رئيس جمعية المقاولين الجزائريين ل"الفجر": العاصمة إلى غاية بومرداس غير آمنة 40 مليار دج لإنقاذ 30 ولاية مهددة بالفيضانات يصنف خبراء الجزائر ضمن المراتب الأولى للدول الأكثر إنفاقا للأموال على مشاريع “غير مدروسة بدقة”، على غرار تلك المنشآت الثقيلة التي تم إنجازها وسط الجزائر العاصمة، رغم إدراجها فوق خط النشاط الزلزالي فضلا عن كونها عرضة لانجراف التربة والفيضانات في العديد من بلدياتها. عاد من جديد خبراء علم الفلك والجيولوجيا للحديث عن أهمية إعادة النظر في مشروع “تهريب” العاصمة للمناطق الداخلية، كون العاصمة مصنفة في دائرة الخطر. كما بدأت الحكومة باتخاذ الإجراءات التي كان من المفروض تنفيذها في وقت سابق لتفادي الكوارث المسببة للخسائر في مختلف المنشآت، حيث أضحت الأمطار الغزيرة المتهاطلة في كل موسم تكشف العديد من العيوب بالعاصمة، على غرار بلديات بوروبة، الحراش، حسين داي، القصبة، المقرية، أحياء الحميز بالدار البيضاء، باب الوادي وغيرها من المدن المهددة بخطر الفيضانات وانجراف التربة التي تتسبب فيها الأمطار الغزيرة والوديان التي تتخللها. وكانت مديرية التعمير قد كلفت، منذ أزيد منذ ثلاث سنوات، أحد مكاتب الدراسة الأجنبية وهو فرنسي، لإنجاز دراسة حول المدن التي مسها الفيضان خلال كارثة نوفمبر 2001، لكن لم يتم اعتماد تلك الدراسة بعد انزلاق التربة بمدينة بوزريعة، ليتم بعدها اعتماد مكتب أجنبي مغاير حاليا هو بصدد إنجاز دراسة جديدة حول عملية التعمير بجبل بوزريعة وضواحيه، ناهيك عن البنايات المتواجدة على ضفاف الأودية التي تصب بشاطئ باب الوادي “الرميلة”، حيث شملت هذه الدراسة كلا من وادي مكسل المنحدر من مدينة بوزريعة، إلى جانب ستة أودية صغيرة على غرار وادي سكوطو، وادي الكاريار، وادي بارانيس، وادي سيدي بنور، وادي سيدي مجبر، ووادي فريفالون. ويذكر أن هذا المشروع الذي تم إنجاز أجزاء منه من شأنه حماية المدن العاصمية المهددة بخطر الفيضانات. قرارات منع البناء قرب الوديان تُضرب عرض الحائط ولدى تنقل “الفجر” إلى ضفاف بعض الأودية، حيث توجهت إلى طريق “فريفالو” وهو مجرى “وادي مكسل” الذي يصب من أعالي مدينة بوزريعة إلى باب الوادي، لاحظنا وجود منشآت عمومية وأخرى تعليمية سبق أن شيدت بمجرى الوادي، على غرار مركز الدرك الوطني ووحدة الحماية المدنية، إضافة إلى مدرسة ابتدائية وكذا فرع لشركة “أسروت” المختصة في تطهير قنوات الصرف الصحي. من جهتهم أكد المختصون في مجال البناء بشأن هذه المنشآت أنها قد تنجرف في حالة وقوع فيضانات أمام قوة المياه لعدم قدرتها على الصمود في وجهها، ما يؤدي إلى حدوث كارثة حقيقية بالمنطقة مماثلة لكارثة “نوفمبر الأسود” إن لم تكن أكثر من ذلك، إذ لابد - حسب المتحدثين - أن يتم نقل تلك المنشآت الهامة إلى مكان آخر يكون أكثر أمنا وسلاما على العاملين بها أو من يزاولون دراستهم فيها، من تلك المنطقة الخطرة التي يشغلونها في الوقت الحالي. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بشدة في هذه المنطقة حول الأسباب الكامنة وراء عدم تدخل المصالح المعنية لوقف أشغال البناء التي يقوم بها بعض المواطنين، وهدم تلك البنايات التي تهدد المنطقة بحدوث كارثة أخرى، والتي تخالف القرارات الوزارية التي خرجت بها وزارة السكن والعمران وكذا وزارة الموارد المائية، بعد أن أصدرتا قرارين بمجرد الإعلان عن تصنيف دائرتي باب الوادي وبوزريعة كمناطق خطر، حيث تم إصدار القرار الأول تحت رقم 979 المؤرخ في 26 أفريل 2009 الذي يتضمن تجميد البناءات فوق الأراضي الواقعة بأعالي المناطق التي تعرضت لفيضان 10 نوفمبر2001، وتشمل هذه التعليمة الوزارية كلا من مقاطعة بوزريعة وما جاورها، وكذا مقاطعة باب الوادي وما جاورها من المناطق التي تعرضت للسيل الذي ذهب ضحيته قرابة 700 مواطن. وأما القرار الثاني الذي أصدرته وزارة الموارد المائية بتاريخ 29 جويلية 2009 