حال الأمة الإسلامية الآن يدعو فعلا إلى الشفقة وحال المسلمين يدعو إلى نتف الشعر وتمزيق ما تبقى من ثياب تستر عوراتنا .. استطعنا أن نحول الصراع الذي كان بيننا وبين أعدائنا وخاصة الكيان الصهيوني إلى صراع عربي عربي أو عربي إسلامي أو إسلامي إسلامي، استطعنا أن نشغل أنفسنا بصراعات نختلقها تلهينا عن الأهداف التي كنا نسعى إليها ورسمناها قبل عقود من الآن .. تمكنا من خلق بؤر فكرية عقائدية للتوتر في ما بيننا فالشيعي يرى أن السني أشد أعدائه ويجب القضاء عليه والسني يرى أن الشيعي أخطر من آل صهيون ويجب القضاء عليه ومحوه من الوجود وإبادته... وفي السنة مذاهب وطوائف متناحرة بينها، متقاتلة وفي الشيعة ملل ونحل تريد كل واحدة منها القضاء على الأخرى... أما علماء المسلمين فما بين خادم للأنظمة، مساعد لها مزين أعمالها مبيّض لصفحاته السود أو منهمك في الافتاء لإراقة دماء المسلمين بغير وجه حق .. أو بين علماء يتصارعون، يتخاصمون على مسألة إرضاع الكبير وجواز أو عدم جواز شراء المرأة المسلمة للخيار أوالجزر اللذين يشبهان وقد يذكرانها بسوأة الرجل أو تقديم الحجج من الكتاب والسنة بأن سباحة المرأة حرام لأن البحر ذكر ومجرد دخول المرأة إليه يوقعها في الزنى ويتوجب إقامة الحد عليها... نعم ما زال علماء المسلمين يتخاصمون إلى حد الساعة عن أي الرجلين أحق بالخلافة علي كرم الله وجهه أم أبوبكر الصديق رضي الله عنه.... قد يقول قائل إن الغرب وخاصة أمريكا وإسرائيل هو من يغذي هذه الخلافات ويشجعها لأنها توجه اهتمام الشعوب العربية والإسلامية وتصرفها عن الانشغال بما هو أهم ... لكن الأصح من ذلك هو أننا أمة تمكن منها الهوان والخزي واستشرى فيها الذل والانبطاح والخنوع واستفحلت فيها كل الأمراض التي تصيب الشعوب... سيان شعوبنا وحكامنا كلنا في الهوان سواء ولن تخرجنا مما نحن فيه إلا طامة كبرى أو زلزال يعصف بنا جميعا ويستبدلنا بأمة أحسن منا لأننا والحال كهذه لسنا خير أمة أخرجت للناس ولا يمكن أن نكونها ونحن على ما نحن عليه...