لم تنل تغطيات الصحافة المكتوبة رضا جل الأحزاب المتنافسة على قبة البرلمان القادم، رغم إقرارها بكثافة التغطية خلال بداية الحملة الانتخابية، غير أن المضمون أثار حفيظة العديد منها بسبب ما اعتبره البعض تحاملا عليها، خدمة لأحزاب أخرى لخلفيات إيديولوجية أو شخصية، كما تحفظ البعض نسبيا على مساواتها بين الكبير والصغير. يجمع المتتبعون للشأن السياسي على أن الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي المقبل بدت باهتة في أيامها الأولى في لوحات إشهارية كانت معظم خاناتها فارغة، وحتى الموجود منها لم يستقطب اهتمام المواطن الذي أنهكته أسعار الخضر والفواكه، وراح يزكيها مكان المعلقة صورهم على اللوحات الإشهارية، في حين آثر آخرون تمزيق القوائم التي وعدته معسولا كثيرا وأخلفت و م تعدم الحيلة لتعود بعد خمس سنوات أخرى بنفس الوعود والبرامج التي بقيت حبرا على ورق. ورغم أن غليان الجبهة الاجتماعية زاحم بامتياز خرجات المترشحين، لرغبة أكيدة عند النقابيين لعدم تفويت فرصة التشريعيات وانتزاع حقوقهم بالتهديد بالمقاطعة، خاصة وأن شبح العزوف لا يؤرق السياسيين بقدر ما يؤرق الإدارة، إلا أن الأحزاب المرشحة لا تتحفظ على الكم بقدر الكيف ومضمون التغطيات لدرجة اختار أحد الأحزاب التوجه نحو الإعلام الثقيل عبر الفضائيات لطرح برنامجه مادام نجاحه المرتقب أرق البعض لدرجة استئجار بعض المنافسين لأقلام صحفية للتشويش عليه وضرب استقراره، وإن العلاقات الإيديولوجية والعلاقات الشخصية كالقرابة وغيرها تدفع بعض الإعلاميين، كما يقول أحد السياسيين بمحاباة حزب سياسي على حساب الآخر. ويؤكد رئيس حركة مجتمع السلم، وأحد قادة تكتل الجزائر الخضراء، أبو جرة سلطاني، في اتصال مع ”الفجر”، أن التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية للاستحقاقات القادمة كثيفة لكن الكثير من العناوين تتعامل بسياسة الكيل بمكيالين، حيث تجند أقلامها لأحزاب سياسية غير قادرة على ملء قاعات صغيرة وتتجاهل أحيانا أحزابا تحشد الكثير من مناضليها، مضيفا أن الكثير من الصحفيين لا يرافقون الأحزاب خلال خرجاتهم الإعلامية ويكتفون أحيانا كثيرة بالاتصالات الهاتفية ودون تكليف مراسلي الولايات لنقل الحقيقة. ويضيف ذات المتحدث أن العلاقات الشخصية والخلفية الإيديولوجية كثيرا ما توجه قلم الصحفي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ترشح بعض الإعلاميين للتشريعات المقبلة، وأن لبعض زعماء الأحزاب أقارب من قبيل ابن العم أو ابن الخال يجندونهم في مثل هذه المناسبات، وهذا الأمر يكاد يكون عاديا اليوم في مشهدنا السياسي، مشيرا في سياق آخر إلى أن صحفا كثيرة، توسعت إلى الجبهة الاجتماعية على حساب الخطاب السياسي للتشريعيات. من جهته، يسجل الدكتور عبد الرزاق مقري، في حديث مع ”الفجر”، ملاحظاته هو الآخر على الكيف لا الكم، حيث ”إن الصحف لا تكاد تفرق بين الأحزاب الصغيرة والكبيرة في تغطياتها وتكاد تكون المساحات المخصصة للطرفين متساوية، وهذا الأمر غير موجود حتى في الدول العريقة ديمقراطيا، لأن الأحزاب تقيم ببرامجها وبحضورها السياسي”، لكن يستطرد في تعليقه على الموضوع بالقول ”لا بأس في ذلك”. من جهته، قال الذراع الأيمن لحزب الشيخ عبد الله جاب الله، لخضر بن خلاف، في اتصال هاتفي مع ”الفجر”، إن ما يؤسف له في الساحة السياسية اليوم أن أقلام بعض الصحف أصبحت مأجورة لتكسير استقرار بعض الأحزاب التي يخافون فوزها بالأغلبية في التشريعيات القادمة، عن طريق نقل الشائعات والحديث عن حركات تصحيحية لا وجود لها، كما هو الحال مع جبهته، مضيفا أن بعض القنوات الإعلامية هي الأخرى خرجت عن المألوف وأصبحت تدعو في حملة مسبقة للعزوف الانتخابي، مادام الأمر يخدم أطرافا لا يخدمها التغيير، متأسفا لانعدام الأخلاق عند بعض السياسيين، ومؤكدا على أن إقرار ميثاق شرف لحماية الحملة الانتخابية والتشريعيات من التجاوزات لن يغير من الواقع شيئا، لأن المشكل في انعدام الضمير وليس في الترسانة التشريعية.