لا يزال سكان الحي القصديري المتواجد على مستوى إقليم المنطقة الصناعية ببونوارة ببلدية أولاد رحمون بقسنطينة، وتحديدا في قلب محجرة المؤسسة الوطنية للحصى وحدة الطيب بوالزيتونة، يعيشون أوضاعا كارثية بجميع المقاييس في ضل انعدام أبسط ضرورات العيش الكريم، وهي المعاناة التي لازمتهم منذ أكثر من 20 سنة من دون أن تلوح في الأفق بوادر الفرج التي من شأنها تخليصهم من أزمتهم التي ترسم ملامحها ثلاثية من الفقر، الحرمان والتهميش. تعود جذور هذه المعاناة كما يؤكد سكان هذا الحي الذي يضم 08 عائلات مع بداية النشاط الفعلي للمحجرة منتصف الثمانينات من القرن الماضي، حيث تحتم عليهم البقاء بمساكنهم التي أقاموها بهذه المنطقة المسماة جبل أم الستة أواخر الستينات على الرغم من المخاطر الكثيرة المترتبة عن التفجيرات المتكررة لنشاط المحجرة وما ينتج عنها من تداعيات انعكست سلبا على وتيرة حياتهم اليومية، لاسيما بعد ما أخذت المؤسسة تتدرج في توسعها إلى أن استولت على كامل تراب المنطقة وأحاطتها بسياج ما جعلهم يتواجدون داخل إقليم المحجرة، الوضع الذي جعل السكان يعيشون في قلق وصراع دائمين وسط مستنقعات من الأوحال، الحصى والغبار المتطاير وذلك منذ قرابة الربع القرن، وهي الوضعية التي جعلتهم يعيشون حياة ملؤها الخوف والحرمان، مترقبين حدوث الأسوأ بين الفينة والأخرى. فزيادة على المخاطر التي يعيشونها يوميا بسب التفجيرات المتكررة وحركة سير مختلف الشاحنات وما تخلفه من غبار متطاير تسبب في إصابة الكثيرين منهم بأمراض تنفسية حادة، طرح السكان مشكل انعدام أبسط ضروريات العيش من ماء وغاز، حيث يتكبدون مشقة التنقل إلى مناطق بعيدة للحصول على حاجتهم من المياه الصالحة للشرب والتي يصعب التزود بها في ضل قساوة الظروف الطبيعية شتاء أين تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر باعتبار طابع المنطقة، وما زاد الطين بلة حسبهم معاناتهم مع توفر قارورات غاز البوثان التي تشهد تذبذبا واضحا في توزيعها خلال تردي الأحوال الجوية، ما يجعلهم يلجأون إلى استغلال الثروة الغابية لمواجهة البرودة الشديدة، أما عن الكهرباء فالعائلات تتزود به من خلال السياج الحديدي للمؤسسة والذي يتم استغلاله خلال الفترة الليلية فقط. ولا تتوقف معاناة السكان عند هذا الحد فحسب، فقد كان لأطفالهم المتمدرسين نصيب منها، فانعدام النقل وسائل المدرسي جعل غالبية أبنائهم ينقطعون عن الالتحاق بمقاعدهم الدراسية سيما خلال تردي الأحوال الجوية شتاء، أين يتعذر عليهم الالتحاق بالحافلة المتوجهة نحو قرية بونوارة لمزاولة دراستهم التي غالبا ما ينقطعون عنها أثناء هطول الأمطار لأن الأوحال تصبح سيدة الموقف وتشل مختلف الطرقات لدرجة أنها تعزل المنطقة كليا. السكان وفي حديثهم معنا طالبوا السلطات المحلية لبلدية أولاد رحمون، ضرورة تلبية مطلبهم المتعلق بمنحهم عقود استفادة من السكن الريفي التي لطالما وعدوا بها، سيما وأنه تم منح ثلاث عائلات من أصل ثمانية خلال الفترة الماضية عقود استفادة من السكن الريفي، مشيرين إلى حق الجميع في الاستفادة من إعانات الدولة المتعلقة بهذا الشأن على اعتبار أنهم يتشاطرون نفس المعاناة، متسائلين عن سبب انتهاج السلطات المحلية لما أسموه بسياسة التفرقة في معالجة ملفاتهم..؟