الذي شغل هذا المنصب منذ 2005 أكد عيسى خيري تمسك الجزائر باستكمال بناء مشروع الاتحاد المغاربي مشيرا إلى أن وحدة المغرب العربي لم تعد اليوم ضرورة إستراتيجية فحسب بل أصبحت شرطا أساسيا لمواجهة التحولات التي يشهدها العالم. وأضاف أن الاندماج الاقتصادي و وضع مخطط مغاربي للمحافظة على التوازنات البيئية و الطبيعية و الحد من مخاطر الاحتباس الحراري و مقاومة التصحر و انقراض الثروة الحيوانية و النباتية هي تحديات علينا مواجهتها جميعا.