أبدى العشرات من تجار مواد البناء والمستفيدين من السكنات الريفية استياءهم من توقف عملية توزيع الإسمنت منذ ما يزيد عن الشهرين بمصنع عين الكبيرة على مستوى ولاية سطيف، بحجة إجراء عمليات تصفية وتنقية للمصنع، في الوقت الذي طالب هؤلاء الحكومة بفتح تحقيق لتحري المشكل. واحتج التجار الذين قالوا أنهم ”لم يتلقّوا أي إشعار مسبق من طرف الإدارة قبل إجراء عمليات التصفية وفق ما يقتضيه القانون الذي يلزم بإعلان غلق المصنع قبل مدة زمنية معقولة”، وهو ”الأمر الذي أثار حفيظة المهنيين الذين باتوا يهدّدون بالدخول في انتفاضة”، حسب تصريحاتهم، احتجاجا على ما وصفوه ب”سياسة المحاباة الممارسة من طرف إدارة المصنع المذكور”. واعتبر التجار في تصريح ل”الفجر” أن إدارة المصنع تقوم بالتمييز بينهم وبين المقاولين في منح حصص مادة الإسمنت، كما عبّر هؤلاء عن استغرابهم من الكيفية التي باتت تعاملهم بها إدارة المصنع، وتفاقم الوضع نظرا لتزامن هذه الفترة مع وقت الإعلان عن قوائم المستفيدين من السكنات الريفية، حيث أجبر المستفيدون على اللجوء إلى المحلات لاقتناء هذه المادة بسعر تجاوز عتبة ال750 دج للكيس الواحد، في حين يسمح لهم القانون باقتناء المادة من المصنع، وفق ما تمليه رخص البناء والمخططات المودعة لدى مصالح البناء والتعمير، لكن ”هؤلاء لم يجدوا حلا أمام خضوعهم لشروط الإنجاز لاسيما المدة المحددة ب6 أشهر، إلا اللجوء إلى المحلات واقتناء الإسمنت بأسعار باهظة” حسبما أدلوا به. وحسب مصادرنا، فإن قضية الإعلان عن دخول المصنع فترة التصفية متزامنة مع وصول كميات معتبرة من مادة الإسمنت المستوردة من الخارج إلى ميناء بجاية، من طرف أحد المستوردين، الأمر الذي اعتبره المتتبعون للملف بمثابة تواطؤ قصد منح فرصة للمستورد لتسويق مادته بسهولة، لاسيما بعدما تحول الإسمنت إلى أزمة حقيقية في السوق الوطنية، ما أدخل وزارة التجارة في حالة طوارئ، مع العلم أنه لوحظ حضور هذه المادة المستوردة بقوة في المحلات التجارية للإسمنت وبسعر أقل من سعر المنتوج المحلي الموجود بكميات قليلة جدا، لتبقى القضية أمام هذه الأبعاد تطرح تساؤلات كثيرة، طبقا لذات المصادر. وخلال استفسارنا مصالح المديرية الولائية للتجارة حول وضع المادة في الولاية، أكدت عدم تسجيل أي إجراء، سواء فيما يخص المخالفات أو أي شيء آخر، وهذا بالرغم من المضاربة الكبيرة الممارسة من طرف بعض التجار، وعدم مطابقة بعض المحلات للشروط القاضية بممارسة هذا النوع من التجارة، خاصة في المناطق المعزولة. وفي هذا الإطار، طالب التجار الحكومة بفتح تحقيق معمق في القضية لكشف ملابسات الأزمة، وهو الأمر الذي اعتبروه ”ضروريا أكثر من أي وقت مضى، خصوصا وأن ولاية سطيف كان من المفروض أن تكون بعيدة عن أية أزمة للإسمنت نظرا لاحتوائها على أهم مصنع للمادة على المستوى الوطني”.