انطلقت، أمس، رسميا الحملة الانتخابية المبكرة في اليمن والتي من المقرر إجراؤها الشهر القادم، وسط غموض كبير حول المرشح الأبرز لخلافة الرئيس على عبد الله صالح الذي غادر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستكمال العلاج بعد مراوغات سياسية كبيرة انتهت بتوقيعه على المبادرة الخليجية، وتشير تصريحات قادة حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه صالح أنه سيعود إلى اليمن قريبا لتحديد ملامح المرشح عن الحزب للرئاسيات. تقف اليمن على مشهد يعتبر الأكثر تعقيدا من فصول الربيع العربي، فبعد أن أرهق الرئيس عبد الله صالح شعبه بمراوغته لهم لمدة عام ولا تزال موجة المظاهرات الغاضبة أرجاء اليمن منذ منتصف جانفي 2011، تطالب صالح بالرحيل، وبضرورة محاكة نظامه الذي لا يزال يسيطر على زمام الأمور في اليمن سواء في الحياة السياسية أو العسكرية وحتى الاقتصادية. ويفصل اليمنيون شهر على أولى انتخابات رئاسية تبحث عن تشكيل الجمهورية اليمين الثالثة بعد 33 سنة من سيطرة صالح على مقعد الرئاسة، ويجمع الخبراء على أن مؤشرات خروج اليمن بدولتهم الجديدة لا يزال أمرا صعبا رغم إعلان أحمد العمراني وزير الإعلام اليمنى بدء الحملة الإعلامية للانتخابات الرئاسية المبكرة، داعيا الأوساط السياسية والشعبية للمشاركة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية وخلق مناخ يخدم المصالحة الوطنية، ويمكن حكومة الوفاق من تحقيق أهدافها لتجاوز الأزمة الطاحنة التي عصفت باليمن، مشيرا إلى أن نجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة سيكفل الانطلاق صوب الإصلاحات الشاملة لبناء يمن جديد. وهي الدعوة التي تبدو صعبة رغم وجود 20 حزبا سياسيا في اليمن، إلا أن لا مؤشرات على ملامح رئيس قادر على إحداث إجماع في اليمن، وهو ما يبدو أنه فتح شهية عبد الله صالح لاستغلال ”العقم السياسي” الذي تعيشه اليمن منذ 33 سنة إلى تأكيد عودته إلى اليمن من أجل تدشين نشاطه السياسي الجديد كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام كما أكد على ذلك عبده الجندي المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الشعبي العام. وأوضح الجندي في تصريحات إعلامية أن صالح سيحاط بحماية حزبه وأنصاره وقبيلته، ولن يكون استهدافه سهلاً بعد خروجه من الرئاسة، وأن انتماء الرئيس المقبل، عبدربه منصور هادي، إلى حزب المؤتمر الشعبي واستمرار بقاء الحزب في السلطة بالتقاسم مع أحزاب المعارضة سيوفر الحماية المطلوبة للرئيس صالح، ورأى الجندي أن استئناف الرئيس صالح لنشاطه السياسي كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي لا يسقط عنه الحصانة القضائية لاعتبارات تتعلق بكون عودته إلى ممارسة نشاطه السياسي خارج السلطة متاح بموجب بنود المبادرة الخليجية وقانون الحصانة ذاته. ووسط هذه الخطوات السريعة للحزب اليمني الحاكم من أجل تمرير أجندته في الجمهورية اليمنية الجديدة، التي من المقرر أن تتشكل مطلع شهر مارس القادم، تجد الأحزاب السياسية اليمنية نفسها في حالة من العزلة السياسية، كما أن القبائل اليمنية تعتبر ركيزة هامة وخطيرة في اليمن تهدد مستقبل الانتخابات الرئاسية سيما لما تمثله من ركيزة أساسية في التركيبة الاجتماعية في الجمهورية اليمنية، وتتمتع القبائل اليمنية بإمكانيات مادية وبشرية، وهو ما جعل من خيار التوازن السياسي في اليمن يمر دائما بالتوازن بين رئاسة الجمهورية التي ظل يحتكره صالح فيما احتكر حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو امتداد لفكر الإخوان المسلمين وقد تأسس برئاسة الشيخ الراحل عبد الله بن حسين الأحمر وسبق للحزب الوقوف منافسا لعبد الله صالح، كما أن تكتل اللقاء المشترك، وهي جبهة موحدة للمعارضة في مواجهة الحزب الحاكم حزب المؤتمر الشعبي العام، يعتبر ركيزة أساسية في الانتخابات القادمة، غير أن مد الصراع القبلي في اليمن لا يزال يعطي الضوء الأخضر على أن صراع الانتخابات الرئاسية في اليمن سيكون على أساس قبلي بين قبيلة صالح وقبيلة الأحمر التي تقف في صف معارضة صالح وبقوة سيما مع استمرار حركة الحوثيين في القيام بعمليات تهدد بانقسام اليمن وهو السيناريو الذي يخشاه غالبية اليمنيين الحالمين بالتغيير نحو الديمقراطية.