فند أخصائيون وخبراء في علم الفلك والجيولوجيا ارتباط ارتفاع منسوب مياه البحر بتساقط الأمطار بعد تبريرات السلطات المحلية للعاصمة، محذرين في حديث مع “الفجر”، من الفيضانات التي تهدد نصف بلديات الوطن بالتزامن مع تساقط أولى كميات من مياه فصل الخريف. الخبير في الكوارث الطبيعية، شلغوم عبد الكريم: لا علاقة لارتفاع منسوب مياه البحر بالفيضانات، و700 بلدية مهددة بالخطر إستبعد عدد من المختصين في الجيوفيزياء ارتباط ارتفاع منسوب مياه البحر وتسببه فيما وقع بالجهة الساحلية للعاصمة من بلديات الحراش، بلوزداد، باب الزوار وبوزريعة، التي كادت تغرق طرقاتها في مياه الأمطار وليس البحر. كما أكدوا أن الفيضانات لا تحدث جراء ارتفاع منسوب مياه البحر، وإنما الأمطار الغزيرة التي لم تجد لها منفذا إلى البالوعات التي كانت مسدودة بسبب انعدام أشغال صيانتها من طرف المصالح المختصة بتلك البلديات.. ما بعث الخوف في نفوس المواطنين العاصميين من تكرار سيناريو فيضانات 10 نوفمبر عام 2001 التي راح ضحيتها أزيد من 700 شخص، والتي كانت نتيجة لذات الأسباب، ومع ذلك لازالت الأخطاء تتكرر دون أن تعبأ تلك الجهات بحياة المواطنين المعرضين لخطر الموت غرقا. كما أن تجاهل القاطنين على ضفاف الوديان والأنهار أمر خطير بسبب احتمال أن تفيض عليهم بانهمار مياه الأمطار الغزيرة مرة أخرى، إضافة لمشكل انجراف التربة، حيث يتساءل الجميع عن مصير مشروع حماية المدن المهددة بخطر الفيضانات، الذي طبق على مدينة باب الوادي إلى حد الساعة، وهو ما جعلها خارج دائرة الخطر نوعا ما، فمشروع نفق وادي المكسل الممتد من أعالي منطقة بوزريعة إلى باب الوادي كلف الدولة مبلغ 500 مليار سنيم، والعديد من المختصين يطالبون بتعميم مثل هذه المشاريع على كافة المناطق المهددة بالغرق، والتي تقدر بأزيد من 700 بلدية بمختلف ولايات الوطن على غرار، باتنة، عنابة، الجزائر العاصمة، أدرار، بشار، تيزي وزو، برج بوعريريج، والمسيلة، حسبما أوضحه الفلكي شلغوم عبد الكريم. مخطط تطوير العاصمة “مهزلة كبرى” حذر هذا الأخير، في حديث مع “الفجر”، من وقوع كارثة بل كوارث إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة من قبل الحكومة، باعتبار أن المخاطر تهدد نصف بلديات الوطن المصنفة في الدائرة الحمراء، مثيرا مسألة تهريب العاصمة الإدارية والصناعية لمدينة بوڤزول التي تضاربت حولها الآراء منذ الإعلان عن المشروع، واصفا الأمر بالمهزلة الكبرى لأن الواقع لا يدل على التعامل جديا مع هذه الفكرة، إذ ماتزال حكومتنا مصرة على إنجاز المزيد من البنايات الإدارية ذات قدر كبير من الأهمية بالعاصمة، كما حدث مع مبنى وزارة المالية بمحاذاة وادي حيدرة، ووزارة الطاقة والمناجم ووزارة الخارجية وغيرها من العقارات ذات الوزن الثقيل. حتى مشروع تجديد العاصمة ومخطط تحويلها لمدينة حضارية بمواصفات عصرية آفاق العام 2030، مهزلة كبرى، حسب رأي الفلكي شلغوم عبد الكريم، موضحا أن العاصمة ما عادت