رغم غلق الحانات ومحلا ت بيع الخمور في شهر رمضان، وخلافا لما يعتقده الكثيرون من أن فئة واسعة من الشباب من المدمنين على الكحول والمخدرات سيتوقفون تلقائيا عن تعاطي هذه الممنوعات خلال شهر رمضان، لا شيء يوحي أن نشاط كبار بارونات الكيف الممونين الرئيسيين للمدمنين، قد تضاءل أوتوقف خلال شهر رمضان، بحكم معرفتهم المسبقة أن الطلب على الزطلة سوف يزداد خلال شهر الصيام أكثر منه في الأشهر الأخرى.. وبعنابة لا يجد المدمنون على الزطلة أي مشكلة في التزود بحصتهم المعتادة من الكيف، تحسبا للسهرات الرمضانية الطويلة التي يقضونها في قاعات الشاي وبعض المقاهي والمحلات التي تخصصت، خلال شهر رمضان، في الشاي والقهوة المرفوقة بالشيشة التركية أو المصرية، تتخللها بعض كميات الزطلة التي لا يمكن للمدمنين عليها التخلي عنها.كما أن الاستقرار النسبي لسوق الزطلة، رغم الرقابة الصارمة ومضايقات مصالح الأمن لبارونات التهريب للتقليص من مجال نشاطاتهم، شجع فئة المدمنين على الكحول الذي يصعب جدا الحصول عليه في رمضان، على الانضمام إلى عشاق الزطلة للحصول على نشوتهم المعتادة، بالتعويض عن الكحول باستهلاك الكيف، في انتظار حلول عيد الفطر وعودة الحانات والملاهي الليلية إلى استئناف نشاطاتها التقليدية..! فتاوي غريبة تحلل استهلاك الزطلة في رمضان الغريب في سلوكات الجزائريين عموما والشبان خاصة، وجود تناقض صارخ بين قناعاتهم الدينية وممارساتهم اليومية، حيث يندهش المرء من طريقة تفكير الكثير منهم، من الذين طرحنا عليهم أسئلة حول السر في شغفهم بتعاطي الزطلة في شهر رمضان، فكانت إجاباتهم كلها رغم بعض الاختلافات الطفيفة متشابهة في مضمونها، حيث أقسم أحد الشبان في “سهرة شاي” بأحد مقاهي عنابة، المعروفة بروادها من محبي الزطلة، أنه لم ولن يتناول أبدا الكحول في حياته، إذ يعتبره حراما ومنكرا، في حين صرح لنا بكل ثقة في نفسه أنه لا يمكنه الاستغناء عن تناول سيجارة أواثنين من الزطلة يوميا، معتبرا أن لا حرج في ذلك طالما أن الأمر لا يتعلق بالخمر المحرم شرعا، على حد ظنه.نفس الموقف أبداه صديقه ونديمه في جلسات السهر، الذي أضاف أنه مقتنع جدا أن تناول الزطلة ليس منكرا حرمه الدين، مستندا في ذلك إلى “فتوى” يقول إنه سمعها على إحدى القنوات الفضائية العربية، تحدث فيها أحد الدعاة عن حكم الدين الإسلامي في مسالة استهلاك الزطلة، وأن لا حرج في ذلك طالما أن الإسلام لم يحرمها صراحة في أي من نصوصه وآياته، حسب اعتقاده. نشوة الزطلة تجمع الفقراء والأثرياء على كؤوس شاي وعن كيفية الحصول على الزطلة في رمضان وأسعارها، أجمع شبان أن الأمر لا يطرح أي مشكلة، فالزطلة متوفرة في رمضان بكميات أكثر من الأشهر السابقة، والسر يكمن، حسبهم، في معرفة كبار المهربين وبارونات تجارة الكيف مسبقا بطبيعة سوق الزطلة التي ترتفع أسهمها مباشرة بعد غلق الحانات ومحلات بيع الخمور، حيث يزداد الطلب عليها في سهرات شهر الصيام الطويلة والمملة بعيدا عن الذكر والعبادة، الذين يلجأ الكثير منهم إلى تحضير مخزون من كمية الزطلة قبل حلول شهر رمضان، فيما يسعى الآخرون إلى بذل قصارى جهدهم قبل أذان الإفطار للحصول على حصة من الكيف تكفي لقضاء السهرة مع الأصدقاء على أنغام موسيقى الراي. وللفتيات والنساء أيضا نشوتهن عكس الاعتقاد السائد أن مستهلكي الزطلة هم من الفئات المهمشة من الشبان البطالين بالأحياء الفقيرة، يؤكد العارفون بشؤون الزطلة أن أكبر كمية يروجها الباعة المتخصصون في الكيف تذهب لتلبية احتياجات الأحياء العنابية الراقية، التي لا تخلو من المدمنين عليها في رمضان، من أبناء وحتى بنات ونساء الطبقات الثرية، حسبما أسر لنا بعض الشبان الذين أكدوا أن الزطلة ليست حكرا على أبناء الأحياء الشعبية الفقيرة، بل لها أيضا عشاقها من الطبقات الغنية، الذين لا يترددون في دفع أثمان باهظة للحصول على النوعية الرفيعة الفاخرة، التي يصل سعر الغرام الواحد منها إلى 2000 دج، ويكثر الطلب عليها في الأحياء الراقية من الجنسين. وحسب حاجة السوق والطلب والفئة الاجتماعية المستهلكة، فالزطلة أيضا درجات ونوعيات، ولكل سعره الذي يبدأ من 200 دج بالنسبة للنوعية الرديئة المخلوطة بمادة أخرى، والمتوسطة إلى 500و 1500 دج بالنسبة للنوعية الجيدة، لتبقى كميات الزطلة الفاخرة المعالجة بطريقة جيدة حكرا على المدمنين عليها من أصحاب القدرة الشرائية العالية الذين يدفعون آلاف الدنانير للحصول على بضعة غرامات منها.. الزطلة ليست للمهمشين والفقراء فقط حسب آخر دراسة قام بها مركز علاج الإدمان على المخدرات لمستشفى الأمراض العقلية الرازي بعنابة، فإن عدد المدمنين على الكيف من الجنسين في ارتفاع متزايد من سنة لأخرى، مع ظهور شرائح اجتماعية جديدة لم تكن سابقا من فئة المستهلكين التقليديين للمخدرات، من بينهم مدمنون من الطبقات المتعلمة المتوسطة والعليا، بسبب انتشار الظاهرة في أوساط الأحياء الجامعية بين الطالبات والطلبة، وحتى بالمؤسسات العمومية والخاصة، التي تعد عددا من المدمنين على الزطلة من الباحثين عن النشوة بعد ساعات العمل، من بينهم جراحو أسنان وموظفون في الإدارات لا يمكنهم الاستغناء عنها طوال أيام السنة وحتى في رمضان، أين لا يحلوا السهر لهم بدونها، على حد اعتراف البعض منهم الذين يجمعون أن لا حرج في استهلاكها طالما أنها لا تسبب أي ضرر، على حد تصريحهم.