والقاضي بتحديد كيفية الترخيص بغرس المزروعات السنوية في الأملاك العمومية الطبيعية للمياه، فينص على منع ممارسة أي نشاط فلاحي قرب مجاري الوديان والحواف ولا يسمح بممارسة المزروعات السنوية في تلك المناطق إلا بقرار من الوالي المختص إقليميا، إلا أن تلك القرارات ظلت حبرا على ورق حسبما يثبته الواقع، حيث ذكرت مصادر من داخل الشركة التي تسلمت مشروع القناة التي من شأنها حماية المدينة من وقوع كارثة مماثلة ل”نوفمبر الأسود”، أن المشروع قد توقف لمدة تزيد عن شهرين كاملين بسبب إحدى البنايات التي لم يحز مالكها على رخصة تمكنه من البناء. ورغم ذلك فقد عمل هذا الأخير على مواصلة أشغال التشييد إلى أن تم إنجاز فيلا ذات ثلاث طوابق كاملة، ليكون مالكها قد استغرق مدة 6 أشهر فقط لإنجازها بطريقة غير قانونية، لعدم حيازته على رخصة البناء، وكذا مخالفة القرارات الوزارية التي تمنع إنجاز أي منشأة كانت على تلك الأرضية لعدم صلاحيتها ولخطورة الوضع في حالة وقوع أي فيضان، حيث يفضل هؤلاء المواطنين الاستثمار والعيش في دائرة الخطر، ليعودوا عند حدوث أي مشكل أو كارثة للوم الجهات المختصة التي لم تسجل تدخلها لمنعهم من هذه المخاطرة التي قد تودي بحياتهم عند حدوث أي فيضان. الحكومة غير جاهزة حاليا لتحويل العاصمة لمنطقة داخلية من جهتهم، المختصون بمجال البناء والتعمير من مقاولين، وعلى رأسهم مزيان بلقاسم، رئيس جمعية المقاولين الجزائريين، أكدوا أن مسألة تهريب الجزائر العاصمة للمناطق الداخلية حتمية لا مفر منها، وأن ما تقوم به الحكومة من خلال إنجاز مشاريع هامة وأوعية عقارية ذات ثقل كبير على غرار وزارة المالية، الخارجية، ومسجد الجزائر الأعظم، وغيرها من المنشآت الثقيلة، معتبرا الأمر مجرد تبذير للأموال نظرا لغياب دراسات تقنية على المدى البعيد أو حتى المتوسط، محملا الجهات المعنية والمختصين بإنجاز الدراسات التقنية لمثل هذه المشاريع الهامة مسؤولية ما يقع وما هو متوقع حدوثه من كوارث طبيعية تأتي على الأخضر واليابس بالجزائر العاصمة في المستقبل القريب، بما فيها هذه المنشآت الكبيرة التي تكلف الدولة ملايير الدولارات ثم تذهب أدراج الريح. كما أكد ذات المتحدث أن كامل المنشآت التي أنجزت حديثا، والتي تستمر الحكومة بإنجازها في الوقت الحالي، ليست في محلها المناسب، لأن الجزائر العاصمة كلها إلى غاية منطقة بومرداس ليست آمنة، وعليه لا ينبغي إنفاق الأموال على مشاريع مهددة بالزوال في غضون سنوات قصيرة. وهذا ليس كلاما اعتباطيا بل هو ثمرة بحوث ودراسات قام بها علماء ومختصون في الفلك والجيولوجيا، والبناء والتعمير، مشيرا إلى بناء مسجد الجزائر في بدايته وهو ما يسمح بتدارك الوضع وإنقاذ ما يمكن، والبحث عن مكان أنسب لإنجازه، وهو مشروع تفتخر به الجزائر والعالم الإسلامي ككل.. ما يجعلنا مسؤولين عن إنجاح هذا المشروع. وأكد رئيس جمعية المقاولين الجزائريين، في حديثه ل”الفجر”، ضرورة تفريغ العاصمة أوإخلائها من السكان قريبا، وذلك يحدث بتدارك المشكل وتحويل العاصمة للمناطق الداخلية لتفادي البقاء في منطقة النشاط الزلزالي، وكذا انجراف التربة التي أصبحت تهدد الكثير من بلديات العاصمة، التي أضحت واضحة للجميع، حيث ظلت وضعية العديد من السكان في النسيان وتجاهل المسؤولين المحليين لها إلى أن انهارت على من فيها مسجلة العديد من الضحايا، كما حدث مؤخرا بكل من بلديات المقرية، القصبة، وبولوغين بمجرد نزول المطر. وصارت الأمطار تبعث الرعب بالعاصمة في نفوس المواطنين لما ستخلفه من كوارث على مستوى السكنات الهشة والفوضوية، وكذا الطرقات التي تغرق مخلفة أزمة سير حقيقية. الجزائر تحتل الصدارة في التبذير على مشاريع غير مدروسة وفي سياق الحديث عن الأموال الطائلة التي مازالت تنفق على إنجاز مشاريع كبرى بالعاصمة، دون التأكد من جدية الدراسات التي أنجزت من طرف مكاتب الدراسة المكلفة بهذه المشاريع، وكذا المؤسسات