الجزائريون أودعوا 10 آلاف شكوى ضدّ التجّار والحكومة تكتفي بتسعير 6 مواد وزارة التجارة: "ليس هنالك قانون يمنع رفع الأسعار" - اتحاد التجار: "عودة الأسعار إلى نصابها بداية من الأسبوع الجاري" يربط خبراء اقتصاديون بين تأخر الإعلان عن الحكومة الجديدة وحالة "التسيّب" التي تعيشها السوق منذ أسبوعين، حيث يجمع مختصون في المجال على أن حالة الجمود التي تعرفها 7 قطاعات منذ التشريعيات الأخيرة وراء مشكل التهاب الأسعار الذي بات ينذر بتكرار "انتفاضة الزيت والسكّر" في حال "عدم إعادة الأمور إلى نصابها". قانون المنافسة معطل، مبدأ العرض والطلب مختل والتشريع ناقص مصيطفى: "غياب الحكومة 4 أشهر وراء "تسيّب السوق" أكد خبير الشؤون الاقتصادية، بشير مصيطفى، أن فوضى وارتفاع الأسعار يرجع بالمقام الأول إلى غيابة الرقابة على نشاط السوق، ضمن شبكات ما عبّر عنه بممارسات "صناعة السعر" مستغلة مبادئ السوق الحرة والفراغ القانوني المسبب لاختلال التوازن بين العرض والطلب. وقال المتحدث، في اتصال مع "الفجر"، إن ضمان شفافية السوق أمر أساسي في إعمال قاعدة العرض والطلب ضمن ما ينص عليه السوق الحر، وهي مهمة كما أضاف المصالح الرقابية المفروض أن تحمي المواطن من ممارسات الاحتكار. وأوضح أن ذلك يعطل هذا المبدأ على اعتبار أن الطلب حقيقي في حين أن العرض مصنع وغير حقيقي. وأشار المتحدث في هذا الشأن إلى الفراغ القانوني الذي تعاني منه المنظومة التجارية، من منطلق عدم وجود المراسيم التنفيذية والنصوص التطبيقية الكفيلة بترجمة قانون المنافسة المنوط ب"حماية" الأسعار على مستوى الواقع، وقال إن صلاحية اتخاذ التدابير الضرورية للتصدي لهذه الوضعية تتجاوز الوزارات إلى الحكومة، كونها المنوطة بالمصادقة على القوانين والمسؤولة على تجريم الممارسات غير الشرعية لتسهيل تطبيق القانون وتوقيع الجزاءات المناسبة. وقال الخبير الاقتصادي إن غياب الحكومة منذ حوالي 4 أشهر عن الساحة السياسية بسبب النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الأخيرة عزز هذه الوضعية، حيث فتحت "حالة التسيب" الباب لبعض الأطراف على غرار الموزعين لفرض سيطرتهم على الأسعار، مستغلين في ذلك غياب الرقابة، وأضاف أن وجود حكومة مؤقتة مشكل مؤقت لا يرقى لكونه سببا هيكليا لحالة فوضى الأسعار التي تسير النشاط التجاري. ومن الناحية الاقتصادية فسّر بشير مصيطفى التهاب الأسعار بارتفاع مستوى ما يطلق عليه ب"التضخم الجامح" الذي وصل بالنسبة لبعض المواد إلى حدود 10 بالمائة، بمقابل الظاهرة الجديدة المتعلقة بارتفاع فائض السيولة النقدية التي قال إنها لم تعرفها الجزائر من قبل، نتيجة زيادة في أجور الموظفين وبرامج الدعم والتمويل التي لا يقابلها استثمار أو إنتاج، والتي تؤدي إلى جعل الأسعار تمتص السيولة في مرحلة الاستهلاك. وأشار المتحدث في نفس السياق إلى عامل الاحتكار الذي كان موجود الذي كرسته أكثر السيولة المرتفعة، والتي أدت إلى بروز بارونات مسيطرة على النشاط التجاري المرتبط بمواد معينة لاسيما منها الغذائية واسعة الاستهلاك، كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الحبوب، الزيت، السكر، والبقول الجافة وغيرها، أنتج ما أسماه "مشتقات الاحتكار" وهم المتعاملون الصغار يسيطرون على نسبة من المواد وتوزيعها في السوق حسب الحاجة. وأشار في هذا الشأن إلى لوبيات تتحكم في التخزين والتوزيع، وبرّر الخبير عمل هذه الشبكات بارتفاع أسعار المواد المسوقة بشكل مفاجئ وموحد في كل الأسواق الوطنية، وهو أمر يضيف مستحيل تصوره في حالة ما إذا كانت تطبيقات المبدأ العرض والطلب