تعاني الكثير من الأمهات من مشكلات عديدة تخص أبناءهن، ولعل من أبرز تلك المعيقات هي تلك المتعلقة بطريقة النطق وسلامتها، والتي تواجه خاصة الصغار الذين يدخلون أقسام الدراسة لأول مرة، وبين التخوف من التعامل مع محيط جديد وقسوة بعض الأساتذة والمربيين تضيع الكلمات وتبدأ معاناة التلعثم للكثيرين. ”التلعثم” أو ”التأتأة” كما يسميها البعض هي تلك الحالة المربكة التي تصيب الصغار والتي تعيقهم عن الكلام بسلاسة، وبالرغم من أنها حالة عادية بالنسبة للطفل في طور نموه، إلا أن الأخصائيين يقرون أنها تصبح مقلقة إذا كانت راجعة لبعض العوامل النفسية التي يتسبب بها المحيط. للسن علاقة بالمشكل يُرجع الكثير من الأخصائيين النفسانيين سبب تلعثم الكثير من تلامذة الابتدائي إلى عامل السن، لاسيما بالنسبة للذين التحقوا بالأقسام قبل السن القانونية، وبالتالي تكون مراحل تعلم الكلام والنطق لم تكتمل لديه حسبما أكدته الدكتورة النفسانية نسيمة ميغري، والتي تؤكد قائلة: ”يجب على الأولياء أن لا يقلقوا في هذه الحالة لأن سن أبنائهم لا تزال مبكرة على التكلم بطلاقة، كما أن الاحتكاك بالأطفال ودخول عالم جديد من شأنه تحسين وتقويم النطق لديه”، وخلال جولة قادتنا لبعض المدارس الابتدائية أين بحثنا عن الأولياء الذين يعاني أبناؤهم من هذه المشكلة، اتضح لدينا أن أغلبهم دون سن السابعة، وفي سياق متصل تقول هجيرة والدة نزيم، أن ابنها لا يزال لا يفرق بين الحروف في نطقها، كما تعترضه مشاكل في النطق وكذا التلعثم المستمر حينما يقوم بسرد حدث ما، أما سامية التي لا تزال ابنتها لم تطفأ شمعتها السادسة فتقول إنها تعاني من مشكل صعوبة التعبير سبب التلعثم في الكلام، هذا الأخير الذي أرجعته الأخصائية النفسانية التي قصدتها لصغر سنها، مطمئنة إياها أن المشكل سيزول مع الوقت. تغيير نمط الحياة وروتينها يخلق المشكل وفي سياق متصل، تحدثنا إلى سميرة والتي كلمتنا عن معاناة ابنتها التي دخلت المدرسة لتوها قائلة: ”منذ مدة قصيرة تغيرت طريقة كلام ابنتي، حيث كانت تتكلم بشكل طبيعي، لتصبح فجأة تتكلم بشكل متقطع غير اختياري، وتجد صعوبة في إخراج الكلام”، وأضافت: ”أكثر ما يؤرقني أنها تتكلم بشكل منطلق أمام العائلة، أو عندما تكون لوحدها، إلا أنها تتلعثم عندما تحاور صديقاتها في المدرسة وخاصة عندما تكلم معلمتها”. كما صادفنا سيدة أخرى تشتكي أيضا من تغير طريقة كلام ابنتها قائلة: ”أنا أم لطفلة عمرها سبعة سنوات بدأت لديها مشكلة تزعجني كثيرا وهي التأتأة، أحيانا تظهر بشدة وأحيانا أخرى تخف، وبالرغم من تمتعها بشخصية قوية تمكنها من التحدث مع الجميع غير أنها تغيرت منذ دخولها للمدرسة حسبما لاحظناه أنا ووالدها”، وتضيف قائلة: ”أصبحت ابنتي تخاف عندما تسرع في التحدث فتضيع منها الحروف وتختلط عليها الكلمات، كما أخشى أن تستمر معها وتواجه صعوبات في الدراسة مستقبلا”. سوء المعاملة وراء أكثر تلك الحالات خلال حديثنا مع الأخصائية النفسانية نسيمة ميغري عن أكثر الأسباب المؤدية لهذه المشكلة التي يعاني منها الصغار عادة بعد دخولهم للمدرسة، أكدت أن المشكلة أساسا تتمثل في اضطرابات الكلام بتكرار المتحدث للحرف الأول من الكلمة عدة مرات أو أنه يتردد عند نطقها، وتصحب هده الحالة تغيرات جسمية وانفعالية تظهر واضحة في تغير تعبيرات الوجه، وأشارت المتحدثة أن أساليب التربية التي تعتمد على العقاب الجسدي والإهانة والتوبيخ كثيرا تؤدي إلى إصابة الطفل بهذا المشكل، منوهة أن الأطفال الذين تواجههم هذه المشكلة بعد دخولهم للمدرسة عادة ما تكون طبيعة معاملة المعلم وراءها، فكثيرا ما يلجأ هذا الأخير إلى إهانة التلميذ أمام أقرانه وتوبيخه. وعن الحلول المناسبة أكدت ذات المتحدثة على عدم اللجوء إلى العقاب كأساس للتربية مؤكدة أنه يخطئ من يعتقد أن التلعثم لا يعالج لاسيما إذا كان ناتج عن أسباب نفسية، إذ ينبغي علينا اللجوء إلى المختصين والبحث معهم في إمكان علاج هذه المشكلة، أما عن تجنب الظاهرة فيتحقق بأن تعتمد الأسرة في بداية تنشئتها وكذا المدرسين للأطفال على تشجيعهم على التعبير الصوتي لما يجول في أنفسهم، كما ينبغي أن نكف عن عقاب الأطفال عندما يحاولون التحدث والمناقشة وإبداء الرأي. أما الإهانة والتوبيخ للطفل أمام الآخرين فقد أكدت أنه من شأنه أن يؤد إلى خلق شخصية غير سوية للطفل، فتدريب الأطفال على أصول اجتماعية مع الآخرين وتوضيح ذلك كله يعلمهم العادات والتقاليد التي تخص مجتمعهم وتساعدهم على التمييز بين ما هو مقبول وما هو مرفوض من قبل الأسرة، ونكرر مرة أخرى يجب أن لا نترك الطفل يكتسب الخبرة بعد العقاب.