الأزمة السورية تعصف بمستقبل مجلس الأمن ”إذا كنت معارضا في سوريا أومن الذين يؤمنون بضرورة رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة، فالأكيد أنت تصوم اليوم الثاني لشهر رمضان في سوريا، وإذا كنت من مؤيدي النظام السوري فاليوم هوأول أيام رمضان بالنسبة لك”، بهذه النظرية نجح الرئيس بشار الأسد في تقسيم الشعب السوري بطريقة لا هي بالطائفية ولا هي بالأيديولوجية ولا هي بالسياسية ولكن بطريقة وصفها المراقبون ب”الرمضانية”. خلط النظام السوري أجندة السوريين الدينية بعد أن وضعهم في مواجهة مع الشعائر الدينية لإثبات الولاء إليه من ولائهم ”للمجلس الوطني السوري” الذي أعلن أن الجمعة هو أول أيام رمضان في سوريا على غرار العديد من الدول العربية في مقدمتها السعودية وقطر، كما قال في بيان له: ”يتقدم المجلس الوطني السوري إلى شعبنا العظيم في سوريا، بالتهنئة والمباركة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، والذي يحل، وفق الرؤية الشرعية، وما أفادت به هيئات العلماء في سوريا، يوم الجمعة” بينما أفتى القاضي الشرعي الأول بدمشق أحمد عرموش بأن أول أيام رمضان في سوريا سيكون اليوم غير عابث بالمعارضة التي قررت أن تخوض معركة إسقاط النظام بكل الطرق حتى بالفتاوى. وإن لم يتحدد الأساس الديني الذي بنى عليه ”المجلس الوطني السوري” الذي ينشط من خارج سوريا فتاواه ذات البعد ”السياسي”، إلا أن جدلية رؤية هلال رمضان في سوريا، طرحت العديد من التساؤلات لدى الشعب السوري بعد أن أخرجتهم الصراعات السياسية في سوريا إلى الدين خصوصا وأنها تعتبر فارقة في تاريخ العالم الإسلامي بعد أن أضحى ولاء الشعوب للأنظمة مقرونا بالكفارة بحسب النظام السوري، بطريقة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي اعتاد على ضبط أجندته الرمضانية على أساس مخالفة السعودية. وانتقل جدل اليوم الأول لرمضان في سوريا، سريعا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وسهر السوريون الليل في مناقشة فتوى المعارضة والنظام حول رمضان، بينما أبدى التلفزيون السوري لا مبالاة بهلال رمضان. كانت المعارضة في العديد من المدن التي تعرف انتفاضة كبيرة ضد النظام السوري من أدلب ودرعا وحمص استقرت عند صيام يوم الجمعة ومخالفة القاضي الشرعي الأول بدمشق. ووصفت المعارضة قرار السلطات السورية بأن يكون رمضان يوم السبت بأنه ”تعدٍّ على حرمات الشهر الفضيل” وعزلة أكبر للنظام السوري، فبالنسبة لعديد من النشطاء، عبر الأنترنت، فإن هلال رمضان استطاع أن يحقق إجماعا دوليا لعزل النظام السوري وهي الخطوة التي فشل مجلس الأمن في تحقيقها عبر جلساته الثلاث التي ظلت تواجه الفيتو الروسي، إلا أن إعلان مسجد موسكو يوم الجمعة أول أيام رمضان في روسيا على غرار المعارضة السورية يعتبر خطوة إيجابية في تغيير الموقف الروسي المتصلب والرافض دعم المعارضة السورية في مسيرة إسقاط النظام، بحسب تصريحات بعض النشطاء الساخرة على الأنترنت. .. ومجلس الأمن في فوهة الأزمة السورية يواجه مجلس الأمن الدولي واحدا من أعقد الاختبارات في مسيرته منذ تأسيسه سنة 1964، فالأزمة السورية بحسب الخبراء بدأت تلقي بضلالها على مجلس الأمن خصوصا بعدما قال الكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية، أن موسكو تعتبر إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عن نيتها تجاوز مجلس الأمن الدولي والضغط على دمشق، هو إشارة تثير القلق. وقال المسؤول الروسي ”إذا كانت هذه التصريحات وهذه النوايا، عناصر في السياسة الواقعية، فإن ذلك إشارة مقلقة جدا للجميع، وعلينا أن نفكر بالكيفية التي يجب أن يتفاعل بها المجتمع الدولي مع الأزمات الدولية”. وحسب قوله، إن مهمة كافة اللاعبين الخارجيين ”وخاصة أعضاء مجلس الأمن الدولي، هي استخدام كافة إمكانياتهم والعمل ضمن القرارات التي اتفق عليها سابقا”. وحسب الخبراء، فإن الأزمة السورية تعتبر أعقد ملف في ”الربيع العربي” بالنظر إلى طبيعة المؤسسة العسكرية السورية التي تتسم بالقوة وتتمتع بدعم كبير من روسيا التي تربطها بها مصالح استراتجية، كما أكد اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي المصري، في اتصال مع ”الفجر”: ”الأزمة السورية تحرج مجلس الأمن بشكل كبير، فرغم مرور أكثر من عام لم يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ خطوة في سوريا مشابهة لليبيا”. وأضاف: ”في ليبيا استفادت كل فرنساوالولاياتالمتحدة من تحفظ روسيا التي لم تمنعهم من تنفيذ الحظر الجوي في ليبيا، بينما في سوريا فإن روسيا تصر على رفع الفيتو فلم تصوّت أي دولة بالمعارضة، فرغم امتناع 5 دول عن التصويت، لم تستخدم أي من دول مجلس الأمن الدائمة حق الفيتو الخاص بها لإلغاء القرار”. وقال: ”لا أعتقد أن روسيا ستسمح لفرض حظر جوي أوتدخل أجنبي، فحتى البند السابع الذي تنادي المعارضة بتطبيقه على النظام السوري لا يعني التدخل العسكري فالطريق إلى التدخل العسكري الدولي لا يزال طويلا جدا، حتى إن سمحت روسيا بتنفيذ العقوبات على سوريا فهذا لا يعني سيناريو ليبيا على الإطلاق”. وتحذر روسيا من تجاوز صلاحيتها وحق الفيتو الذي تصر روسيا والصين على التلويح به في وجه أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمي العضوية، كما سبق وأن قال لبيتر فينتريل المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، ردا على سؤال فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستتجاوز مجلس الأمن الدولي، ”صحيح لقد استخدمت روسيا والصين حق الفيتو ثلاث مرات ومنعت مرور مشروع القرار. كنا نريد أن يتغير موقفهما، ولكنهما لم تفعلا ذلك. ولو كان هناك أمل في تغير موقفهما، فإننا كنا سنستمر في العمل من خلال الأممالمتحدة. ولكن لدينا استراتيجية أوسع، ونحن لا ننوي وقف ما نقوم به، فقط بسبب عدم وجود قرار بذلك”. كما وصلت حدة الخلافات بين الولاياتالمتحدةوروسيا إلى حد وصف غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي للولايات المتحدة بأنها دولة منافقة، كما قال غينادي: ”الولاياتالمتحدة تتخذ ”موقفا منافقا” من الملف السوري لماذا لا يفعلون شيئا لحث المعارضة على إقامة اتصالات مع الحكومة السورية” .