حذر فاعلون في الحقل الأدبي من الانخفاض الرهيب لمستوى المقروئية والكتابة في الجزائر، مرجعين الأسباب إلى انعدام سياسة ثقافية واضحة ترمي إلى تطوير الكتاب وكذا تذبذب العوامل المساعدة في صناعته على المستوى المحلي والعالمي. نوه الكاتب ووزير الثقافة السابق المغربي، محمد الأشعري، خلال اللقاء الذي جمعه بالكاتب الجزائري محمد ساري في إطار مهرجان الأدب وكتاب الشباب، الذي يسدل الستار عن فعالياته عشية اليوم بالعاصمة، أن ثقافة القراءة في الجزائر وكافة بلدان المغرب العربي تبدو غائبة لعدة اعتبارات يتحمل جزء منها الكُتَاب الذين لا يبذلون جهدا في تطوير كتاباتهم الروائية تماشيا مع ذكاء القارئ. وأضاف أن الكتابة تستدعي تجنيد المعارف والوثائق وجمع الشهادات، فلم تعد كتابة تستند على التلقائية، حيث نوه في الصدد إلى أن القراءة والمطالعة بشكل عام تقوم على تقاليد وأسس تنطلق من تنشئة الفرد علميا في المدارس وتكوينه جيدا في المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى علاقة الكاتب بالقارئ التي باتت متدهورة ومتراجعة إلى أبعد الحدود، مقرا بوجود يأس تسرب الإنتاج الثقافي والأدبي وكذا صناعة الكتاب وآليات تفعيل القراءة في مختلف المكتبات والمدارس. بالمقابل اعتبر المتحدث أن الاهتمام من طرف الدول العربية انصب فقط على إقامة المهرجانات الفنية التي لا تأتي بالفائدة على الأفراد، بينما تغيب بشكل أو بآخر الثقافة الحقيقية المتمثلة في الأدب شعرا ورواية، بل تغيب بشكل تام سياسة ثقافية واضحة في هذا الإطار من شأنها تطوير الكتاب نشرا وتوزيعا. وفي سياق متصل أشار إلى أن توزيع الكتاب بين الجزائر والمغرب منعدم، حيث قال ”الكل يعلم بعد وجود توزيع للكتاب المغربي في الجزائر ولا يوجد توزيع للكتاب الجزائري في المغرب”. من جهته أرجع الكاتب محمد ساري، الوضع المتردي لحلقة الكتاب والمقروئية في الجزائر إلى عدة عوامل مختلفة، منها ما يرتبط بعقلية الفرد الجزائري واختلاف اللغة المتداولة في أوساط المجتمع الجزائري بين اللغة العربية الفصحى المستعملة في الكتابة وبين الدرجة المتعارف عليها، وهي لغة عامة الناس، ناهيك عن قلة كثافة برامج المطالعة في المدارس، حيث كما قال ”تعد بنسبة قليلة لا تكفي لتنمية معارفك وجعلك شغوف بالقراءة”، بالإضافة إلى تذبذب التوزيع والنشر لمختلف الأعمال الأدبية القائمة على نسبة المقروئية.