والمقاولات المسؤولة عن إنجاز هذه المنشآت، أكد ذات المتحدث احتلال الجزائر المراتب الأولى في الإسراف وتبذير الأموال، وذلك حسب الدراسة المعدة من طرف الاتحاد الأوربي التي تم نشرها الشهر الماضي عبر موقعها على شبكة الأنترنت، مؤكدين أن دولتنا تعد من أكبر الدول عالميا في تبذير أموالها على مشاريع غير مجدية، في إشارة منها لتلك المؤسسات والإدارات وكذا السكنات المنجزة في منطقة تأكد عنها من طرف المختصين الفلكيين وكذا علماء الجيولوجيا، أنها منطقة نشاط زلزالي أو مهددة بخطر الفيضانات، ليضاف مشكل آخر لكل الكوارث التي تهدد العديد من المناطق العمرانية ببلادنا يتمثل في انجراف التربة وانهيار المجمعات السكنية والعقارات المختلفة، ما جعل المختصين يتساءلون عن المستقبل الذي ظل أمام الجزائر العاصمة.. لننفق بها الملايير من الدولارات في مشاريع مهددة بالانهيار. 40 مليار دج لدفع الخطر عن المدن المهددة بالفيضانات قررت الحكومة الجزائرية مؤخرا اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية إن صح التعبير، وذلك من خلال الانطلاق في إنجاز برنامج حماية المدن المهددة بخطر الفيضانات بشكل جاد هذه المرة والتي ستستمر إلى غاية سنة 2014، حيث يتضمن هذا المشروع الذي خصص له مبلغ ضخم قدره 40 مليار دج، إنجاز خارطة توضح جميع المناطق العمرانية المعنية بخطر الفيضانات والبالغ عددها 30 ولاية من بينها العاصمة، المسيلة، غرداية، البيض، باتنة، سيدي بلعباس، بجاية، الطارف، عنابة، بومرداس، البويرة، وميلة، وهذا طبقا لما خلصت إليه اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة وإحصاء هذه المناطق للمباشرة في تنفيذ البرنامج المخصص لها وفق المخطط الخماسي 2010-2014 لحماية المدن، إلى جانب التعليمات التي أمر وزير الموارد المائية، حسين نسيب، مؤخرا بضرورة تطبيقها، على غرار أشغال صيانة وتنظيف شبكة الطرقات والمجاري المائية لتجنب وقوع المزيد من المشاكل لدى هطول الأمطار، بالإضافة إلى تنظيف مصبات الأودية على مستوى الجسور، وكذا تطهير المنشآت المائية. كما ذكر ذات المسئول المشاريع التي هي طور الإنجاز بنسب متفاوتة، وعددها 13 مشروعا مسجل بميزانية 2012 وبتكلفة 3.56 مليون دج، حيث تتراوح نسبة إنجازها إلى يومنا هذا باختلاف المشاريع بين 15 و90 بالمائة. وأكد الوزير نسيب اهتمام الدولة بشكل جاد بهذا الخطر المحدق الذي يهدد العديد من ولايات الوطن، ما جعلها تخصص مبالغ مالية ضخمة لإنجاز المشاريع الواقية من هذه الكوارث، على شاكلة البرنامج المعد لولاية البيض وحدها والمتضمن 6 عمليات مدرجة ضمن البرنامج القطاعي لهذه السنة، وقد خصص لهذه المشاريع 1.2 مليار دج لحماية المناطق العمرانية من خطر الفيضانات. ومن بين الإنجازات التي تطمح الحكومة لتطبيقها للحد من عواقب هذه المخاطر، إنجاز جدران وقائية وتوسيع الأودية، وهو ذات المشروع الذي تهتم ذات الجهات بانجازه بمنطقة سيدي سليمان المهددة بخطر الغرق، والتي رصد لها مبلغ 100 مليون دج لإنجاز جدار واق. إعادة بعث المشاريع الكبرى في مدينة بوڤزول من جانبه، أكد وزير التهيئة العمرانية والبيئة، عمارة بن يونس، الشهر الماضي على هامش زيارته التفقدية للمدينة الجديدة بوڤزول، أن الحكومة مستعدة لمنح أراض وعقارات بالمجان للمستثمرين لجذب المزيد منهم لإنجاز مشاريع تنموية بالمنطقة، وذلك بعد أن أعادت السلطات بعث المشاريع بعين المكان، على غرار السكنات، الترامواي، مراكز البحث، وشركات صناعية على اعتبار أنهم يتوقعون استقطاب ما يفوت 400 ألف مواطن للحصول على مناصب شغل دائمة، مشددا على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز بعد أن عرفت توقفا طويلا، ليؤكد بذلك أن الدولة لم تصرف النظر على مشروع المدينةالجديدة راج عنه مؤخرا، ولذلك لجأت الحكومة الجزائرية لجذب المستثمرين للمنطقة من خلال منح أراض مجانية لخدمة المنطقة وإنمائها.