علمت ”الفجر” من مصادر مطلعة أن المساعي التي قامت بها حكومة الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، التي دامت عدة أشهر قبيل رحيله عن الحكم، لم تفلح في إقناع نظيرتها الجزائرية بإبرام صفقة هامة لتوريد طائرات حربية مقاتلة من نوع ”رافال” الفرنسية الصنع، في إطار برنامج تحديث وتطوير قدرات الدفاع للقوات الجوية الجزائرية، الجاري تنفيذه من طرف وزارة الدفاع وقيادة أركان الجيش الوطني الشعبي. أوضحت ذات المصادر أن السلطات الجزائرية فضلت ترك ملف الصفقة بين أيدي خبراء وزارة الدفاع الجزائرية، الذين يحددون الحاجة الفعلية لهذا النوع من الطائرات وفق مقاييس وضوابط تقنية بحتة، تتعلق بمدى فعالية ونجاعة الطائرات وملاءمتها وتكيفها مع باقي المنظومة الدفاعية الجوية، التي يتم تطويرها تماشيا مع التحديات الأمنية الجديدة والمهام الموكلة للجيش على ضوء التطورات الأخيرة على الحدود، الأمر الذي تقرره قيادة الأركان للجيش الوطني الشعبي وليس أعضاء الحكومة المدنيين. وأوصى خبراء وزارة الدفاع الجزائرية، في تقريرهم المقدم لقيادة أركان للجيش، بضرورة تجهيز منظومة الدفاع الجوي للجيش بطائرات حربية مقاتلة، تتوفر على مقاييس تقنية محددة، لتكون مكملة ومنسجمة مع مهام مجموعة الطائرات الحديثة المتطورة المقاتلة من نوع ”سو 30” و”ميغ 29”، التي أدرجت حديثا في الخدمة، على أن تتوفر الطائرات المكملة للمنظومة على مواصفات تقنية متعددة المهام، تتعلق بكفاءتها القتالية وقدرتها على التحليق على مدى يفوق 700 كيلومتر، دون التزود بالوقود، لتغطية مناطق الجنوب الجزائري الشاسعة، والمناورة، التحليق من مدرجات صغيرة، الاعتراض والمواجهة والاستطلاع. كل هذه المواصفات لم تكن تتوفر في طائرة ”رافال” الفرنسية، التي تنحصر قدراتها على الاعتراض والمواجهة وتحتاج إلى مطارات ومدرجات طويلة للإقلاع زيادة على محدوديتها التقنية في المناورة، وعدم جاهزيتها للقيام بمهام الرصد والاستشعار عن بعد والاستطلاع، وهي المواصفات التي لا تتوفر حاليا سوى في طائرات ”غريفون” السويدية الصنع التي تنتجها مصانع ”صاب” الحربية السويدية. وعلى ضوء هذا التقرير، باشر خبراء وزارة الدفاع الجزائرية، خلال الأسابيع الماضية، المشاورات والمفاوضات الرسمية مع مسؤولي المجمع الصناعي العسكري السويدي ”صاب”، للتعاقد معه لشراء مجموعة كاملة من طائرات ”غريفون” الحديثة والمتطورة، تضمنها لمنظومة الدفاع للقوات الجوية الجزائرية، خاصة بعد بروز توجه جديد لدى قيادة أركان بالجيش الوطني الشعبي، يقضي بجعل قدرات قوات الدفاع الوطني جاهزة للتصدي إلى مخاطر جديدة على الأمن الوطني والإقليمي ناجمة عن بروز قوى معادية غير نظامية، تنشط خارج الحدود بعدد من دول الجوار، خاصة في الجنوب حيث تهدد حاليا الأمن والاستقرار بالمنطقة وتشكل خطرا محدقا بالأمن الوطني، الأمر الذي يستدعي تجهيز قوات الدفاع الجوي والقوات الجوية بقدرات فعالة للتدخل والاعتراض والاستطلاع عن بعد، تغطي كامل الشريط الحدودي خاصة بالمناطق الجنوبية وغيرها. وتعتبر طائرة ”غريفون” السويدية، حسب تقييم خبراء الطيران العسكري، تحفة تكنولوجية، بكل المقاييس العلمية والتقنية، وتعد مفخرة الصناعات الحربية السويدية، فهي تلقب بالطائرة متعددة المهام الرقم واحد، التي لم يسبق صناعتها في السويد. ويتم إنتاج طائرة غريفون بمصانع ”صاب” السويدية، بمدينة لينكوبينغ، بالتعاون مع شركات فولفو للميكانيكا والمحركات وإريكسون للالكترونيات العالية الدقة، حيث تم تصنيعها خصيصا للاستجابة لحاجيات القوات الجوية السويدية لتكون طائرة مقاتلة ومعترضة وطائرة استطلاع في نفس الوقت، تحط وتقلع من أي مدرج صغير وحتى من على الطرقات السريعة، حسب ما أراده السويديون، الذين يعتمدون في استراجيتهم الدفاعية الجوية على تشتيت القوات الجوية بجميع مناطق البلاد حتى الصغيرة منها لتفادي تدميرها المفاجئ من طرف العدو، إذ ما جمعت بمكان واحد في قواعد معروفة. وتستطيع طائرة ”غريفون” الإقلاع بسرعة ومن مسافة قصيرة بفضل محركات نفاثة جد قوية من صناعة فولفو، مع قدرات تقنية عالية مدمجة لمحركات شركة جنرال إلكتريك الأمريكية. كما تم تجهيز دفات القيادة والتحكم الكهربائية بتقنيات شركة لوكهيد مارتن الأمريكية ورادار جد حساس من نوع إريكسون مصنع بتقنية بريطانية. ويحظى الطيار على متن ”غريفون” بكل الراحة وحرية المناورة داخل قمرة القيادة، حيث يتحكم في الطائرة بكاملها، من خلال شاشة عالية التقنية ومقود صغير مدمج مع كل أجهزة التحكم. ويرى الخبراء أن تجهيز القوات الجوية الجزائرية بطائرات ”غريفون” المتعددة المهام خطوة تقنية عالية، تبرز مدى تطور وحداثة القوات الجوية الجزائرية، التي تتوفر على قوة ضاربة لا يستهان بها من خلال المنظومة المشتركة لطائرات ”سو 30” و”ميغ 29” من الجيل الجديد الحديثة، بحث يعتبر انضمام طائرات من نوع غريفون إلى سلاح الجو الجزائري نقلة نوعية جد متطورة ترتقي بقدرات القوات الجوية الجزائرية إلى مصاف أقوى القوات الجوية عربيا وأفريقيا، لا تضاهيها تقنيا سوى طائرات تيفون الأوروبية. ويبلغ طول طائرة ”غريفون” للهجوم، الاعتراض والاستطلاع، أكثر من 14 متر وبعلو 4.5 متر، وبحجم كتلة عرض 8.50 متر. حيث تبلغ سرعة محركاتها النفاثة ذات الدفع المزدوج من نوع ”فولفو” إلى أقصى الارتفاع ”ماخ 02”، ويبلغ وزنها 6600 كلغ خاوية و12.500 كلغ بكامل تجهيزها وتسليحها.