وسط استياء المعارضة السورية التي اعتبرت أن اختيار الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا الانطلاق في مبادرته بالتشاور مع النظام أولا بدلا من المعارضة في وقت أكدت فيه جامعة الدول العربية على ضرورة رحيل النظام السوري الذي اتهمته ”صراحة” بالقيام بجرائم ضد الإنسانية، يكون الإبراهيمي الذي يستعد هذا الأسبوع للقيام بأول زيارة رسمية إلى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار قد بدأ مرحلة ”جس النبض” بحلول ”تصادمية”. بعد اللقاء الذي جمعه بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قرر الإبراهيمي الانطلاق في مهمة الاستماع إلى جميع الأطراف بالتوجه إلى دمشق للقاء الرئيس الأسد، في مهمة اعترف مسبقا بأنها ”شبه مستحيلة” بعد أن دخلت الأزمة نفقا مظلما منذ حوالي عام مع إصرار المعارضة على الخيار العسكري لإسقاط النظام السوري، ولا تبدو أيضا المعارضة متفائلة بنجاح مبادرة الإبراهيمي خصوصا وأنه قرر لقاء النظام السوري أولا في موعد من المقرر يسافر إليه الإبراهيمي غدا كما تشير إلي ذلك المصادر الدبلوماسية. وفي السياق، وصف اللواء حزام سويلم الخبير العسكري المصري ل”الفجر” المهمة قائلا ”إن مهمة الإبراهيمي قادمة من المجهول وتتجه أيضا بالأزمة السورية نحو المجهول”، كما أشار إلى أن ”الإبراهيمي يريد وقف العنف المسلح في سوريا وهذا مستحيل من الناحية العسكرية لأن جميع أطراف الصراع في سوريا متورطة في الدم وقتل المدنيين”، وأضاف الخبير ”صراحة أتوقع الفشل الذريع لمهمة الإبراهيمي الذي لن يكون مصيره أحسن من مصير عنان الذي اضطر لتقديم الاستقالة بعدما أدرك فشل المبادرات السياسية وحتى العسكرية التي لن تحل الأزمة لأنها ستقودها نحو الحرب الأهلية لا محالة”. ويواجه الإبراهيمي الذي تم تعينه في منصب المبعوث الدولي إلى سوريا خلفا لكوفى عنان الذي قدم استقالته بعد إحباطه بشأن فشل مساعيه لإنهاء ”الحرب الأهلية” العديد من المشاكل اللوجيستية نظرا لتعقد الأزمة السورية التي تتداخل فيها العديد من الأيادي الغربية والميليشيات الجهادية المسلحة، كما أن الولاياتالمتحدة بدأت تتوجه نحو تعزيز تواجد العملاء ورجال الاستخبارات على طول الحدود السورية مع تركيا، لتقديم النصح لقوات المعارضة في قتالهم ضد قوات النظام السوري، كما تؤكد على ذلك التقارير الأمنية التي لا تشير أيضا إلى أن ضعف القبضة الأمنية للجيش السوري على الحديد سمحت بتسلل تنظيم القاعدة الذي يريد السيطرة على المنطقة. وتراقب المعارضة السورية الزيارة الأولى التي سيقوم بها الإبراهيمي إلى سوريا بكثير من الاهتمام، ليس فقط لأنها تشمل إجراء مشاورات مع الجانب الآخر من طرف الصراع وإنما لأنها الأولى التي يقوم بها الإبراهيمي والذي فضل الانطلاق نحو مقترحات مهمته الجديدة بلقاء النظام السوري وليس مع المعارضة، كما يشير إلى ذلك المعارضة السوري إبراهيم يوسف عضو المجلس الوطني السوري في تصريحات ل”الفجر”: ”يجب أن يتخذ الإبراهيمي مواقف صارمة مع النظام السوري فأحداث العنف والمجازر التي يرتكبها ”الجيش آل أسدي” ضد المدنين لم تعد تحتمل ويجب وقف حمام الدم وعلى الإبراهيمي أن يدرك جيدا أنه يحاور نظام ”ميت وقاتل”. وألقت الأزمة السورية بظلالها وبقوة على العلاقات العربية لاسيما بعد تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، وسعي الرئيس المصري محمد مرسي لإقحام بلاده في أتون الأزمة السورية عبر تصريحات وصفت بالنارية، فضلا عن تدهور العلاقات اللبنانية السورية وباقي دول الجوار التي تشتكي من عدد النازحين وانتشار المسلحين على الحدود، لكن لا يبدو للأزمة السورية أي تأثير على صعيد العلاقات الروسية الأمريكية رغم الخلافات الجوهرية وعرقلة الفيتو الروسي لجميع مقترحات مجلس الأمن حول الأزمة السورية، حيث تظل العلاقات الاستراتجية بين الولاياتالمتحدة وروسيا جد قوية، وهو ما تؤكد عليه تصريحات المسؤولين من الطرفين كما أشار إلى ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية باتريك فنتريل الذي قال في معرض تعليقه على العلاقات الأمريكية الروسية ”العلاقات الأمريكية الروسية جيدة ما سمح بتحقيق مكاسب مهمة”.