الجزائر ستقود بجدارة جهود القارة ضد التضليل الإعلامي "    على الإعلاميين الرياضيين الدفاع عن قيم و أخلاقيات المهنة    ستثمر نموذجا سياسيا جديدا يعزز الممارسة السياسية النظيفة    استشهاد 4 فلسطينيين بالنصيرات وخان يونس بغزة    سقوط ثلوج وأمطار رعدية غزيرة        السيد شايب يعقد اجتماعا تنسيقيا وتوجيهيا ببروكسل مع عدد من رؤساء القنصليات    توقُّع إنتاج 2.7 مليون قنطار من الحبوب هذا الموسم    عين تموشنت تتوقع جمع 442 ألف قنطار من المحاصيل الكبرى    توقعات بجني 2.5 مليون قنطار من الطماطم الصناعية بقالمة    توحيد جهود الأفارقة لمجابهة الأخبار الزائفة    دعوة لإنشاء "شبكات نقابية" لدعم القضية الصحراوية العادلة    نرحّب بكل مبادرة تضمن للشعب الصحراوي الحقّ في تقرير المصير    استنكار رسو "سفن الإبادة" الصهيونية بموانئ المملكة    توبة يوجه رسالة قوية للاعبين مزدوجي الجنسية    مانشستر سيتي يريد مازة بديلا لكيفين دي بروين    إدارة مولودية الجزائر تندد    المجلس الشعبي الوطني يضبط برنامج أشغاله    شايب يلتقي مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة ببلجيكا ولوكسمبورغ    تقطير الزهور.. عبق الأصالة في زحمة النسيان    حذار من التجارة عبر الأنترنت    15 موقعا لاحتضان مهرجان العاصمة للرياضات    انطلاق تظاهرة شهر التراث    بالله يا حمامي" و"باتا باتا" تجمعان شعوباً عبر الموسيقى    على الخشبة نلتقي" بقسنطينة    المغرب : مسيرتان حاشدتان في طنجة والدار البيضاء ضد استقبال المخزن سفنا محملة بأسلحة إبادة الفلسطينيين    منتدى الأعمال الجزائري-السعودي: التوقيع على خمس مذكرات تفاهم في عدة مجالات    تكوين مهني : انطلاق تصفيات أولمبياد المهن عبر ولايات شرق البلاد    مجلس الوزراء يوافق على تخفيض سن التقاعد لمعلمي وأساتذة الأطوار التعليمية الثلاث    ممثل جبهة البوليساريو يشيد بجلسة مجلس الأمن ويؤكد: تقرير المصير هو السبيل الوحيد لحل قضية الصحراء الغربية    اليمن تحترق..    زروقي يُشدّد على تقريب خدمات البريد من المواطن    ارتفاع ودائع الصيرفة الإسلامية    شنقريحة: الجزائر مستهدفة..    صادي يجتمع بالحكام    شرطة العلمة توقف 4 لصوص    عندما تتحوّل الرقية الشرعية إلى سبيل للثراء    زيت زيتون ميلة يتألّق    اختتام بطولة الشطرنج للشرطة    البنك الدولي يُشيد بجرأة الجزائر    التحوّل الرقمي وسيلة لتحقيق دمقرطة الثقافة    الباحث بشر يخوض رحلة في علم الأنساب    هذه مقاصد سورة النازعات ..    المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة: برمجة عدة تربصات انتقائية جهوية عبر 3 مناطق من الوطن    البطولة الولائية للكاراتي دو أواسط وأكابر بوهران: تألق عناصر ساموراي بطيوة وأولمبيك الباهية    برنامج ثري ومتنوع للاحتفاء بشهر التراث    افتتاح المهرجان الدولي ال14 للموسيقى السيمفونية    تنظيم لقاء حول آليات حماية التراث المعماري والحضري    مسيرة الحرية بمدينة"تولوز" الفرنسية    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية الأحلام 13 / 03 / 1960
أرشيف الخمسينية
نشر في الفجر يوم 27 - 07 - 2012

كتب المقال التالي الم. كلود بوردي أحد زعماء الكتل اليسارية غير الشيوعية وغير الاشتراكية ونشرته مجلة "لوبسيرفاتور" والمقال عبارة عن نداء وجهه الكاتب إلى كافة اليساريين الفرنسيين حتى يستفيقوا من سباتهم وينفضوا عنهم الأحلام اللذيذة التي نوّمهم بها ديغول، حيث ظلوا يعتقدون أن رئيس الجمهورية الفرنسية يجتهد بإخلاص لإنهاء الحرب الجزائرية.
