اعتمد، أول أمس، البرلمان الفرنسي نهائيا مقترح قانون تقدم به النواب الاشتراكيون لجعل يوم 19 مارس تاريخ وقف إطلاق النار عام 1962 في الجزائر، ”يوما وطنيا” لذكرى ضحايا حرب الجزائر، في لفتة دبلوماسية للجزائر قبل زيارة يقوم بها الرئيس فرانسوا هولاند الشهر المقبل. وافق مجلس الشيوخ الفرنسي الذي يسيطر عليه الاشتراكيون، بأغلبية 181 صوت مقابل 155 على مشروع القانون الذي يخلد يوم وقف إطلاق النار في حرب تحرير الجزائر 1954 - 1962، حيث يسعى الحزب الاشتراكي من خلال هذه الخطوة ”إحياء ذكرى مئات الآلاف من القتلى الذين سقطوا من الجانبين في الجزائر، وكذلك في حربي الاستقلال في المغرب وتونس. وأعلن حزب اليسار في مجلس الشيوخ تأييده للقانون، فيما عارضه اليمين إثر نقاشات محتدمة، واصفا المسودة بأنها ”تشويش ديمقراطي”، على حد تعبيره. وأنهى الصراع أكثر من قرن من الحكم الاستعماري الفرنسي في الجزائر، ولكنه ترك جروحا غائرة في الشعب الجزائري، كما استمر الخلاف لسنوات حول أنسب موعد لتخليد ذكرى الضحايا. وجاء التصويت على مسودة القانون في وقت أثيرت فيه مجددا مسألة مسؤولية فرنسا وجرائمها خلال حرب الجزائر، حيث يأمل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي يسعى إلى تحسين العلاقات مع الجزائر منذ انتخابه في ماي الفارط، لاستغلال زيارته التي يقوم بها أواخر ديسمبر إلى الجزائر، في كسب تأييدها لتدخل عسكري تقوده الدول الإفريقية في مالي لكسر شوكة المتشددين الإسلاميين الذين سيطروا على شمال البلاد. وبالموازاة مع التهدئة التي يحاول الرئيس الفرنسي القيام بها قبل زيارته المرتقبة إلى الجزائر ديسمبر المقبل، أعلن وفد من المبادرين بعريضة ”لا لأي إشادة ببيجار” أنهم سيتنقلون يوم 19 نوفمبر المقبل إلى وزارة الدفاع الفرنسية للتعبير عن رفضهم للتدشين المعلن عنه لنصب تذكاري إشادة بالجنرال الرمز للتعذيب في الجزائر. وأوضح بيان للمبادرين بهذا العمل أن ”هذا الوفد سيتوجه إلى الوزارة بباريس يوم الإثنين 19 نوفمبر على الساعة 17 مساء من أجل إيداع قائمة للموقعين على العريضة (3500 إلى يومنا هذا) وطلب استقبال من أجل شرح مبررات رفض تدشين هذا النصب التذكاري المشيد بالجنرال بيجار ”ذلك الجلاد الهمجي” من طرف وزير للجمهورية. وتم إطلاق نداء جديد في فرنسا ”ضد تكريم” الجنرال بيجار من طرف العديد من المثقفين، الصحفيين والمؤرخين ورفض نقل رفات هذا الجنرال الذي ارتبط اسمه بالتعذيب في الجزائر إلى النصب التذكاري بفريجوس. وأعرب أصحاب المبادرة عن استيائهم ”لاعتبار هذا الشخص كبطل ورمزا للشجاعة والعطاء تجاهلا لجميع الشهادات والدراسات التاريخية الجادة”.