أنعش شهر رمضان الكريم تجارة المأكولات الجاهزة التي تزين مائدة الافطار على اختلاف أنواعها وأذواقها، نظرا لوجود فئات كثيرة في المجتمع الجزائري، تضطرها الظروف إلى اللجوء لاقتنائها في غياب الأطباق التي تعد في البيت، رغم أن هذا النوع من الأطعمة قد ينعكس سلبا على صحة الصائمين. تلجأ بعض العائلات إلى اقتناء الأطعمة الجاهزة من المحلات أو المطاعم التي تعمل على إعداد جميع المأكولات والأطباق الخاصة برمضان، على غرار شطيطحة لحم أو دجاج، المثوم، طاجين الزيتون وغيرها توفيرا للراحة والجهد وكذا الوقت، حيث دفعت أعباء الحياة وكثرة المصاريف ببعض ربات البيوت والعاملين الذين اضطرتهم الظروف إلى هجرة بيوتهم بحثا عن العمل بالاستنجاد بالأكل الجاهز وبالأخص العاملات، بعدما كن في السابق يتباهين بين صديقاتهن وجاراتهن في إعداد مختلف الأصناف، وفي هذا الشأن ارتأت "الفجر" أن تزور بعض المحلات والمطاعم والعودة ببعض الآراء حول هذا الموضوع. شراء الأكل الجاهز مدعاة للتفاخر لدى البعض تتسابق بعض المحلات والمطاعم على إعداد بعض الأطباق لكي تكون في متناول الجميع وهذا للسماح لبعض العائلات بشرائها وبأسعار معقولة لتخفيف العبء عليها في إعداد بعض الأصناف قد تكون كلفتها كبيرة ونتيجة تحضيرها غير مضمونة، حيث بات اقتناء الأطباق والمأكولات الجاهزة من دواعي التفاخر لدى البعض، خاصة إذا ما قورنت بأطباق من محلات معروفة أو مطاعم مشهورة، وهو مالاحظناه أثناء جولتنا في بعض المحلات والمطاعم بالعاصمة عن إقبال مختلف شرائح المجتمع على شرائها ودون استثناء. كما أن إقبال الناس على هذه المحلات والمطاعم التي توفر الأكل الجاهز وبكميات كبيرة دليل قاطع على عدم الطبخ داخل البيوت والاتكال على أكل المطاعم التي تحضرها أياد غريبة دون إدراك أو اهتمام بصحتهم وصحة أبنائهم، وفي هذا الإطار قال لنا محمد صاحب مطعم بزرالدة، يعمل في هذا التخصص منذ أزيد من أربع سنوات "أن الإقبال على شراء بعض الأطباق الجاهزة كبير وخاصة في هذا الشهر الفضيل، مشيرا إلى أن الموظفين أو ربات البيوت يأتون خصيصا لشراء بعض الأصناف التقليدية أو حتى الأطباق العصرية". ..ورواتب تصرف على أكل المطاعم كما يدفع الفضول بالبعض حين سماعهم بمدح محل ما أو الحديث عن جودة خدمات مطعم معين إلى زيارته واكتشافه وتذوق ما يجود به من مختلف أصناف الأكل الجاهز سواء كان مطبوخا أو غير مطبوخ، حيث أصبحت الأسرة العصرية تستسهل شراء طعامها كاملا من خارج المنزل حتى لاتشغل نفسها في شراء المستلزمات و كذا إعداد الطعام وطهيه من باب توفير الوقت والجهد، وهو مالمسناه عند نوال، موظفة بإحدى الشركات حيث أنها "تضطر إلى اقتناء بعض الأطعمة جاهزة وأخرى غير مطبوخة بحكم عملها خارج المنزل، مشيرة إلى أنها تصرف نصف راتبها على مثل هذه المأكولات". نفس الرأي وجدناه عند عبد الحفيظ، موظف بشركة خاصة انه يلجأ إلى جلب الأكل من أحد المطاعم المتواجدة بباب الزوار، نظرا لظروفه الشخصية والعملية التي تضطره للخروج متأخرا من العمل، ولا تمكنه من اعداد فطوره، مشيرا إلى أن وجبة الفطور الواحدة والمتكونة من طبق الشوربة وطبق ثان، بالإضافة إلى بوراك وقنينة ماء زائد قنينة مشروب غازي تتراوح بين 400 الى 500 دينار جزائري". وهو ما استحسنه هذا الموظف خاصة وانه يسكن بعيدا عن عائلته. كما يفضل البعض الآخر شراء بعض الأطباق جماعة وتناولها في المنزل عوض المطعم وهذا للشعور باللمة العائلية التي افتقدوها في هذا الشهر الفضيل، وهو ما جاء على لسان سمير يعمل محاسب بإحدى الشركات الذي يشتري "وجبة الفطور رفقة أصدقائه" ويتناولونها في المنزل، مضيفا أن باقي الأطباق الأخرى السهلة كالبوراك والسلطة والبطاطا المقلية يحضرونها بأنفسهم". انشغالات الحياة وحب الرفاهية وراء انتشار الظاهرة إن ظاهرة انتشار المطاعم ومحلات بيع الأكل الجاهز وكذا المشروبات والعصائر وكل ما تشتهيه النفس طوال شهر رمضان في تزايد في الآونة الأخيرة، وذلك لأسباب كثيرة من بينها انشغال الزوجة بأمور خارج منزلها كالعمل مثلا أو حب الرفاهية وتقليد المجتمعات الراقية والمتقدمة، لكن مع زيادة انتشار مثل هذه المرافق قد يتسبب في الكثير من المشاكل الصحية في ظل التنافس بين المطاعم في النكهة والديكور والطعم، لان معظم الأغذية بالمطاعم أو المحلات تكون مجمدة ومحفوظة بطرق عشوائية، ناهيك عن الزيوت المستعملة لأكثر من مرة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وتكاثر الميكروبات، وبالتالي تحدث التسممات الغذائية، وفي هذا الخصوص تشير بعض الدراسات إلى خطورة مطاعم الوجبات والأكل الجاهز في زيادة معدل الإصابة بالسرطانات، ولعل أهم أسباب ذلك استخدام زيت القلي لمرات عديدة قبل التخلص منه بغرض خفض تكلفة الوجبة، مما يؤدي إلى بؤر من الزيت المحروق وهي مواد كربونية لها علاقة وثيقة بإحداث مرض السرطان، حيث تعلق هذه المواد بالأطعمة المقلية فتدخل الجسم عند تناولها وكذا طريقة الطهي التي تبقى مجهولة.