حقيقية وغير معطلة. وأوضح الخبير مصيطفى بأن ارتفاع أسعار المنتوجات يرتبط من جهة أخرى بتنظيم التجارة الخارجية، خاصة بالنسبة للمواد غير المنتجة محليا، ليشير بأن الأرقام الرسمية الأخيرة تؤكد أن فاتورة الاستيراد مست جميع المواد لا تقابلها منافسة، الأمر الذي يستدعي تحرير وتشجيع التجارة الخارجية ليس من ناحية الاستيراد وإنما لتجاوز عدم توفر هذه المواد في السوق. سعيد بشار قالت أن القانون يخوّل لها تحديد تسعيرة 6 مواد أساسية مدعمة فقط وزارة التجارة: "لن نتدخّل لخفض الأسعار.. والتجّار يحكمهم اقتصاد السوق!" علقت وزارة التجارة على الارتفاع الشديد الذي تشهده أسعار المواد الأساسية في مقدمتها الخضر والفواكه والمواد الغذائية ب"الخارجة عن صلاحياتها"، مؤكّدة أنه "ليس بإمكانها التدخل لردع الالتهاب الذي تشهده أسعار المواد الأساسية ما عدا المواد الست المدعمة من قبل الدولة في الخبز والحليب والسكر والزيت والقمح والحبوب". وحسبما أكّده مصدر مسؤول على مستوى مديرية ضبط النشاطات وتنظيمها بوزارة التجارة، فإن منطق اقتصاد السوق هو الذي يحكم الأسعار في الجزائر، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق هنا بكافة المواد الاستهلاكية ما عدا المنتجات الستة المدعمة من قبل الدولة، وهو ما يجعل وزارة التجارة التي لا تمثل حسبه "إلا أداة من أدوات تطبيق قوانين الحكومة" عاجزة عن التدخل لفرض منطق أسعارها على التجار لاسيما فيما يتعلق بالخضر والفواكه. وقال ذات المسؤول أن قانون حماية المستهلك لا يتضمن أية مادة قانونية تحدّد أسعار المواد الغذائية غير المدعمة أو تفرض نشاط التجار خلال الأعياد، كما اعتبر أن وزارة التجارة ليس بإمكانها التدخل دون نص قانوني، في حين أكّد أن الارتفاع الشديد في أسعار المواد الاستهلاكية على مستوى الأسواق الموازية يدخل في إطار صلاحيات وزارة التجارة التي تراجعت عن قرار إلغاء هذه الأسواق لكبت الاحتجاجات الاجتماعية وتهدئة الأوضاع، مشدّدا على أن ضبط الأسعار والتحكم فيها بحاجة إلى قرارات فوقية. وأوضح المسؤول أنه "كما يتسنى للتاجر بيع الكيلوغرام الواحد من الطماطم ب 20 دينارا بإمكانه أيضا بيعها ب 200 دينار ولا يوجد أي نص قانوني يسمح بتدخل وزارة التجارة لفرض أسعار محدّدة"، مضيفا أن منطق اقتصاد السوق سائد بكافة الدول الأوروبية وعدد من الدول العربية وأن الجزائر ليست حالة شاذة، وبالتالي فإنه كلما زاد الطلب وقل العرض ارتفعت الأسعار وإذا حصل العكس تنخفض قيمة المواد. وقال مسؤول وزارة التجارة أن مشكل الالتهاب الذي شهدته أسعار المواد الأولية عشية العيد مرتبط بالدرجة الأولى بالتهافت الكبير للمواطنين على الأسواق لاقتناء المواد الاستهلاكية وخروج عدد كبير من التجار في عطلة، محملا المواطن جزءا من المسؤولية في الوضعية التي آلت إليها أسعار المواد الأساسية، قائلا: "كان أحرى بالمواطن أن يقوم بتخزين احتياجاته قبل العيد لاسيما وأن الجزائريين متعوّدون على غلق المحلات وانقطاع الخدمات طيلة أسبوع العيد". مضيفا: "وزارة التجارة اقترحت قانونا لفرض إلزامية العمل خلال المناسبات لكن الحكومة لم تقم بتمريره في مجلس الوزراء والبرلمان لحد الساعة". وبشأن الارتفاع الذي شهدته أسعار المواد المقننة، أوضح المسؤول أن المواطن ملزم بإيداع شكوى رسمية على مستوى وزارة التجارة أو مديريات التجارة أو جمعية حماية المستهلك وأن هذه الهيئات ستتدخل لردع التجاوزات المسجلة، مشيرا إلى أن المواطنين لم يقدّموا أية شكاوى رسمية لدى الوزارة الوصية لحد الساعة. إيمان كيموش جمعية حماية المستهلك تحذّر من "انفجار اجتماعي قريب" استقبلنا 10 آلاف شكوى ضد جشع التجار في ظرف شهر! كشف رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، محفوظ حرزلي، عن تلقي أزيد من 10 آلاف شكوى من قبل المواطنين خلال شهر رمضان وأيام العيد، عبر الجمعية التي يرأسها، مشيرا إلى أن معظم الشكاوى مسجلة عبر البريد الإلكتروني وكذا زيارات يقوم بها المواطنون لمقر الجمعية وعبر الهاتف ناهيك عن الرسائل البريدية. وأوضح المتحدث في تصريح ل"الفجر" أن معظم هذه الشكاوى مسجلة خلال شهر رمضان وأيام العيد، حيث ترتبط هذه الأخيرة بالارتفاع الشديد الذي شهدته أسعار المواد الأساسية والخضر والفواكه والتي تضاعفت بنسبة 300 بالمائة، محملا الحكومة مسؤولية هذا الارتفاع نتيجة عدم تدخلها لردع تجاوزات التجار. وحذّر ذات المتحدّث من إمكانية تكرار سيناريو أزمة الزيت والسكر في حال عدم تدخل الحكومة لضبط تجاوزات التجار وتقنين الأسعار عبر تحديد هامش ربح يضمن حق التاجر ولا يستنزف المواطن الذي لا بد أن يكون محميا من قبل الدولة. وقال المتحدث أن جمعية حماية المستهلك كانت قد شرعت في حملة وطنية عبر معظم ولايات الوطن لتقليص نفقات العائلات الجزائرية عشية شهر رمضان وكذا عيد الفطر، وهي النفقات التي قال أن أزيد من 50 بالمائة منها إضافية ومجرّد "تبذير". ودعت الجمعية إلى ضرورة انتهاج المواطنين لسياسة التقشف من خلال تقليص النفقات الإضافية، وهذا لمواجهة لهيب الأسعار، مشيرة إلى أنه في كل مرة تشهد نسبة الاستهلاك ارتفاعا إلا يعقبها ارتفاع في الأسعار. وأضاف المتحدّث أنه رغم الحملة التي باشرتها الجمعية، لا تزال الأسعار تشهد ارتفاعا غير مسبوق، وهو ما يندر بكارثة في حال عدم تدخّل السلطات الرسمية لرذع مافيا السوق. راضية. ت حسب الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين "استقرار الأسعار بداية من الأسبوع الجاري" شهدت مختلف أسعار المواد الغذائية التهابا قياسيا طال حتى المواد واسعة الاستهلاك بداية من أول أيام عيد الفطر المبارك إلى حد الآن، بسبب غلق كل المحلات التجارية وتسجيل نقص فادح في بعض السلع. الارتفاع القياسي الذي شهدته المواد الغذائية، خاصة فيما يخص الخضر والفواكه، حيث وصل سعر البعض منها حدود 200 دينارا جزائريا للكيلوغرام الواحد كالفاصوليا الخضراء، الكوسا وغيرها. زيادة الأسعار طالت كذلك المواد المسعرة من حليب وخبز بعدما وصل سعر الخبزة الواحدة 30 دينارا جزائريا في نقاط البيع السوداء بسبب غلق المخبرات والمحلات التجارية، هذا ما فتح المجال أمام الباعة الفوضويين في التلاعب بأسعار المواد الغذائية ثلاث مرات ضعف سعرها الاعتيادي. وفي ذات السياق، أكد الناطق الرسمي باسم التجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، التهاب أسعار المواد الغذائية التي شهدتها السوق الجزائرية في الفترة الأخيرة إلى غاية بداية الأسبوع الجاري، خاصة الخضر والفواكه، إلى توقف المزارعين عن جني المحاصيل الزراعية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان بسبب العطل التي تم منحها للفلاحين بمناسبة عيد الفطر المبارك، ما أدى إلى نقص في العرض وارتفاع الطلب، وبهذا تم تسجيل في غضون الأيام القليلة الماضية قفزة في أسعار الخضر والفواكه مابين 100 و150 بالمائة عن العادة. وفيما يخص أهم المواد المفقودة في السوق هذه الأيام، أضاف بولنوار أنها تمثلت أساسا في كل من الخبز والحليب لغلق المخبزات ووقوع خلل في توزيع مادة الحليب بسبب العطل التي منحت أيام العيد، وبعض الخضر كالبطاطا والطماطم والتي توفرت عرفت ارتفاع في السعر. ياسمين صغير