*أشارك برواية "دنيا" وقصص للأطفال بمعرض الجزائر الدولي ال 16 *غياب الإعلام أثر على المقروئية بوهران *الرواية المكتوبة بالفرنسية أكثر إنتشاراً من العربية *أحب الكتابة للطفل وتوعيته عبر قصص تربوية *لايوجد فرق بين الكتابة النسوية والرجالية في الأدب *دور النشر تشجع الرواية في إطار سياسة تجارية بحثة *سأحقق حلمي بالكتابة عن اليأس والأمل صنفت على أنها من أبرز الشخصيات الأدبية التي حملت نفسها مسؤولية الحفاظ على تاريخ بلادها وحمايته من الإهمال والإندثار ، فعكفت على نقل الحقائق التاريخية للفكر العربي والغربي عبر روايتها المكتوبة بالفرنسية راصدة مسارات زمنية كانت شاهدة على تطور الجزائر منذ فترة ماقبل التاريخ مروراً بالقرون الرومانية والإنفتاح الإسلامي العربي إلى غاية دخول الإستعمار الفرنسي فكتبت بأسلوبها المتميز ولغتها سلسة عن الأصول البربرية للفرد الجزائري وصورت الحياة البدائية التي عاشها سكان منطقة شمال إفريقيا في فترة ما قبل التاريخ وغيرها من المحطات التاريخية التي ميزتها عن غيرها من الروائيين الجزائريين مما سمح لها بولوج عالم الإحترافية والإنضمام إلى أهم المبدعين الذين أغدقوا المكتبات الوطنية بمؤلفاتهم التاريخية . والأهم من ذلك أن فاطمة بخاي إستطاعت بأسلوبها اللغوي وخيالها الواسع أن تبرز الأدب التاريخي بولاية وهران التي ترعرعت بها وأتمت دراستها الثانوية والجامعية بمؤسساتها ، فلم يكن إمتهانها للمحاماة عقبة أمام عشقها للكتابة الإبداعية بل بالعكس خصصت كل وقتها للبحث والتدوين والغوص في كل محطة تاريخية عاشتها الجزائر لتسرد عبر رواياتها التاريخية قصص واقعية تكشف فيها عن معالم الحياة البسيطة التي عاشها الإنسان الجزائري عبر حقبات من الزمن فكتبت "لاسكاليرا" و "دنيا" و"زوجة القائد" وكذا "واد للذاكرة" لتفرض أكثر وجودها في الساحة الأدبية بثلاثية "إيزوران" التي تعد من أهم الإصدارات الروائية التي تعزز بها الأدب التاريخي الجزائري كونها أوصلت للقارئ جرأة الكاتبة ومدى تمكنها من ترجمة هذا التاريخ وفي هذه الفترة الزمنية بالذات أي ماقبل التاريخ وما لفت الإنتباه أكثر في هذه الثلاثية هو توجه "فاطمة بخاي" نحو الأصول البربرية للإنسان الجزائري وإقتنائها للعنوان كان أكبر دليل على إهتمامها بها ، فأصدرت "إيزوران" وتعني به "الجذور" وهو في الأصل ما شد إنتباه القارئ وكذا النقاد الأمر الذي حفزنا على الإتصال بالروائية فاطمة بخاي والإلتقاء بها قصد إجراء هذا الحوار : بداية ما هو جديد "فاطمة بخاي" بعد النجاح الكبير الذي حققه "إيزوران" في جزءيه الأول والثاني ؟ - تماماً مثلما تفضلتم فقد حقق "إيزوران" نجاحاً لامثيل له في الساحة الأدبية الجزائرية والعربية وحتى الأوروبية وهو ماحفزني على إصدار الجزء الثالث منه تحت Aux pas de la sublime porte وأعني به عتبات من باب إسطمبول العظيم الذي كان رائجاً في الفترة العثمانية آنذاك حيث حاولت إبراز عمق الجذور التاريخية للجزائر وأهم مرحلة عاشتها البلاد منذ سقوط غرناطة إلى غاية دخول الإستعمار الفرنسي . وفي الأصل "ثلاثية