قادرة على استيعاب مثل هذه المشاريع التي يذهب ضحيتها دائما المواطنون. بوناطيرو: تحويل العاصمة الإدارية إلى بوڤزول هو “حل على المدى البعيد” ثم إن الأموال المستثمرة في إنجاز مثل هذه المباني الفاخرة حري بها أن تكون بمناطق مدروسة تقنيا على المدى البعيد، وليس إنجازها بقلب العاصمة التي ما عادت تتحمل بفعل النشاط الزلزالي وانجراف التربة، وهو ما يؤكد عليه الدكتور لوط بوناطيرو، المختص في علم الفلك، معتبرا مشروع تهريب العاصمة الإدارية والصناعية لمدينة بوڤزول هو الحل ذو المدى البعيد، ولكن شريطة أن تحمل معالم ومواصفات المدن العالمية من خلال إمدادها بكامل المرافق والوسائل، على غرار الأنفاق والميترو وغيرها، بينما يتمثل الحل على المدى القريب في أعمال الصيانة عبر المجاري والبالوعات لتفادي تكرار سيناريو “نوفمبر الأسود”. سليمة حفص توقع نشاطا زلزاليا عقب خسوف القمر نوفمبر الحالي، نعمر علي : موسم الشتاء سيكون ممطرا وثلجيا لكن أقل حدة من العام الماضي من جهة أخرى، أرجع الباحث المختص في علوم الفلك، نعمر علي، الكوارث الواقعة بالعاصمة وعدد من ولايات الجزائر بعد نزول الأمطار القوية بحر الأسبوع الفارط لعدة أسباب، من بينها الحرائق المرتكبة في حق الغطاء النباتي، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تعرية الأرض وانجراف التربة، ليطال العقارات الهدم بعدها محدثة كوارث إنسانية ومادية، فالغطاء النباتي ليس مصدرا للأكسجين فقط، يضيف، بل لديه دور هام أيضا يتمثل في امتصاص مياه الأمطار، مؤكدا “وبسبب التعرية الحاصلة نحن عرضة للمخاطر”، لاسيما المدن الداخلية، حيث يتوقع ارتفاع منسوب مياه الأنهار والوديان بشكل ملحوظ، وهو ما سيعرض حياة القاطنين على ضفافها للضرر لا محالة. كما توقع واضع النظرية الافتراضية للزلازل، نعمر علي، تجدد فيضانات نوفمبر الأسود بباب الوادي في أي منطقة من المناطق المهددة، وخطر امتدادها للبلديات الواقعة بالساحل العاصمي على غرار بلوزداد، الحراش، باب الوادي، وباب الزوار، خاصة مع اقتراب موعد خسوف القمر المتوقع شهر نوفمبر الحالي، والذي سيترتب عنه نشاط زلزالي نتيجة انبعاث الطاقة وارتفاع درجات الحرارة بسبب الإشعاع الشمسي، ولدى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير طبيعي أو تساقط كميات كبيرة من الأمطار الفجائية قد يؤدي لوقوع كارثة، كما حدث بولاية المسيلة التي تعرضت لفيضانات بتاريخ 3 سبتمبر الماضي أدت إلى مقتل 9 مواطنين بعد أن جرفتهم مياه النهر وهم داخل سيارة، حيث تلعب مياه الأمطار دورا كبيرا في حدوث هذه الكوارث، وخير دليل على صحة هذه الفرضيات هو الزلزال الذي ضرب منطقة مفتاح بولاية البليدة عقب تلك الأمطار الطوفانية بقوة 3.4 على سلم رشتر، ولحسن الحظ ضرب الزلزال في الفترة المسائية وبقوة صغيرة ما جعل العواقب سليمة لا تبعث على الخسائر المادية والجسمانية على حد سواء، بينما تشكل الهزات الأرضية الواقعة خلال الفترات الصباحية الخطر للعلاقة