مريم.. سائقة الشاحنات تخطت الصعاب من أجل أبنائها أبسط ما يمكن أن يقال عنها إنها امرأة كألف رجل، تحملت مسؤولية كبيرة ومصاعب أكبر، حملت على عاتقها رعاية أسرة كاملة بعدما تعرض زوجها لحادث سير خطير أودى بحياته. ورغم اقتحامها عالم الشاحنات الذي طالما كان حكرا على الرجال، بقيت محافظة على أنوثتها وأمومتها اللتين لم تتخل عنهما. مريم غريب، أرملة وأم لثلاثة أطفال، تقود الشاحنة صباحا باتجاه السمار بالعاصمة، أين تبدأ روتينها اليومي بتحميل السلع وتبدأ رحلة توصيلها إلى بائعي الجملة والتجزئة، غير آبهة بتعاليق الكثيرين التي تباينت بين الاستهزاء والاستغراب. قوبل قرار مريم في اقتحام عالم الشاحنات بالرفض القطعي من طرف عائلة زوجها وعائلتها، ليس إنقاصا من قدراتها لكن لارتباط هذه المهنة بوفاة زوجها، غير أنها لم تستسلم لهم وقررت تحقيق طموحها في مهنة اختارتها لتعيل أبناءها، واجتازت لذلك امتحان الحصول على رخصة سياقة الشاحنات، مضيفة:”بعد ما لم يجد أفراد عائلتي مني سوى الإصرار والجدية، غيروا رأيهم تماما حتى أصبحت نظرات الرجال تشجيعية بشكل كبير، أما الفتيات فأصبحت لديهن الرغبة الكبيرة في قيادة الشاحنة، ولكنهن لاتزلن تخشين نظرة المجتمع والعادات والتقاليد”. ورغم ما كانت تسمعه مريم من تعليقات وانتقادات حين رؤيتها وراء مقود الشاحنة، لم تيأس قائلة:”لم أواجه ما هو أصعب من التعامل مع أبنائي الذين سئموا من سماع التعليقات الجانبية، فكانت ردود الفعل في بادئ الأمر يرافقها الاستهجان من المقربين، إلا أن الأمر سرعان ما بدأ يتحول إلى تقدير واحترام”. لم تكن سياقة الشاحنات طموح مريم الأخير، حيث أن حلم قيادة القطار والميترو من أهم الأشياء التي تشغل بالها اليوم، قائلة إن طموحها للحصول على رخصة شاحنة لم تحققه إلا بعد وفاة زوجها، ولاتزال مصرة على تحقيق حلمها في قيادة الميترو مهما كلفها الأمر، متمنية أن يزداد عدد السائقات مثيلاتها على الشاحنات، مضيفة “كلما زاد عددنا زادت ثقتنا بنفسي وزاد احترام الناس لنا”.