الإشكال المطروح على مستوى النصوص المسرحية, هو أن الكثير من المهتمين بالفن الرابع لا يفرقون بين النصوص التي تُقرأ والنصوص التي تجسد على الخشبة, وعليه فإن معظم الروائيين الذين نستطيع القول أنهم يكتبون للمسرح على قلتهم لا يمتلكون تقنيات الخشبة ولا يفقهون في الأعمال المسرحية أي شيء لأنهم يقدمون نصوصا للقارئ وليس للممثل أو المخرج المسرحي, وهذا ناتج حسب رأيي عن غياب احتكاك هؤلاء بالمسرح, الشيء الذي أفقدهم النظرة الدرامية للعمل, خاصة وأن هذه الأخيرة تتطلب أفعال, حركات, إسقاطات معينة, اللعب بملامح الشخصيات وبناء الخطوط المتصلة والمنفصلة في العمل الإبداعي, كل هذه الأمور تغيب عن الكُتاب الذين يكتبون للمسرح دون تمكن جهل بخباياه, لذلك أرى أن الشخص المخول للكتابة المسرحية هو رجل المسرح سواء كان ممثلا أو مخرجا لأنه أدرى بمتطلبات الخشبة وكواليسها. أما الحديث عن النصوص الشبابية في الفن الرابع ففرضته الضرورة الملحة والظروف التي يمر بها المسرح الجزائري, فجل الشباب المبدع اليوم لا يجد نصوصا مسرحية قابلة للتجسيد على رُكح المسارح لذلك يلجأ إلى الكتابة حتى لا يكون مجرد بوق من أبواق الكتاب التي تفتقد كتاباتهم إلى الروح المحركة للعمل, وهو ما يميز جيل اليوم من المبدعين الشباب هو انفرادهم بكتابة نصوصهم المسرحية وهي نقطة تحسب لهم, على عكس الجيل السابق الذي لم يجتهد إلا البعض منهم في الكتابة للمسرح, وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على درجة الوعي والثقافة المسرحية التي وصل إليها شباب اليوم, كما يدل ذلك على اهتمامه بالإبداع لأنه لا يريد أن يبق حبيس الماضي ويتجرع أعمال السلف, وأعتقد أنه حتى وإن أعاد الشباب كتابة نصوص مسرحيات سابقة فهو بحد ذاته تشبيب للأعمال, لأنه يمنحها رؤى جديدة وطرحا مغايرا, كما يعزز خطواتهم للوصول إلى الاحترافية التي تكتسب مع التجربة, وأشير في هذا المقام إلى ضرورة إيجاد الحلقة الضائعة التي تعيد ربط الأدب بالمسرح والاقتداء بالتجارب العالمية التي يتقاسم فيها مثقفوها حقل الإبداع, وحيث لا وجود لكُتاب يكتبون للخشبة ولا يعرفون متطلباتها أو لا يشاهدون الأعمال التي تُجسد على رُكحِها. غير أن ما ينقص هؤلاء الشباب هو صقل مواهبهم عن طريق توسيع مجال اطلاعهم, والمشاركة في ورشات العمل والتربصات, والابتعاد عن الكتابة العبثية, كما أنهم بحاجة ماسة إلى الدعم الكافي من طرف القائمين على شؤون المسرح في الجزائر, والمسرحيين الهواة قدموا الكثير للمسرح الجزائري لتمتعهم بحرية أوسع, لأن التقييد غير مُحفز لأي إبداع, كما هو الاقتباس المتكرر للأعمال الغربية الذي لا يخدم لا الفن الرابع ولا الثقافة الجزائرية وأنا أقول "إذا صلح الرجل المسرحي صلح المسرح في الجزائر", والجزائر ليست عقيمة في كل مجالات الإنتاج الفني وباستطاعتها تقديم فنانين تحاكي أعمالهم عمق مجتمعنا.