بين الجاذبية الشمسية والنشاط الزلزالي والتي قد تأتي على مركز الهزة بأكملها، كما حدث خلال العام 1716 بتاريخ 03 فبراير في حدود الساعة ال 7.30 صباحا، حيث يؤكد المؤرخون وعلماء الفلك أن ذلك الزلزال الذي ضرب بقوة 7.3 على سلم رشتر كان شبه تسونامي وأتى على الجزائر العاصمة وأوقع العديد من الضحايا، ما استدعى بناء العاصمة من جديد من طرف العثمانيين. “الحرائق الإجرامية” سبب في حدوث الكوارث الطبيعية كما أكد الباحث نعمر العلي أن ما وصفه بالحرائق الإجرامية سبب مباشر كذلك في حدوث الكوارث الناجمة عن الأمطار الطوفانية، نظرا للدور الذي تلعبه الأشجار في مثل هذه الحوادث والتي تتمثل فائدتها ليس فقط في مدنا بالأوكسجين بل وفي امتصاص مياه الأمطار، لكن هذه الحرائق التي تأتي على آلاف الهكتارات سنويا تحرمنا من الغطاء النباتي الذي نحن بحاجة إليه ليقينا من خواطر الأمطار الغزيرة، كما حدث بحر الأسبوع الماضي، أين غرقت العاصمة في مياه الأمطار وانجرفت التربة بعدد من المناطق، ما أدى لانهيار منزل ببلدية المقرية وموت امرأة وإصابة آخرين، فالسلطات لابد لها أن تلعب دورها كما يجب للتعامل بجدية مع هذه الحوادث التي غالبا ما تكون بفعل فاعل، فالجزائر خسرت سابقا أشجار الفلين التي كادت تحتل بها المرتبة الأولى عالميا من حيث إنتاج هذه المادة، ولكن للأسف الشديد ألسنة اللهب أتت عليها وكلفت بلادنا خسائر كبيرة، سواء كانت خسائر نفسية وجمالية أومادية، والأمر ذاته يتكرر في الوقت الراهن مع غابات تيكجدة والشريعة التي تزخر بأشجار الصنوبر ذات النوعية العالية، أتت عليها كاملة بفعل الحرائق المتكررة في كل موسم صيف. وشدد المتحدث ذاته على ضرورة عدم الاستهانة بما كان يفعله أسلافنا قديما، حيث تميزوا بذكائهم في غرس أشجار الزيتون المعمرة، وكذا التين والصنوبر، وهي الحل المثالي لتفادي وقوع المزيد من الحوادث المترتبة عن الأمطار الطوفانية، خاصة أن غياب التغطية النباتية يساعد على ارتفاع منسوب مياه البحار والوديان والأنهار. وأضاف البروفيسور أن نسبة الوفيات بسبب الاختناق خلال موسم الحرارة تزداد سنويا، بفعل التعرية النباتية التي تخلفها الحرائق المرتكبة في حق الغابات، حيث تزداد المدن المهددة بهذا الخطر سنويا، ويذهب ضحيتها الشيوخ والصغار على حد سواء بسبب الاختناق، خاصة أن كثافة السكان في تزايد مستمر، إذ تقارب ال 40 مليون نسمة. وللحفاظ على الإمكانيات التي تتمتع بها بلادنا، فنحن بحاجة لمجهودات وزارة البيئة لزرع ثقافة البيئة لدى المواطن عن طريق تكثيف الجهود مع الجمعيات المختصة وزرع الأشجار، وتكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية عبر وسائل الإعلام، إلى جانب الإجراءات الإستعجالية التي يجب اتخاذها على مستوى الوديان التي تحتاج للصيانة وتحديد مسارها أو تغييره، لاسيما مع توفر الإمكانيات والتكنولوجيا الحالية، وكذا ترحيل السكان من ضفافها. كما يؤكد الخبير أن موسم الشتاء القادم سيعرف غزارة في