إن صلة الرحم أمر وفرض شرعي والله تعالي أمرنا أن نتقي الأرحام وأن نعدل فيها مهما فعلت قال ربنا تعالي {وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}، أي اتقوا أن تقطعوها. وصلة الأرحام واجبة وجوبا عينيا مع كل مكلف، وهذا التكليف من الله لا لتزداد الرحمة بين الناس بعضهم البعض فقط بل شرعها من الإنسان إلي الحيوان والطير وغيرهم، فما بالك بالإنسان القريب، قال تعالى{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}. وقد أمرنا الله سبحانه في كتابه وجاء علي لسان رسوله الأمر بهذا. ويكفي أن الرحم لما خلقه الله كما جاء في الصحيح وتعلق بالعرش، قال له الله تعالى”وعزتي وجلالي أما ترضين أن من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته”، فهذه الصلة تزيد الرحمة والمودة بين الناس. وأما القطيعة فهي حرام حني وإن ظلمك أهلك، لأن الإنسان مأمور أن يصبر علي أهله والأجر علي قدر التعب ، فإن لم يرحم المرء أهله ويصبر عليهما، فمن يصبر عليهم.. فهذا هو الدين. وليعلم أحدنا أن الرحمة لا تنزل علي قوم فيهم قاطع رحم لأن قاطع الرحم ملعون بنص القرآن {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}. وعلى الإنسان إن تضرر من معاملة أقاربه أن يصلهم بما لا يشق عليه أو يفسد عليه حياته، ولو عن طريق الهاتف أو الكلام معهم في المناسبات، حتى تقبل أعماله عند الله، فإن المتخاصمين أعمالهم موقوفة لا ترفع إلا إذا اصطلحا. من وصايا الرسول الأعظم وفي وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك الأمر الكثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “أوصاني ربي بتسع... أن أعفو عمن ظلمني وأصل من قطعني”. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن القطيعة وعن قوم يقطعون رجلا لهم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أصلهم فيقطعونني، فقال له صلى الله عليه وسلم: “ليس الواصل بالمكافىء، ولكن الواصل من إذا قطعت رحم وصلها”، فلا تتعامل مع الأقارب معاملة التجار إن أحسنوا تحسن وإن أساءوا تسيء، ولكن عاملهم إن أحسنوا أوأساءوا تحسن إليهم.