ونحن نعد الأيام الأخيرة قبل الامتحان المصيري، تتطور حالات الخوف والقلق لدى مترشحي شهادة البكالوريا، لتتحول من اضطرابات نفسية إلى عوارض فيزيولوجية تتراوح بين فقدان الشهية، إغماء، تساقط الشعر، وأمراض جلدية أخرى يفرزها التوتر والقلق. يصاحب فترة الامتحانات التحصيلية المدرسية بعض أعراض القلق، وقلق الامتحانات حالة نفسية تتصف بالخوف والتوقع، أي أنه حالة انفعالية تعتري بعض الطلاب قبل وأثناء الامتحانات، وتكون مصحوبة بتوتر وحدّة انفعال وانشغالات عقلية سالبة تتداخل مع التركيز المطلوب أثناء الامتحان، ما يؤثر سلبا على المهام العقلية في موقف الامتحان. ورغم أنه سلوك عرضي ومألوف ويعد دافعا إيجابياً مطلوبا لتحقيق الدافعية نحو الإنجاز المثمر، إلا أنه في الكثير من الأحيان يكون مصحوبا بأعراض غير طبيعية، كعدم النوم المتصل وفقدان الشهية للطعام، والإغماء المتكرر، بالإضافة إلى العديد من الانعكاسات على الجلد، مثل تساقط الشعر.. وأعراض أخرى سنحاول تسليط الضوء عليها من خلال التقرب من الأخصائيين. أعصاب مشدودة مصحوبة بأعراض مرضية يعيش تلاميذ البكالوريا على أعصابهم في انتظار امتحان الحسم. وحسب حديثنا إلى بعض الطلبة تبين أنهم يعيشون لحظات حرجة تتفاوت أعراضها من شخص إلى آخر، وفي الوقت الذي يعاني بعض الطلبة من اضطرابات في النوم وفقدان الشهية، يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك عند البعض الآخر، ويصل إلى حد الإصابة بأمراض مختلفة، يتعلق الأمر ببعض الأمراض الجلدية.. مثلما حدث مع نوال، من العاصمة، التي أصيبت ببقع حمراء على جلدها بشكلي غريب، حيث تظهر وتختفي ثلاث مرات في اليوم. أما كريم فهو لا يقوى على الأكل فقدان الشهية يلاحقه منذ انتهاء الدراسة، وهو ما جعله يخسر الكثير من وزنه. كما أن الكثير من الطلبة استغربوا من تساقط شعرهم بشكل غير طبيعي في الآونة الأخيرة، ومع اقتراب موعد الامتحان، وهو ما جعلنا نتقرب من المختصين لمعرفة حقيقة هذه الأعراض، وعلاقتها بالفترة التي يمر بها الطلبة. التوتر النفسي يهيج الجلد ويسبب تساقط الشعر حذر أخصائي الأمراض الجلدية، نبيل أمدالي، التلاميذ المقدمين على الامتحانات من التوتر الزائد من أجل تفادي الكثير من الأمراض الجلدية، الناجمة عن ذلك مثل الالتهابات الجلدية والحساسية، وكذا تساقط الشعر، الذي أكد لنا أنه أحد الأمراض الجلدية المنتشرة لدى التلاميذ، وهو ناتج عن حالة قلق وتوتر كبيرين، ويتطلب علاجه الالتزام جسديا ونفسيا عن طريق تقديم حبوب خاصة للشعر، بالإضافة لسائل يمنع تساقطه، غير أن هذا لوحده لا يكفي على اعتبار أن العلاج النفسي ضروري جدا في مثل هذه الحالات التي عادة ما يوجهها الطبيب النفسي حتى يتلقى العلاج الكلي، وحتى يتماثل للشفاء نهائيا. كما اعتبرها أمراضا ظرفية، حيث أن التلميذ يصاب بها لفترة زمنية، ثم تزول بعد ذلك، فهي مرتبطة بالحالة النفسية لدى التلميذ، والناتجة عن الاضطراب الذي يأتي قبل فترة الامتحانات.. وهنا يستلزم عليه أن يخضع للعلاج النفسي، الإسترخاء وعملية إلقاء المشاكل التي تعتبر أهم مرحلة في العلاج، لأنه يخرج فيها كل ما ينتابه من غضب ويتحدث عن حالة القلق والتوتر التي تنتابه، غير أن هذا لوحده لا يكفي فهو ملزم بالعلاج عند أخصائي الأمراض الجلدية حتى يكون العلاج مزدوجا، وبالتالي الشفاء النهائي من المرض. التحضير النفسي يجنب التلميذ الإصابة بهذه الأمراض من جهتها، تقول الأخصائية النفسية نسيمة ميڤاري:”نظرا للتأثير النفسي الذي يتعرض له الطلبة والتلاميذ خلال فترة الامتحانات ينتابهم القلق والتوتر الذي يؤثر سلبا على استعدادهم لهذا اليوم المصيري الذي يتحدد من خلاله مستقبلهم، ليترجم في شكل أعراض فيزيولوجية مرضية”. وفي هذا الإطار فهي تدعو الأولياء إلى الاهتمام بالجانب النفسي لأبنائهم بهدف مساعدتهم على التركيز وإكسابهم الثقة التي تمكنهم من إجراء الامتحان بدون خوف وإبعادهم عن كل ما يمكن أن يشتت تفكيرهم بداية بالتلفزيون، ومرورا بالضغط العائلي الذي تمارسه العائلة على المترشح، حيث تؤكد على ضرورة توفير الجو الهادئ الذي يسمح باستيعاب الدروس دون ضغط مفرط الذي يعطي غالبا نتائج عكسية. .. وآخرون استعانوا بالرقية الشرعية للقضاء عليها وفي المقابل يفضل طلبة آخرون الاستعانة بدعوات شيوخ المساجد وعلاج حالات القلق والخوف و”الوسواس” بالرقية الشرعية، التي يرى فيها الكثيرون الحل الأمثل، حيث أكد لنا بعض من التقيناهم أن العودة إلى الله أفضل من الاستعانة بطبيب الأمراض النفسية، على غرار دحمان الذي يحرّض على الحصول على الماء المرقي لأبنائه المقبلين على الامتحانات حتى ينعموا بالراحة النفسية في هذه الأوقات الحرجة. نفس الشيء بالنسبة للسيدة وهيبة التي لجأت لنفس الطريقة لعلاج ابنتها التي فقدت الشهية وأصبحت تصاب بنوبات إغماء مؤخرا، وبدلا من أخذها للطبيب فضلت علاجها بالرقية، على اعتبار أن التوتر هو السبب الرئيسي لحالتها، وليس هناك علاج أحسن من القرآن الكريم. توتر الامتحانات يعالج بالغذاء.. وللقضاء على الشعور بالتوتر والقلق المصاحب لهذه الفترة، قدمت أخصائية التغذية دليلة مسكين قائمة بأهم الأطعمة التي تقلل أشهر أعراض الامتحانات، لنتمكن من تهيئة الأبناء لدخول الامتحانات بأفضل حال، حيث ركزت على الأطعمة المقاومة للتوتر، مثل الأغذية المهدئة للأعصاب قبل النوم، مثل التفاح، وعسل النحل، والأطعمة الغنية بفيتامين ب6 كالسمك، والبيض، والسبانخ، والدجاج، والحبوب، والموز كما نصحت بالإكثار من الأطعمة الغنية بالكالسيوم، وعلى رأسها منتجات الألبان، والعسل الأسود، والخضروات الطازجة، والمياه المعدنية، والأغذية الغنية بفيتامين (د) المتوفر في أقراص زيت كبد الحوت مثلا، وكذا شرب المشروبات الدافئة كالنعناع، والحليب، والحلبة، والتي تستخدم أيضا لتهدئة تقلصات المعدة.. مضيفة أنه لرفع قدرة الطالب على التركيز واستيعاب المعلومات، يجب تناول الأطعمة الغنية بسكر الغلوكوز، والذي يعتبر الغذاء الرئيسي للمخ، وعلى رأسها التمر، مع مراعاة عدم المبالغة في تغذية الأطفال ذوي السمنة بهذه العناصر، والاستعانة بمضادات الأكسدة مثل الخضروات الملونة الطازجة كالسبانخ، والبقدونس، والموالح الغنية بفيتامين (سي) وعصائر الفواكه الطبيعية كما حذرت من استهلاك الأطعمة عسيرة الهضم، التي تسبب تقلصات للمعدة وشعورا بالانتفاخ كالفول، والبقوليات، والكرنب، والمعلبات، والعصائر المحفوظة، شأنها شأن الأطعمة الدسمة والمقلية والغنية بالدهون كالحلويات التقليدية، لأن هذه الأطعمة تأخذ وقتا أطول في الهضم، وبالتالي تسحب الدم من المخ للقناة الهضمية فيشعر الطالب بالخمول.. داعية إلى التركيز على الوجبات الخفيفة كالبروتينات سهلة الهضم كالدجاج والبطاطا، والأطعمة الغنية بالفسفور واليود، وأهمها سمك التونة. كما أنه من الممكن الاستعانة ببعض المكملات الغذائية والفيتامينات المساعدة على تقوية الذاكرة وزيادة التركيز، وأهمها حبوب زيت كبد الحوت، التي يفضل أخذها بعد وجبة الإفطار يوميا، وكذا المغنزيوم والفيتامينات المنشطة للجهاز العصبي.