رن هاتفي قبل أيام ليكلمني أحد الإخوة ”الطيبين” من دائرة حمام النبائل ولاية ڤالمة، وهو من عائلة تربطها علاقة حميمة بعبد الله جاب الله في زمن ما، وقد وقف هذا الشخص بنفسه منذ أزيد من أربع سنين على أن جاب الله لا يقيم أية قيمة لهذه العلاقة عندما جاء إلى العاصمة باحثا عن عمل وعن مكان يبيت فيه، فاصطدم بالمستحيل، واضطررت إذ ذاك إلى التوسط له لدى نائب رئيس بلدية حسين داي سابقا عن الأفلان السيد شليغم السعيد، فسمح له بالمبيت أكثر من شهر في دار الشباب، وظل ذلك الرجل الطيب يذهب إلى مقر جاب الله. ومن الطرائف التي قصها عليّ في ذلك الوقت، أن الناطق الرسمي حاليا باسم حزب ”جعت” قال له ائتني بملف لأسعى لك من أجل الحصول على سكن فقلت له: إن هذا من باب ”ويحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا”، فإياك أن تنطلي عليك مثل هذه الأكاذيب؟ نسي هذا الطيب كل هذا وراح يقول لي أثناء المكالمة: لقد هاتفتك لتقف معنا من أجل فوز قائمة جاب الله في التشريعيات، فقلت له مباشرة: هل حقق لكم عبد الرزاق عاشوري شيئا حين وقفتم معه في العهدة الماضية وطلبتم مني تأييده فأبيت، واليوم تسقطون في فخ أكبر الدجالين في تاريخ الصحوة الإسلامية وقد نسيت... ونفدت الوحدات فانقطعت المكالمة وكنت أريد أن أقول له: أنسيت كيف حرموك حتى من المبيت في المقر ذات عام؟ بعد هذه المكالمة بيوم أو يومين، هاتفني أحد الإخوة الطيبين من أبناء الصحوة في ثمانينيات القرن الماضي، وهو طبيب ويشغل مديرا في مستشفى دائرة بوشقوف، فقدم لي نفسه أنه المرشح رقم 2 في القائمة الخضراء ”حمس نهضة إصلاح”، وطلب مني يد العون كوني أتمتع بشعبية كبيرة في دائرة حمام النبائل، لا سيما في بلديتي الدهوارة ووادي الشحم، 18 ألف ساكن، وقد وقف جاب الله أولا بنفسه على صحة ما أقول في 2002 عندما استقبلته هذه المنطقة بجمهور كبير وحفاوة لا يمكن أن يجدها حتى في مسقط رأسه بالزرامنة ولاية سكيكدة، كما وقف على ذلك أبو جرة سلطاني في 2010 و2011 في ذكرى استشهاد 365 شهيدا في 6 مارس 1956 وهي الذكرى التي تقيمها بلدية الدهوارة كل عام، ثم قال لي الطبيب المرشح: كيف حال أمك التي جئت بها عندي إلى المستشفى وأوصيتك عندما نقلتها إلى عنابة في الأيام الماضية في حالة يُرثى لها أن تتصل بالطبيب صولي في مستشفى عنابة هناك، فقلت له وقد خنقتني العبرة: هذا ليس في الأيام الماضية يا أخانا (...) بل كان في 18 فيفري 2011 أي منذ 14 شهرا بالتمام والكمال، وقد توفيت رحمها الله يوم 19 فيفري 2011 بمستشفى عنابة وعزاني الإخوة الطيبون من بوشقوف من حركة حمس التي رشحتك إلا رئيس المكتب التنفيذي لحسابات لا يعرفها إلا أصحاب التنافس غير البريء للفوز بمقعد في البرلمان حتى لا أحرجه - ربما - بموضوع هيكلة هذه الدائرة، كما صرح بذلك أبو جرة أثناء الزيارة، لأن الهيكلة معناها مكتب تنفيذي ومجلس شورى جديدان..؟ أبدى ذلك الطبيب تأسفه وقال لي: ما أسرع مرور الأيام والله كنت أظن أنك جئت بوالدتك منذ أيام فقط، فقلت له لا عليك، ولا تنس بعد هذا أن أغلبية سكان دائرتي طلبوا مني الترشح في أي حزب شئت ليقفوا معي فقلت لهم: أنا محسوب على الإسلاميين ولا يمكن أن أترشح في حزب آخر وسأجرب مع إخواننا في القائمة الخضراء فلم أجد مانعا عند أبو جرة ولا عند فاتح ربيعي، بل وجدت الرفض من قبل حركة الإصلاح، رغم أنني عضو مؤسس فيها وعضو مجلس الشورى الوطني، واستعانت بي في رئاسيات 2009 لتبعث بي إلى الصحراء، حيث قال لي حملاوي الأمين العام: لدينا مرشح أشهر من نار على علم وهو عضو المكتب الوطني والجامعة تعرفه وشوارع مدينة ڤالمة تعرفه فقلت له: أنا من حركة الإصلاح ولست بالشخص العادي فيها ولا أعرفه ولا يعرفه أحد في دائرة حمام النبائل التي لا تعطي للإسلاميين هذه المرة إلا الهمل من الأصوات، وقد ناولت الرؤساء الثلاثة برنامج عمل لصالح هذه المنطقة وأنشره لعل الفائز سواء من القائمة الخضراء أو من غيرها يكون له ضمير هذه المرة فيؤدي ما عليه في مطالبة السلطة بتحقيق بعض هذه النقاط في كل الوسائل المتاحة، وإن لم يتحقق أي شيء فلا لوم عليه لأنه برهن للسكان أنه أدى ما عليه. 1 - العمل على ربط الطريق الوطني الرابط بين تبسةوعنابة بالطريق البلدي خميسة الدهوارة فتختصر المسافة بين عنابةوتبسة بأكثر من 80 كلم حيث يمر الذاهبون إلى عنابة سواء من عين البيضاء أو من تبسة أو من الوادي وباتنة وغرداية على خميسة الدهوارة وادي الشحم، فتنتعش بذلك الحياة الإقتصادية لهؤلاء السكان وينعدم النزوح الريفي إلى المدن والقرى، وهذا مطلب جميع سكان الدهوارة ووادي الشحم وحمام النبائل، وعددهم يتجاوز 32 ألف ساكن. 2 - من باب تقريب الإدارة من المواطن العمل على إلحاق هاتين البلديتين ”الدهوارة” و”وادي الشحم” 18 ألف ساكن بولاية سوق اهراس التي لا تبعد عنهما بأكثر من 20 كلم بدل الولاية التي ينتميان إليها حاليا، وهي ڤالمة التي تبعد عنهما بحوالي 58 كلم حيث ألحقتا بڤالمة لأسباب سياسية انتخابية ليستفيد منهما من ألحقهما بها بوعائهما الانتخابي، إذ كان يخشى وهو من حمام النبائل التابع طبيعيا لولاية ڤالمة ألا يفوز في تشريعيات الحزب الواحد ”السبعينيات والثمانينيات” إذا التحق سكان الدهوارة ووادي الشحم بسوق اهراس، لأن المسألة الانتخابية مسألة ”عروش”، فاستفاد الشخص من سكان هذه المنطقة ولم تستفد المنطقة منه للأسف الشديد. 3 - في حال التحاق هاتين البلديتين بولاية سوق اهراس العمل على أن تصبح بلدية وادي الشحم دائرة تتبعها بلدية الدهوارة والمشروحة وتصبح قرية ”منزل بوقطاية” بلدية رسميا بما يقرب الإدارة أكثر من المواطن لدى هؤلاء السكان. فالمشروحة تبعد عن وادي الشحم ب10 كلم والدهوارة ب5 كلم. 4 - العمل في الوقت نفسه على أن تصبح دائرة بوشقوف ولاية وهي التي تحدثت عنها مصادر في وزارة الداخلية تتتبعها دائرة حمام النبائل لتصبح قرية عين تحممين بلدية رسميا، وهي الشهيرة بشوائها كشهرة