يعتبر الأخضر الإبراهيمي بالنسبة للعالم شمعة من الشموع التي أوقدتها ثورة أول نوفمبر 1954، إنه مازال نشطا يحاول حل أكثر المشكلات السياسية تعقيدا في العالم، فذلك دليل على أن ثورة الجزائر العظيمة ماتزال نبراسا يحتذى به في "توحيد كلمة الشعوب من أجل الإنتصار على الظلم والشر". إن أكبر تحد قامت به وعليه ثورة الجزائريين في أول نوفمبر 1954 هو "توحيد كلمة الشعب وجهوده لمحاربة أعتى استعمار استيطاني في القرن العشرين". الأخضر الأبراهيمي الدبلوماسي، الذي يرفض زحف الشيخوخة وهو في الثامنة والسبعين من عمره، كان قد آمن بضرورة الوحدة من أجل الإنتصار سنة 1949! كان وقتها مراهقا، غير أن تلك "السن الحرجة" لم تمنعه من الإنضمام إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية (M.T.L.D)، أي أقوى حزب استقلالي بالنسبة للجزائريين في تلك الفترة العصيبة من تاريخهم. ومنذ أن اتحد الشعب الجزائري فانتصر، مازال الأخضر الإبراهيمي يردد هذه العبارة الشهيرة "يجب توحيد كل الجهود"، إنها العبارة الشمعة التي مازالت تنير قلبه وطريقه في حل مشكلات الشعوب حتى وإن تناحر أبناؤها وتقاتلوا فيما بينهم". حين طلب منه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يكون مبعوثه الخاص إلى سوريا، قال الأخضر الإبراهيمي في أول تصريح رسمي له "يجب أن تتوحد كلمة أعضاء مجلس الأمن الدائمين". كان هذا أول شرط للأخضر الإبراهيمي، ذلك أنه يعرف بدقة أن وحدة الكلمة والصف هي مفتاح نجاحه، وأن "تبعثر الأصوات وتفرق الأهداف" هما الطريق المحتوم إلى الفشل. كان نجاح الأخضر الإبراهيمي في لم شمل الإخوة المتناحرين في لبنان سنة 1982 مبنيا على وحدة الصف العربي والدولي في حل المشكل اللبناني وقتها، غير أن فشل الأخضر الإبراهيمي في مهمته بالعراق وأفغانستان كان ناجما عن تعدد الأصوات والأهداف. وها هو الدبلوماسي الجزائري المحنك يقبل مهمة قد تكون من أصعب المهام في حياته "حل المشكل السوري!"، فهل وعده الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن بتوحيد جهودهم؟ في الظاهر لم يحدث هذا، فروسيا والصين مازالتا على موقفهما والأعضاء الآخرون مازالوا يصرون على تحقيق أهدافهم، مثلهم مثل غالبية العرب. قبول الأخضر الإبراهيمي بمهمته المستحيلة يطرح سؤالين: هل يخفي الرجل أسرارا سنعرفها في نهاية مهمته؟ أم أنه يؤمن أن السياسات فن المستحيل؟. إن الأخضر الإبراهيمي الذي طالب بتوحيد الجهود والكلمة قبل موافقته على هذه المهمة المستحيلة، يكون إن نجح شمعة خالدة من شموع الجزائر التي ماتزال تضيء في هذا العالم المتقلب. أما إن فشل، فرجاؤنا الأكبر هو أن يقول أو يكتب أسباب فشله لتبقى تلك الأسباب، على الأقل، عبرة للشعوب!. مهما يكن، فإن التصريحات الصادرة عن الدول الغربية، عن روسيا والصين، عن الحكومة السورية وعن المعارضة، لا تبشر بالخير، فالخلافات بلغت أوجها حتى قبل أن يشرع الأخضر الإبراهيمي في عمله!.