يظهر أن العبارات التي تفوه بها الجنرال ديغول أخيرا بالجزائر قد أزالت بعض الخرافات من أذهان الأجانب ولعلها وهذا ما نتمناه على الأقل قد أزالت كذلك بعض الخرافات من أذهان الفرنسيين في فرنسا، تلك الخرافات التي ماانفكت تنتشر في مختلف الأوساط السياسية اليسارية القريبة من ديغول واليسارية حقا وكذلك في الأوساط الشعبية بأسرها.
فقد كان الفرنسيون يعلّقون كل آمالهم على الجنرال ديغول لإنهاء الحرب وبذلك برهنوا على قلقلم من استمرارها، وفي نفس الوقت، على عجزهم واستسلامهم السياسي لشخص أوكلوا إليه مصيرهم واعتمدوه لإنجاز هذه المهمة تماما كما تفعل الشعوب المغلوبة على أمرها.
لقد وقع خلال المدة الأخيرة التباس في أفكار بعض اليساريين، بحيث اعتبروا أن ديغول مصصم على فرض سيطرته على العناصر المتطرفة من المدنيين والعسكريين وأنه راغب من ناحية أخرى في التفاوض حتى ولو أدى ذلك إلى الاصطدام بالجيش، والواقع غير ما اعتبره هؤلاء اليساريون، إذ أن أبرز نتيجة للحركة التمردية كانت في حقيقة الأمر انضمام الجنرال ديغول إلى الجيش وموافقته الكاملة على رفض التفاوض وهذا إذا افترضنا أن ديغول كانت له أقل نية في التفاوض ويرجع هذا الالتباس إلى أن العناصر اليسارية تركت نفسها تسير مع الأوهام عوض أن تبحث عن الواقع وتلمسه وأرادت أن لا تعاكس الآمال الشعبية وأن لا تكلف نفسها مشقة الوقوف في وجه الجنرال ديغول وانتقاده والتصريح بمعارضة سياسته، وهناك إلى جانب هؤلاء الضعفاء من اليساريين صنف آخر يمنّي نفسه بالتلذذ بأن يتوصل ديغول إلى التلاعب بالجبهة ومخادعتها إلى أن تقع في الفخ وبذلك يتنفّسون الصعداء ويتخلصون من ضمائرهم التي تؤنبهم لتواطئهم مع المجرمين.
لقد قلنا بأن عبارات ديغول الأخيرة أزالت بعض الخرافات من أذهان اليساريين الفرنسيين، إلا أننا نعتقد من ناحية أخرى أن الفترة الراهنة لن تدوم طويلا، حيث أن ديغول سيسعى من جديد وهذه طبيعته التي اعترف بها في مؤلفاته إلى استخدام الغموض واللعب على الحبلين والمخادعة، وقد رأينا فعلا كيف سارعت الدوائر المحيطة به إلى تحذير الرأي العام من التأويلات بمعنى أنها تدعو الفرنسيين والأجانب إلى التأثر بالتأويلات الرسمية فقط، وهكذا حاول وزير الأخبار أن يوهم الأفكار الجامدة بأن ديغول ما انفك يعرض على الحكومة الجزائرية وقف القتال، بينما لم يعرض عليها في الواقع إلا الاستسلام بدون قيد ولا شرط وهكذا يتضح أن ديغول سيسعى من جديد إلى التلاعب بعبارة "وقف القتال" لتنويم الحزب الاشتراكي وكل الذين لا يرغبون إلا في التنويم بكل ثمن. وعلى كل حال فإننا سنغتنم تفتح الأبصار الحالي لنرفع الملابسات ونسمي الأشياء بأسمائها.
