كانت المحامية جيزال حليمي تقول لزملائها الأوروبيين والجزائريين: ”إن جميلتي هي أجمل الجميلات”. كانت تقصد بذلك المجاهدة جميلة بوباشا. صحيح أن المحامين المتعاطفين مع الثورة الجزائرية كانوا يدافعون عن ثلاث جميلات سجينات هن: جميلة بوحيرد، جميلة بوعزة، وجميلة بوباشا. لكن عدد المجاهدات اللواتي كن في سجون الاستعمار وقتها لم يكن يحصى ولا يعد. فيما بعد، حين نشرت المحامية جيزال حليمي كتابها الشهير الموسوم ”جميلة بوباشا”، أوضحت قولها أكثر، فكتبت أن ”كل مجاهدات الجزائر كن جميلات؛ فمحاربة الاستعمار والموت من أجل الحرية هما أجمل تضحية في العالم”. انضمت جيزال حليمي، ابنة خنشلة الأبية، إلى فريق المحامين المدافعين عن سجناء القضية الجزائرية بمجرد حلول سنة 1956. إن كانت قد خصصت كتابا لقضية جميلة بوباشا، فذلك لم يكن حسب قولها ”سوى مساهمة في إبراز شجاعة المرأة الجزائرية التي ضحت بالنفس والنفيس من أجل حرية شعبها واستقلال بلادها”. لقد أصبح اسم ”جميلة” رمزا عالميا للمرأة المكافحة ضد الظلم والاستعمار والطغيان في كل بقاع العالم. مجاهدات الجزائر اللواتي حملن هذا الاسم ”الجميل” حكم عليهن الاستعمار الفرنسي بالإعدام، إن لم يعدمهن فعلا فذلك راجع إلى جبن جلاديه أمام أصوات الحق التي زعزعت معنويات الطغاة. صمود ”جميلات الجزائر” أمام أفظع أنواع التعذيب التي لا يمكن وصفها أصبح رمزا للجمال في كل أصقاع العالم. عانت المحامية والكاتبة جيزال حليمي معاناة شديدة من السلطات الاستعمارية وأذنابها الكولون المتوحشين. بيد أن ذلك لم يثن عزيمتها ولم يضعف إيمانها الراسخ بعدالة القضية الجزائرية. كانت تقول للجلادين: ”أنتم حثالة التاريخ”. حتى اليوم، لا تزال، ابنة أوراس النمامشة، تعتبر نفسها جزائرية، كتابها الذي روت فيه ”سيرة الكاهنة” يعتبر رمزا آخر للمرأة الجزائرية المعروفة بحنكتها وشجاعتها وقوة بصيرتها. لقد قالت جيزال حليمي في أحد حواراتها الصحفية: ”إنني أعتبر الكاهنة جزءاً من كياني. فهي إحدى جداتي الخنشليات. أما جميلة بوباشا وأخواتها اللواتي حاربن الاستعمار، فإنهن أخواتي في الجنسية والنضال”.