الأمطار، وسيشهد تساقط الثلوج تماما كما حدث العام الماضي، إلا أن موجة البرد ستكون أقل حدة بقليل، ما يدفعنا للاستعداد جيدا من خلال الوقوف بجدية على أعمال صيانة المجاري والبالوعات، وكذا توظيف الكفاءات لضمان تفادي العديد من المخاطر المترتبة عن الأمطار الغزيرة والمتواصلة. سليمة حفص دراسة دولية لتقييم مخاطر الكوارث الطبيعية تحذر خطر تحول حدوث الزلازال والفيضانات إلى “كارثة إنسانية” مرتفع في الجزائر حذر تقرير دولي متخصص يقيّم المخاطر الدولية بشان الكوارث الطبيعية الجزائر من ارتفاع نسبة تحول حادث طبيعي إلى “كارثة إنسانية”، مقدما جملة من التوصيات بعيدة المدى لمواجهة المخاطر المحتملة وحماية السكان. وكشف التقرير العالمي للمخاطر، الصادر مؤخرا، أن الأضرار الناجمة عن حوادث الطبيعة كالزلازل والعواصف يمكن خفضها بشكل كبير، وأوضح بشكل عام تحتل الدول العربية منزلة وسطى في مؤشر المخاطر التي يتعرض لها العالم، وهناك دول الخطر فيها قليل جدا مثل قطر. كما نلاحظ وجود فروق بين دول المشرق ودول المغرب العربي، فالمخاطر في الجزائر أكبر مما هي عليه في مصر والسعودية. ونلاحظ أن خطر تحول حدث طبيعي إلى كارثة إنسانية مرتفع نسبيا في دول شمال إفريقيا، وخاصة الجزائر التي تحتل مرتبة متقدمة في المؤشر، في حين تحتل اليمن مرتبة متوسطة حسب التقرير. كما ذكر بالفرق بين دولة وأخرى في الاستعداد لمواجهة الزلازل والبراكين والفيضانات.. مثال ذلك فيضانات استراليا وفيضانات باكستان، وأيضا زلزال هايتي وزلزال تشيلي. في باكستان وهايتي مات مئات الآلاف، أما في استراليا وتشيلي فمات العشرات فقط، رغم أن فيضانات استراليا كانت تاريخية في حجمها وزلزال تشيلي كان تاريخيا في قوته. لكن هاتين الدولتين اتخذتا عدة إجراءات تحسبا لمثل هذه الكوارث وذلك على عكس هايتي وباكستان. وهذه هي الرسالة التي حملها التقرير العالمي للمخاطر لعام 2011، ويرجع التقرير ذلك إلى صلابة المجتمعات ومدى استعدادها لمواجهة مثل هذه المخاطر. وأشرفت على إعداده جامعة الأممالمتحدة للبيئة بالتعاون مع مؤسسات ألمانية وعالمية. وقام بعرض نتائجه بيتر موكه، الرئيس التنفيذي لاتحاد “انتفيكلونج هيلفت”، الذي قال إن التقرير اعد لتحديد المناطق المعرّضة أكثر من غيرها لخطر الكوارث الطبيعية، ولإظهار أن الأضرار تكون فادحة حين تقع كارثة طبيعية قوية، كالزلزال مثلا، في منطقة لا يملك سكانها الوسائل الكافية لحمايتهم ويكونون أقل استعدادا لمواجهتها، مضيفا أن هدفنا الأساسي من إعداد التقرير هو إظهار أن حوادث الطبيعة كالزلازل والبراكين والعواصف، لا يجب أن تؤدي إلى حدوث كوارث إذا اتخذت إجراءات السلامة والوقاية قبل وقوع هذه الحوادث. نحن لا نملك القدرة على منع وقوع عاصفة أو زلزال، لكن يمكننا عبر الوقاية، عمل الكثير لمنع وقوع كارثة. وقدم التقرير توصيات محددة لتحسين أداء السلطات وإدارة الأزمات كي تتصرف بسرعة وعلى وجه سليم في هذه الحال، منها تحسين الخدمات الطبية.