ليس مطلوبا منا أن نلوم الجنرال ديغول على استعمال جميع الوسائل لتحقيق "عظمته" الزائفة بل أن ما يتعين علينا هو استعمال جميع الوسائل لمقاومة مساعي الجنرال نحو العظمة لأننا نؤمن بأنها عظمة المجانين وأنها ستجر البلاد إلى أفدح الكوارث، إن ديغول يرى أنه بإمكانه أن يتغلب على الجبهة وأن يستجلب الجزائريين إليه، إن هذه هي فكرته القارة ولكنها تتلاشى أحيانا وتبرز بقوة أحيانا أخرى وخاصة عندما يستمع إلى القواد العسكريين وهم يرددون عبارتهم التقليدية "كل شيء على أحسن ما يرام"، أما نحن فإننا نرى ونعتقد بأنه ليس في إمكان أي شخص التغلب أو التلاعب بشعب صهرته 130 عاما من الضغط والأكاذيب الاستعمارية بالرغم من ذلك تمكن من تأليف أعظم جيش بإفريقيا في بلاد محتلة احتلالا عسكريا، وإننا نعتقد أنه ليس في إمكان أي شخص أن يخادع شعبا من هذا النوع في عصر تتهافت فيه الأنظمة السياسية وتتسارع فيه الشعوب إلى الاستقلال.
إن ديغول يعتبر نفسه خالدا وهو يتظاهر بذلك على الأقل، أما نحن فإننا نرى أنه مخلوق كغيره من المخلوقات وأنه شيخ مسن وأنه من الممكن جدا أن يموت أو يتخلى عن الحكم، بينما لا تزال الحرب مستمرة في الجزائر بسبب سياسته، وإذا كان ديغول لا يفكر فيما يحدث بعد موته أو انسحابه من الحياة السياسية، فإننا نحن نفكر في ذلك ونعتقد أن الجيش سيغتنم الفرصة بمساعدة ديبري أو أي سياسي آخر من نوعه للاستيلاء على الحكم وأن ما ينتج عن ذلك هو الاعتقالات والتعذيب في صفوف الأحرار الفرنسيين ثم الإضراب العام والتسلح في الجبال والحرب الأهلية.
إذا كان هذا كله من باب الافتراضات الممكنة، فماذا نحن فاعلون لتحاشيه؟ نحن الأحزاب والمنظمات والنقابات والهيئات الديمقراطية، هل أننا سنستمر في الانزلاق مع أحلامنا بالرغم من يقظة التصريحات الأخيرة؟ هل أننا سنواصل الانتظار؟ قيل أن الجنرال ديغول يحسب دائما حساب الوقائع الملموسة، فأين هو واقع اليساريين الفرنسيين، بل أين هم اليساريون الفرنسيون الذين يجرأون على الأخذ بيد الجماهير وتوجيهها إلى معارضة السياسة الحربية؟ إن ما نريد أن نعرفه الآن هو هذا: هل أننا بعد أن تركنا بلادنا تنغمس في عار الحرب القذرة وتركنا الديمقراطية تنحطّ إلى مستوى الملكية المشوهة هل أننا سنضطر غدا إلى العيش في نظام شبيه بالنظام المسلط على الجزائر الآن؟ إن هذه الحرب يتوقف استمرارها على مشيئة الشعب الفرنسي الذي لم يجد شخصية واحدة ولا حزبا واحدا يدله على طريق المقاومة. إنه ليس من حق الصحفيين توجيه الشعب إلى نوع من أنواع المقاومة العملية، وإن كل ما عليه هو أن يضع النقابات والأحزاب والهيئات أمام مسؤولياتها، إذ الوقت لم يعد صالحا للتشدق بالعبارات الجوفاء وبالفخفخة والتزلف، إن الصراحة تقتضي منا أن نعترف بأن ما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة استسلامنا وتواكلنا وأن ما يجب أن نقتنع به اليوم هو أن الوقت صار ضيقا جدا إذا أردنا أن نعمل لتحسين غدنا والتصرف في مستقبلنا، إنني آمل أن يتحد جميع اليساريين بدون استثناء ويعملوا صفا واحدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.