نكست البرازيل أعلامها معلنة حدادا مدته أسبوعا كاملا على رحيل عملاق الفن والهندسة الحديثة، نيمير أوسكار، أحد أشهر المهندسين المعماريين خلال القرن الماضي، حيث صمم الكثير من المباني في بلاده وعبر العالم، منها جامعتا منتوري بقسنطينة، وجامعة هواري بومدين بباب الزوار. وقد ساهم المهندس نيمير بين سنتي 1970 و1980 في تصميم وتخطيط تجمعات حضرية وسكنية عكست عبقريته الفذة. عاش أوسكار نيمير سنوات السبعينات في الجزائر بعد فراره من قبضة الديكتاتورية في بلاده البرازيل، وكان دائما يقول عن تلك السنوات ”الجزائرية في حياته” أو المغامرة كما كان يسميها بقوله أيضا ”تجري دماء عربية في عروقي”. وقد أحب نيمير دائما التجوال في القصبة، كان يحب الجزائر ويعتبرها بلده الثاني، ولديه العديد من الصداقات مع المسؤولين الجزائريين وكان آخر ما قدمه هذا المبدع للجزائر هو تصميم المكتبة العربية الجنوب أمريكية التي ستحتضنها الجزائر وستنطلق أشغال لإنجازها عام 2013. ما زالت جامعة منتوري بقسنطينة 1971-1974 التي اعتبرها أوسكار من بين أحسن تصاميمه المعمارية التي يفخر بها في سنواته الأخيرة، وقسم العلوم الاجتماعية بجامعة الجزائر وجامعة باب الزوار (1977)، شاهدة على العبقرية الفنية لهذا المبدع الاستثنائي في تاريخ البشرية. كانت أعماله ”المرجع الأولي للطلائع الأولى من المهندسين في بلاد تخرج من الاستعمار إلى أحلام الطموح والتشييد. كما قام نيمير أيضا في الجزائر بتصميم كلية الهندسة المعمارية في الحراش، وخاصة القاعة الرياضة التابعة لمركب 5 جويلية (القاعة البيضوية)، وكان هو الذي اقترح خلال سبعينيات القرن الماضي على الرئيس هواري بومدين إنجاز مسجد يكون تحفة عالمية لا يضاهيها أيُّ معمار إسلامي آخر، فكرة المسجد خططها بقلمه في لحظة إبداع في غرفته في مدينة الجزائر قبيل النوم. لكن المشروع الذي أبهر الرئيس ونال موافقته لم يُكتب له أن يتحقق، لأن بومدين توفي بعد فترة قصيرة. ترك أوسكار نيمير إبداعات لأشهر المباني في العالم منها مقر وزارة الخارجية في برازيليا ومبان أخرى ومبنى الأممالمتحدة في نيويورك. ولد أوسكار نيمير بتاريخ 15 ديسمبر 1907 في ريو، في عائلة من الطبقة المتوسطة من أصول ألمانية وبرتغالية وعربية. أوسكار نيمير دي ألميدا ريبيرو سواريس، كان سيحتفل يوم 15 ديسمبر الجاري بعيد ميلاده الخامس بعد المائة، لكن القدر غيبه إثر ضيق في التنفس بعد دخوله المستشفى. يضم سجل منجزات المصمم الهندسي البرازيلي، الذي يلقب ب''الظاهرة''، أكثر من 600 معلم عمراني شهير عبر العالم، منها مساهمته في الستينيات في بناء وعصرنة العاصمة ‘'برازيليا'' بالبرازيل، ومبنى هيئة الأممالمتحدة. وتحصل، عام 1988، نظير أعماله، على جائزة ‘'بريتكزر'' التي تعد بمثابة نوبل للهندسة المعمارية، وذلك على عمله في بناء كاتدرائية البيضاوية في برازيليا. كما كان وراء تصميم مقر الحزب الشيوعي الفرنسي والمقر العام لجريدة ‘'لومانيتي''. ويعد أوسكار نيمير من المتعاطفين مع التيار الشيوعي، وهو التعاطف الذي كلفة اللجوء السياسي لفرنسا، هروبا من الديكتاتورية العسكرية في بلاده، حيث تم تكريمه في 2007 بوسام الشرف. وكان أوسكار عاشقا للنساء، وكان يستلهم منهن جمال تصاميمه المعمارية، بحيث تزوج من سكرتيرته ذات ال40 ربيعا، بعدما بلغ هو من العمر 98 سنة.