إيزوران" تحكي سيرورة الحياة في منطقة شمال إفريقيا منذ عصر ما قبل التاريخ إذ إخترت فترة 18 قبل الميلاد لأنها بداية الحكاية بالنسبة لنشأة هذا الشعب وكيف إنتشر وكبر وتعلم ؟! ، هو تاريخ يستوجب الإهتمام ويتطلب السرد والتافصيل لأن معه تأسست هذه البلاد ونمت حتى أصبحت اليوم دولة وشعباً ، أما فيما يخص العنوان "إيزوران" فتعني به "الجذور" باللجهة الأمازيغية إذ أردت أن أجعل من الثلاثية مؤلفاً ملفتاً للإنتباه ومثيراً للتساؤلات وهو أمر أعتز به خصوصاً عندما أبرزت كيف كان أجدادنا يلفظون في القديم هذه الكلمة وهو مايجهله الكثير من القراء وحتى النقاد ، والحمد للّه فقد عرفت "الثلاثية" إستحساناً من طرف هؤلاء الذين ثمنوا مجهودي وجعلوا منها مرجعاً للعديد من أبحاثهم ودراساتهم التاريخية . وماذا عن مشاركتك في معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته ال 16 ؟! ، هل ستعززين حضورك الأدبي بثلاثية إيزوران أم أن هناك إصدارات أخرى تنوي عرضها ؟ - إخترت هذه المرة أن أشارك برواية "دنيا" التي صدرت عام 1996 لكن في شكل جديد إذ قررت إعادة نشرها مرة أخرى تلبية لرغبة القراء الذين ألحوا على ضرورة توفيرها بالمكتبات وبطبيعة الحال لم أستطع مقاومة هذه الرغبة خصوصاً أنها تتعلق بقرائي وأصدرت "دنيا" لأشارك بها في هذا الصالون إضافة إلى عدة كتب موجهة للأطفال إحداها بعنوان "قصة الزهرة الزرقاء" الصادرة عن "منشورات ألفا" وأنا في الحقيقة سعيدة جداً بهذه المشاركة التي ستسمح لي كغيري من الأدباء الجزائريين بالتواصل مع القراء وتوسيع العلاقات الثقافية مع ضيوف الصالون الذين قدموا من كل مكان للتواجد معنا قصد تبادل الأفكار حول المواضيع الراهنة في مجتمعنا العربي بصفة خاصة . وما لايمكن إنكاره أن معرض الجزائر الدولي للكتاب مناسبة هامة جداً بالنسبة للقطاع الثقافي الجزائري من جهة وبالنسبة لنا نحن ككتاب وروائيين فمن المهم أن تنظم بلادنا مثل هذه التظاهرة وتستضيف على أرضها هذا العدد الهائل من الأدباء العرب والأجانب وكذا دور النشر لتكون الجزائر محور لقاء هذه الأقلام والمؤسسات التي تهدف بالدرجة الأولى لترقية الكتاب وتنمية الفضاء الثقافي والأدبي بجميع ألوانه ومناهجه وللكتابة الأدبية الجزائرية طبعاً حصة الأسد في مجمل الإهتمامات والنقاشات وهو أمر يبعث على الفخر والإعتزاز لامحالة . تخصصت فاطمة بخاي في الرواية التاريخية دون غيرها الألوان الأدبية الأخرى ما السر الكامن وراء ذلك ؟ - ببساطة أعشق تاريخ بلادي وأستلهم منه أفكاري وجرأتي على السرد والتحليل لأنه جزء لا يتجزأ من ماضي ومستقبلي فبمجرد الحديث عن قصة الجزائر وتاريخها العريق ينتابني إحساس مشبع بالإعتزاز تارة والقوة تارة أخرى وهذا ما ولد لدي رغبة جامحة في سرد التاريخ والتغلغل في مكنونات الأحداث والوقائع التي عاشتها الجزائر عبر مختلف الأزمنة والعصور فإنطلاقاً من أولى رواياتي "لاسكاليرا" وصولاً إلى ثلاثية "إزوران" لم أتحدث سوى عن تاريخ الجزائر رغم صعوبة تجسيده للقارئ كونه يستوجب المصداقية والموضوعية وغيرها من العوامل الأدبية الأخرى وإسمحوا لي إذا قلت أن الكتابة التاريخية في الرواية تعد من الكتابات الأدبية على الإطلاق فما بالكم إذا كانت باللغة الفرنسية !!؟ بما أنك تحدثت عن الرواية المكتوبة باللغة الفرنسية هل ترين أنها الأكثر مقروئية وإنتشاراً في المجتمع الجزائري عكس الرواية المكتوبة باللّغة العربية ؟ - نعم فالرواية المكتوبة بالفرنسية لها نسبة كبيرة من القراء ببلادنا وهذا ليس مجرد رأي ذاتي أو تكهن بل بناء على تجربة قمنا بها بدار النشر عندما ترجمنا كتاباً مكتوباً باللغة الفرنسية إلى العربية والنتائج لم تكن سارة أبداً إذا كان الإقبال على هذا المؤلف المترجم ضئيلاً جداً وهذا ما أكد لنا النظرية التي تفيد أن نسبة المقروئية بالفرنسية أكبر من العربية في الوقت الحالي لكن رغم هذا فأنا أتمنى أن تترجم جميع المؤلفات إلى اللّغة الأم حتى يتمكن شبابنا من قراءتها والعكس صحيح وبهذه الخطوة ترتفع نسبة المقروئية في مجتمعنا بكلتا اللغتين . كيف تقيمين المشهد الإبداعي الأدبي بوهران في الفترة الأخيرة ؟ - الأمر الوحيد الذي أتأسف عليه هو إنعدام المقروئية ، فلم يعد هناك ذلك الشغف المتعلق بمطالعة رواية أو قصة كما في الماضي حتى أن الكتب التارخية صارت غير مهمة لدى القراء ، هذا بغض النظر عن المكتبات التي تعد على الأصابع إذ يفضل الكثيرون فتح محلات للأكل الخفيف على أن يفتحوا مكتبات تضم أحدث الإصدارات الأدبية وهذا أمر يبعث على التحسر والإستياء في ظل الموجة الثقافية التي تكتسح جل الدول العربية الأخرى . وليس هذا فحسب بل إننا بوهران نفتقر للقاءات الأدبية والأمسيات الشعرية وتظاهرات أخرى من شأنها أن تعزز المشهد الأدبي بعاصمة الغرب الجزائري وتفتح فضاءات جمة للمبدعين من محترفين وهواة حتى نلتحق بموكب التحضر الثقافي الذي يضم خيرة الكتاب والمفكرين و إذا صرحت بعدم وجود قراء فأنا أستثني الطلبة بطبيعة الحال الذين يعكفون على قراءة بعض المؤلفات بهدف البحث والدراسة لاغير مثل مؤلفاتي التي عمل عليها العديد من الطلبة الجامعيين وحتى الباحثين . الجمهورية : في رأيك ما السبب وراء إنعدام المقروئية بمدينة عريقة مثل وهران؟ في الحقيقة هناك عدة عوامل أهمها غياب الإعلام الذي كان بعيدا كل البعد عن التعريف بأحدث الإصدارات وتقديمها للقارئ كمولود أدبي جديد وحتى سبل الإشهار منعدمة في هذا الصدد فكيف لعشاق الإبداع الأدبي أن يواكبوا هذه الإصدارات ويطلعوا على محتواها الروائي أو القصصي وحتى الشعري والنظرية التي نستخلصها من هذا الواقع هو أنه يوجد قراء لكن لا يوجد من يوصل إليهم الكتاب !!! والأمر الذي يحز في نفسي كثيرا أن الدولة بذلت جهدا كبيرا لترقية الكتاب وتعزيز المقروئية ببلادنا من خلال مجموع التظاهرات الوطنية والدولية التي برمجتها في الفترة الأخيرة لكن رغم هذا لم نرتق بعد إلى المستوى المطلوب على غرار الدول العربية الأخرى مثل مصر ولبنان اللذان عرفا عنهما إهتمامهما القوي بالأدب بحكم دور النشر الكثيرة والإمكانيات الكبيرة المخصصة لهذا الفضاء بالذات بإعتباره الواجهة الحقيقية لثقافة كلا البلدين