اليشير ببرج بوعريريج. هذا على المستوى الإداري وتقريب الإدارة من المواطن. أما على المستوى الاقتصادي فالعمل على تحقيق ما يلي: 1 - العمل على استفادة الفلاحين الصغار من قروض طويلة المدى بدون فائدة لانتعاش الإنتاج الحيواني - بقر- غنم - ماعز - دواجن والإنتاج الخضروي والفاكهي والزراعي بالطريقة العصرية المتبعة في الدول المتطورة، لا سيما وأن بلديتي الدهوارة ووادي الشحم مشهورتان في الشرق الجزائري كله بتينهما ورمانهما، حيث تصل حبة الرمان إلى وزن 1 كلغ و3 حبات تين من نوع ”بوعدوس” تصل إلى وزن 1 كلغ، ويمكن تصديرهما في حال الوفرة إلى الخارج بالعملة الصعبة بدل بيعها بالطريقة البائسة كما هو معروف حاليا على الطريق العام، أي نقل هذا المنتوج من الكيف النادر القليل إلى الكيف الكثير. 2 - العمل على بناء مصنع تحويلي للطماطم والفواكه في حال عدم التصدير وبناء مصنع كبير للمياه المعدنية في الدهوارة التي يأتيها الناس يوميا من سوق اهراس وبوشقوف للتعبئة بمئات اللترات من مائها الزلال الشهير. 3 - العمل على جعلها منطقة سياحية حين تنتعش بالطريق الوطني لأنها في ربوة ترى من خلالها مدينتي عنابة وڤالمة، وكأنك حين تراهما في طائرة أو في عش نسر، وبناء نزل أو أكثر من نزل تكون تكلفة المبيت فيه في متناول الطبقات المتوسطة، ينعش الحياة السياحية والتبادل التجاري، لا سيما في فصلي الربيع والصيف، كما أن بناء مستشفى أو مستوصف على هذه الربوة ذات الهواء النقي للأمراض الصدرية وغيرها يقلل من حركة المرضى نحو الولايات المجاورة. 4 - العمل بمحاولة السعي مع المستثمرين من الجزائر والأجانب على الاستثمار السياحي في هذه المنطقة ومنها التزود بمصعد هوائي ”تيليفيريك” يصل إلى النزل والمستوصف... عبر مسافة 6 كلم يستمتع الراكب فيه بالمناظر الخلابة، أضف إلى وضع حد لمعاناة السكان عبر هذه الوسيلة من الصعود والهبوط عبر السيارات والحافلات وبأثمان مرتفعة ليست في مقدورهم، مع تزويدهم بغاز المدينة الذي لا يبعد أنبوبه عنهم بأكثر من 8 كلم. 5 - العمل على بناء مصنع للحليب المبستر في دائرة بوشقوف مع ملحقاته التحويلية: يايورت، جبن، وغيره، لأن المنطقة تشتهر بالإنتاج الحيواني. 6 - العمل على بناء أكثر من سد صغير في المضايق المائية وبين ملتقى الأودية والشعاب الصغيرة في محيط تراب دائرتي حمام النبائل ووادي الشحم لإنعاش الحياة الفلاحية. هذا وإن المنطقة من خلال الذين مروا بأصوات أهلها إلى البرلمان من التيار الإسلامي لم يزوروها إلا في المناسبات الانتخابية. فلا بودم وهو نائب حمس 1997-2002 وصلت قدماه هذه المنطقة، ولا عبد الرزاق عاشوري ولا جمال بزازي من النهضة ولا عزالدين شيهب من الإصلاح قدموا لها القليل فضلا عن الكثير، وهي منطقة مهمشة في القوائم الانتخابية للتيارات الإسلامية والوطنية على السواء، وهو احتقار يراه السكان لتاريخها الثوري العريق الذي لا يوجد مثله في ولاية ڤالمة كلها.^ بقلم : الصادق سلايمية