في حين لا زلنا نحن نعاني من إنعدام الإحساس بالقراءة بسبب إفتقار أبنائنا للتعليم والبعض من مظاهر التربية الصحيحة وهذا في الحقيقة خطأ الآباء والأجداد الذين لم يغرسوا فيهم حب المطالعة وشغف القراءة وبدون هذه العوامل لا يمكن أن ترتفع أبدا نسبة المقروئية سواء بوهران أو بالمدن الجزائرية الأخرى والأهم من ذلك أن مؤلفاتنا نحن كروائيين وقاصين وشعراء تغيب تماما عن المنظومة التربوية في مؤسساتنا التعليمية في حين نجد نصوصا أدبية أخرى لشعراء ومفكرين وأجانب فكيف للطالب أو التلميذ أن يتعرف على أدباء بلده ما دام يجهل مؤلفاته وإصداراته التي تتكلم معظمها عن حب الوطن وغيرها من المواضيع الإجتماعية والتربوية الهامة التي تستحق الإهتمام كغيرها من النصوص العالمية الأخرى كيف تلخصين لنا تجربتك مع الطفل بحكم أنك كتبت العديد من القصص الموجهة له؟ صحيح !! أحب الكتابة للطفل ومخاطبته عبر صفحات القصص لأنني أحس بالمسؤولية إتجاهه وأجد نفسي مجبرة على توعيته وتربيته وغرس القيم الأخلاقية في نفسيته وهو في هذا السن فأكثر الأشياء التي يحب الطفل الحديث عنها ورؤيتها هي النباتات والحيوانات لذلك تجدونني أستوحي منها قصصا ممتعة تحمل في لبها العديد من الحكم والنصائح التعليمية وأكثر ما يمكن قوله هو أنني أستمتع بهذه التجربة المتميزة التي تجمعني بالبراعم الصغار في فضاء مفعم بالبراءة وآخر ما كتبته للطفل كان »قصة الزهرة الزرقاء« وهي قصة تبرز لهذا الأخير جمالية المحيط وروعة الطبيعة بنباتاتها وأشجارها إذا ستكون في متناول الأطفال من خلال الصالون الدولي للكتاب الذي تحتضنه الجزائر إبتداءا من هذا الأسبوع. ما هي أهم الصعوبات التي واجهت فاطمة بخاي في مسيرتها الأدبية؟ هناك العديد من الصعوبات التي إعترضت طريقي وصعبت علي التقدم نحو الأمام لكنها لم تحد من إرادتي قط أو تمنعني من مواصلة مشواري في عالم الإبداع الأدبي ومن أهمها صعوبة الإتصال والتواصل مع القراء الذين لم يتعرفوا مبكرا على فاطمة بخاي ولا على إصداراته ولحد الآن هناك البعض منهم من يجهلني وهذا أمر يؤثر في بشدة لأنني أكتب أولا وأخيرا لهؤلاء القراء وأجتهد لإرضائهم وكسب ثقتهم وثاني عقبة هي قلة التوزيع التي واجهت العديد من الأدباء الجزائريين وهذا أثر بشكل كبير على إنتشار المؤلفات ووصولها إلى القارئ عبر مختلف ولايات الوطن دون أن ننسى بطبيعة الحال قلة المكتبات ولا زال الأمر كذلك لحد الساعة لاسيما في المناطق الغربيةالجزائرية إذ قليلا ما نلمح مكتبة تهتم ببيع أحدث الإصدارات الروائية والقصصية وغيرها من الكتب العلمية والدينية وهذا يدل للأسف علي غياب الإهتمام بمجال الأدب والفكر في الوقت الذي تزدهر فيه الدول العربية الأخرى في مجال الإبداع من خلال توفيرها لجميع الإمكانيات التي تسمح بتقريب الكاتب من القارئ وخلق فضاء واسع لتطويرها وتنمية الكتاب بالدرجة الأولى. هل أنت مع فكرة أنه لا يوجد فرق بين الكتابة النسوية والكتابة الرجالية أم أن لك رأيا مغايرا؟ بالطبع أؤيد هذه الفكرة فلا يوجد فرق بين الكاتب والكاتبة خصوصا في وقتنا الحالي لأن هناك مؤلفات قوية تتحدث عن مواضيع بوليسية وقصص إجرامية برعت في تقديمها كاتبات محترفات في حين نجد بعض الروائيين المعروفين وهم يخوضون تجربة الكتابة في القصص العاطفية بكل إحساس وحب حتى يخيل إلينا أن صاحب الرواية إمرأة وليس رجل ولهذا لا يمكن أن نميز بين الجنسين لأن الأدب لا يعرف أبدا هذا النوع من النظريات ما دام الإحساس الأدبي متوفرا والمشاعر الإنسانية الصادقة حاضرة فلا خوف على مستقبل أدبنا الجزائري الذي يعتز بأسماء إبداعية عديدة تحدث جميع الصعاب والفترات العويصة التي مرت بها البلاد وقدمت إصدارات لا يستهان بها دون أن تفكر في جنس هذا الأديب أو ميوله الإنساني فكل ما يهم أنه جزائري ويستحق لقب الأديب المحترف والمتمكن وهذا ما يهمنا نحن كأدباء وأنتم كإعلاميين أما فكرة الكتابة النسوية أو الرجالية فهي نظرية خاطئة ولا تستحق التفكير فيها. الكثير من الأدباء الجزائريين إتجهوا نحو الكتابة الروائية وعزفوا عن كتابة الشعر والقصة كيف ترين هذا الموقف بصفتك أديبة لها تجربة واسعة في هذا المجال؟ نعم هذا صحيح! فالكثير من الشعراء والقاصين إتجهوا نحو الكتابة لاسيما في الفترة الأخيرة والسبب واضح فقد أصبحت الرواية أكثر إنتشارا في الساحة الأدبية كما أن لها قراء كثر عكس الألوان الأدبية الأخرى مما دفع بمعظم الأدباء للتوجه نحوها بحثا عن الشهرة وحتى تلقى مؤلفاتهم إقبالا كبيرا من طرف القراء الذين تستهويهم الروايات أكثر من القصص والدواوين الشعرية وليس هذا فحسب بل تعدى الأمر إلى دور النشر التي أصبحت هي الآن تشجع الكتابة الروائية وذلك في إطار سياسة تجارية بحتة حتى تضمن رواجها وتسجل نسبة أكبر من المبيعات وأمام هذا الوضع كيف للقاص أو الشاعر أن يواجه هذه السياسة في الوقت الذي تأخذ فيه الرواية منحنى آخر بعد أن أصبح القارئ هو المحرك الوحيد لدور النشر وحتى الكتاب فلا يمكن لمثل هذه المؤسسات أن تعول كثيرا على الأجناس الأدبية الأخرى خوفا من تكدسها بالرفوف لذلك تجدهم يهتمون أكثر بالربح التجاري ونحن لا نلومهم لأن هذا من حقهم ولديهم الصلاحية التامة لإختيار المؤلفات التي يروجون لها ويتكفلوا بإصدارها . من هي الأسماء الأدبية التي تأثرت فاطمة بخاي بكتاباتهم وأعتبرتهم من الأقلام الإبداعية الهامة في الفكر الجزائري في الوقت الحالي؟ في الحقيقة هناك العديد من الأسماء التي تستحق الثناء والتشجيع كونها ساهمت بشدة في تطوير الأدب الجزائري وإيصاله بكل إحترافية للفكر العربي والغربي على غرار المبدع »ياسمينة خضرة« الذي أعطى الكثير للكتابة الأدبية الجزائرية من خلال رواياته العالمية الناجحة التي أخذ عنها العديد من الجوائز والتكريمات ولا يتعلق الأمر فقط بالكتابة الأدبية بل إن ياسمينة خضرة شخص رائع وهو الآن يقوم بعمل ممتاز بصفته مديرا للمركز الثقافي الجزائريبفرنسا إذ لاحظت المجهود الكبير الذي يبذله لتطوير المركز وبرمجة كل ما هو ثمين ويستحق الإهتمام إضافة إلى الكاتبة الرائعة ميساء باي التي أوجه لها تحية من خلال جريدتكم الموقرة وأحييها على كتاباتها الراقية وأسلوبها المتميز الذي شد إنتباهي من الوهلة الأولى وجعلتني أتحمس لقراءة كل مؤلفاتها وإصداراتها دون أن أنسى أيضا الكاتب المتألق حميد قرين الذي أعتبره من خيرة الأدباء الجزائريين على الإطلاق وغيرهم من الأسماء الأدبية الأخرى التي يعول عليها كثيرا في تطوير الإبداع الأدبي الجزائري والنهوض به نحو مراتب أسمى تسمح بتألقه في الساحات الأدبية العربية والأوروبية . بما أنك تكلمت عن بعض الأسماء الأدبية المعروفة التي وصلت بكتاباتها إلى العالمية هل تعتقدين أن هذا النجاح المحقق كان بفضل الهجرة نحو هذه الدول الأوروبية كفرنسا مثلا ؟! أنا لا أعتقد ذلك بل هي حقيقة واضحة للجميع فإذا بقيت هذه الأسماء هنا لما تقدمت بكتاباتها ونالت كل تلك الجوائز فلا يمكن الإنكار أن »باريس« هي المركز الرئيسي للشهرة بالنسبة للأدباء والإنطلاقة الحقيقية نحو التألق والنجاح دون منازع ولا يتعلق الأمر بالكتاب الجزائريين فقط بل بكل الكتاب الذين يكتبون باللغة الفرنسية على غرار الكنديين »مثلا« الذين يجدون أنه من الضروري المرور بباريس لدخول عالم الإحترافية وإذا ذكرنا ياسمينة خضرة مثلا !! فقد بقي بالجزائر 20 سنة دون أن يحقق أي نجاح لحين مغادرته إلى فرنسا التي كانت نقطة البداية بالنسبة إليه وها هو اليوم يتألق بمؤلفاته في جل الصالونات الأوروبية والتظاهرات الأدبية الدولية حتى أن بعض المخرجين العالميين إقتبسوا من رواياته العديد من الأفلام السينمائية الهامة . ونفس الشيء بالنسبة للكتاب الجزائريين الذين يكتبون باللغة العربية إذ وجد هؤلاء أنفسهم مضطرين للتوجه نحو لبنان ومصر حتى يذوقوا طعم الشهرة ويذيع صيتهم بالساحة الأدبية العربية على غرار أحلام مستغانمي التي أصبح لها إسم أدبي كبير في بيروت والدول الأخرى وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هجرة أدباؤنا نحو المهجر ما هو إلا ضرورة قصوى لتعزيز مشوارهم الأدبي والتألق في سماء الكتابة الإبداعية العالمية لأن البقاء هنا لن يفيدهم في شيء سوى البحث عن قراء قلائل لا تستهويهم سوى بعض الكتابات التي تعد على الأصابع. بعد »إيزوران 3« ما هو الجديد الأدبي الذي ستفاجىء به فاطمة بخاي قراءها؟ - كتبت كثيرا عن تاريخ الجزائر، وأنا الآن أفكر في إصدار شيء مختلف، فلا أخفيكم علما أنني منذ مدة أحلم بالكتابة حول »اليأس والأمل«، فنحن جيل يحلم بشدة أن يكون بلده متماسكا ومتحّدا، ولأجل سلامته وحريته نحن مستعدين للتضحية بكل ما نملك نريد أن نعلن عن حرب التنمية والتطور والإزدهار حتى نرقى لأسمى المراتب بشتى الطرق والوسائل، هي كلها آمال تسكن بين جوانحي وتنتظر أن تخطّ على صفحات بيضاء لأعبّر من خلالها عن شغفي الكبير بمظاهر المحبة والتضامن في بلد خاض معارك جمّة لافتكاك حريته، أما فيما يخص »اليأس« فأريد الكتابة عن يأسي من جيل يفتقر للتربية الصحيحة والتعليم المنضبط، فمن المؤسف أن نرى بعض الأجيال تنهار بهذا الشكل؟! فما الفائدة من وجود رجال ونساء غير متعلمين ويفتقرون للتربية؟!. كلمة أخيرة؟ - أشكر جريدتكم الموقرة على هذا الحوار والإهتمام الكبير بمؤلفاتي ومسيرتي الأدبية.